الصحة... ليست بخير
موجة الحر القاسية التي تشهدها سورية والمنطقة هذه الأيام ألقت بثقلها على صحة المواطنين خصوصاً أنها أتت في موسم العيد والعطلة الصيفية، وهو الموسم المفضل للأطفال، وقد أدت إلى إصابات كثيرة بضربة الشمس وأمراض التهاب الأمعاء والمعدة، هذا بالإضافة إلى الكسور والوفيات القليلة نتيجة حوادث الإهمال والفوضى.
لكن ما يزيد الأعباء ليس هذه الموجة الطارئة، بل الاستراتيجية التي تتبعها وزارة الصحة ومؤسساتها، من مراكز صحية ومستوصفات في التعامل مع المواطن على أنه كائن مارق وغير حقيقي، وتمارس بحقه الاستخفاف، فهي غير ملزمة بعلاجه إلا بالقدر الأدنى من الرعاية، أو الجواب الأبدي: (ليس لدينا سوى هذه المسكنات، ولا يوجد لدينا جبس للتجبير، وخذ هذه الوصفة واشتريها)...وهكذا سيل من الإجابات السلبية.
وهذا هو الحال في أغلب المراكز الصحية التي مهمتها تخديم الطوارئ الصغيرة، أحد موظفي مستوصف صحي كبير في ريف دمشق، أقسم على أن ما يتم سرقته من أدوية يكفي لعلاج كل مرضى القطاع الذي يخدّمه هذا المركز، ولا يمكن لمريض أن يعود من دون دواء، بينما أكياس الدواء تباع من البعض جهاراً نهاراً، أو توزع كهبات ومحسوبيات.
الموظف الساخط أكد: أن بعض المواد التي تأتي عن طريق مؤسسات الإغاثة الدولية (كأغذية سوء الامتصاص والبسكويت توضع كهدايا في سيارات أصحاب النفوذ كعطية مقابل أخرى منتظرة، وعلى هذا المقياس يفترض القياس، لتقدير مصير أغلب نفقات الصحة والدواء الذي (يُضرب السوري بمنيّة) به، بينما عملياً يواجه السوق ليؤمنه..
وزير الصحة في اجتماعه الأخير مع أعضاء مجلس الشعب أكد أن (الوزارة تعمل حالياً على إعادة دراسة تعديل أسعار الأدوية «المقطوعة»، حصراً بهدف تأمينها وليس رفع أسعار الدواء، وهناك اجتماعات مستمرة من أجل ذلك، وقريباً سوف يتم إصدار قرار رسمي بذلك)....بينما السوق لا تعطي بالاً لهذه التصريحات وسواها، وتعمل وفق أجندة مختلفة تحكمها التجارة، التي تقبض على صحة الناس وجيوبها، فيما التفت أعضاء المجلس لطلباتهم في تعيين المقربين منهم كموظفين مؤقتين بعقود موسمية رفضها الوزير.
الصحة ليست بخير لأنها تحتاج إلى قوانين رادعة، تأخذ بعين الاعتبار أن المواطن روح مقدسة، يجب عدم العبث بها من أجل المال الفاسد، والعلاقات المارقة التي يعلو كعبها في زمن الفساد والموت.