مهام قديمة بهيكل إداري جديد
في مطلع شهر تشرين الثاني من هذا العام، وجه رئيس مجلس الوزراء، وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لمتابعة انشاء مركز وطني لدراسة الأسعار، بهدف أن يكون لدى الوزارة أسعار استرشادية، كان ذلك خلال الاجتماع الأسبوعي للمجلس في حينه.
مضمون الاقتراح مغاير للتوجيه
يشار إلى أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كانت قد تقدمت في النصف الثاني من هذا العام، باقتراح يتضمن إحداث مركز وطني للتسعير، مهمته حصر وضبط عملية التسعير به، بالمشاركة مع بعض الجهات العامة الأخرى، إضافة إلى جملة من المقترحات الأخرى، وذلك على أثر واقع تذبذب الأسعار وتفاوتها، وجشع التجار والمستوردين، عبر التلاعب بالمواصفة والسعر، وخاصة خلال الأزمة، إضافة إلى صدور قانون التجارة الداخلية وحماية المستهلك رقم 14 لعام 2015.
وبالمقارنة بين مضمون الاقتراح، ومضمون التوجيه، نجد أن هناك فارقاً كبيراً بالمعنى والهدف، حيث أن الهدف من الاقتراح كان التخلص من تعدد جهات التسعير القائمة حالياً، وحصر تلك المهمة بجهة واحدة، تتوفر لديها المعلومات والبيانات المطلوبة كافة ، إضافة إلى الصلاحيات، من أجل الحد من تفاوت الأسعار، وتوحيد السعر بنهاية المطاف على مستوى السلع والخدمات المقدمة للمستهلكين، ما يسهل تطبيق قانون التجارة الداخلية وحماية المستهلك الجديد، عبر الجهة المعنية بتطبيقه، على مستوى الرقابة على المواصفة والأسعار، الأمر الذي غاب عن مضمون التوجيه، الذي يعني أن مهمة المركز المشار إليه باتت تقتصر على جمع البيانات وتقديم الدراسات الخاصة بالأسعار، على شكل نشرات استرشادية فقط.
عبء إداري ومالي دون صلاحية
على ذلك؛ فإن إحداث هيكل إداري جديد بمسمى، المركز الوطني لدراسة الأسعار، سيكون عبئاً إدارياً ومالياً مضافاً إلى الهياكل الإدارية الموجودة أصلاً، حيث يوجد لدى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مديرية مسماة باسم مديرية الأسعار، ومن مهامها جمع البيانات وإعداد الدراسات اللازمة بشأن الأسعار، كما أن الوزارة وعبر هذه المديرية تعتبر إحدى جهات التسعير، ولكن كان وما زال، هناك عائق أمام الوزارة باستكمال مهامها التسعيرية على المستوى العام، يتمثل بأنها إحدى جهات التسعير العامة من أصل العديد من جهات التسعير العامة الأخرى، التي لها هياكلها الإدارية ومهامها الوظيفية، كما هناك العديد من الجهات التي تضع أسعاراً استرشادية، ما دعا الوزارة الى التقدم بمقترحها المذكور أعلاه.
والتساؤل المشروع؛ هل الحكومة تتقصد ذاك المعنى من عدم توحيد جهات التسعير، وعدم منح الهيكل الجديد تلك الصلاحية المقترحة بالتسعير، واقتصار مهمته على التسعير الاسترشادي؟، ولماذا؟، وهل ستقف وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مكتوفة الأيدي، أمام تعديل محتوى اقتراحها عبر توجيه رئيس مجلس الوزراء آنف الذكر، أم ستتمسك بمقترحها وتدافع عنه، بالحجة والبرهان على أهميته وضرورته، عبر متابعتها التي كلفت بها بهذا الشأن؟.
أهمية توحيد جهات التسعير
بمطلق الأحوال، فإن إحداث مركز وطني لدراسة الأسعار ووضع النشرات التأشيرية، لا يمكن بحال من الأحوال أن يغني عن أهمية توحيد جهات التسعير المتعددة القائمة حالياً، من أجل حسن المتابعة والرقابة، مع التحفظ سلفاً على إحداث هياكل إدارية لاتغني ولا تسمن من جوع، تضخم القطاع الإداري، وتزيد من كتلة الإنفاق العام، على مهام تقوم بها جهات عامة عديدة أصلاً.
على هامشه
وبالإشارة إلى قانون التجارة الداخلية وحماية المستهلك رقم 14 لعام 2015، ننوه إلى أن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لم يصدر القرارات والتعليمات التنفيذية اللازمة لتنفيذه، حسب نص المادة 62 منه، حتى تاريخه، كما ما زال عناصر حماية المستهلك(المراقبين التموينيين)، يتخبطون في مجال تطبيق القانون المذكور، وكأن الوزارة غير معنية بحسن تطبيقه وتنفيذه، حيث تشير المعلومات إلى أن الكثير من التساؤلات والاستفسارات كانت قد قدمت وعرضت عبر العديد من مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالمحافظات، في معرض تطبيق القانون المذكور من قبل عناصر حماية المستهلك، منتظرين صدور التعليمات والقرارات اللازمة من أجل توحيد آليات العمل بموجبه، مع العلم بأن التخبط المذكور آنفاً لا يعني حالة الاستياء، بل على العكس، فان البعض من عناصر الرقابة التموينية مسرورون من ذلك التخبط، ومستفيدون منه.