الجندي الطفل.. في محرقة الفاشية
أمينة، امرأة سورية من دير حافر في حلب فقدت زوجها على يد تنظيم داعش بعد أن حاول منع إلحاق ابنه بالتنظيم، الصبي الذي قتل لاحقاً في إحدى معارك داعش على إحدى بقاع سورية، لينتهي بها الأمر نازحة في مدينة حلب لتحمي باقي أبنائها..
في ظل الفوضى الراهنة، والدمار الاقتصادي والروحي، تتسع البيئة المساعدة على انتشار تجنيد الأطفال، حيث تحدثت العديد من التقارير عن أرقام مخيفة حول هذه الظاهرة، فما يزيد عن 3 ملايين طفل خارج المدارس في مناطق الصراع الدائر في المنطقة، ومعرضون لإغراءات الانضمام لداعش، و5 ملايين طفل تأثروا سلباً بسبب العنف المستمر، في حين أن أعداد الأطفال المنخرطين في صفوف هذا التنظيم، لا تقل عن 800 طفل تحت سن 18 قد تم تجنيدهم في العلن، ضمن مراكز «أشبال الخلافة» لحث أولياء الأمور على إرسال أبنائهم إلى المعسكرات وإخضاعهم لدورات شرعية وعسكرية.
الفقر والضعف.. طرق التجنيد
عمليات تجنيد الأطفال تتم بوسائل عدة ومنها الخطف، وصولاً إلى شراء الأطفال من أسرهم، مستغلين إما فقرهم الشديد بإغرائهم برواتب مجزية، أو عجزهم عن التصدي لهذا التنظيم المجرم.
كما عمل التنظيم على استثمار عوامل جذب عدة كتأمين بعض الأنشطة الترفيهية والألعاب، و منها ما وصفته لنا (ندوة) السيدة التي تقطن في مسكنة قائلة: «يستخدمون أطفالاً لمهمة التجنيد، حيث يستعرض هؤلاء ما يملكونه من امتيازات وأموال بالدولار ويقومون بشراء ما طاب لهم، يغري هؤلاء الأطفال الآخرين، الذين لا يملك ذووهم كسرة خبز لإطعامهم، فكيف بإغرائهم؟!، وبالنتيجة يتم استدراجهم للهاوية حيث تستحيل كل المحاولات لاستعادتهم»..
مراحل امتلاك الأطفال..
ففي المرحلة الأولى تنظم ندوات وحلقات، عنوانها الرئيس: هو الجهاد والقتال، يتعلم فيها الطفل أن مستقبله سيكون أفضل إذا ما انخرط في قتال «الكفار» للتأثير فيهم وتغيير طريقة تفكيرهم، مستغلين صغر سنهم وحماسهم وعدم استطاعتهم على التفكير بنضج، ما يجعله يشعر بزهو عندما يتم تصويره وهو يمسك سلاحاً كعلامة على أنه أصبح قوياً وباستطاعته شق طريقه بنفسه كصور أبطال الكرتون التي تغص بها ذاكرته..
لتأت المرحلة الثانية، ويتم جمعهم في مراكز ومعسكرات تؤمن لهم المأكل والملبس والمسكن، إضافة إلى تلقينهم الفكر الجهادي العسكري لمدة خمسة أشهر متواصلة، وفق نظام عنيف وشرس يهدف إلى سحق طفولتهم وتهيئة وعيهم لاستقبال ما يتم تلقينهم وإجبارهم على تعاطي عقاقير مضادة للقلق، ما يصيبهم بحالة من فقدان الإدراك والاستسلام العقلي ويغدون معها جاهزين لأي عملية توكل إليهم وإن طلب منهم ذبح أحدهم حتى لو كان من أفراد عائلته.
في محرقة الفاشية
يستخدم هؤلاء الأطفال المجندين، كدروع بشرية أحياناً ويجبروا على التبرع بالدم للإرهابيين المصابين، وفي الأعمال الميدانية المواكبة لأعمال الصراع مثل: الطهي والتنظيف وجلب الماء، أو تقديم المساعدات الطبية للجرحى. كما قد يُدفع بهم إلى الخطوط الأمامية كمقاتلين، أو كجواسيس يسهل زجهم في أي مكان. ليبلغ الأمر الزج بهم للقيام بعمليات انتحارية وقتالية كما جرى في منطقة عين العرب حيث ظهرت جثث الأطفال ضمن عناصر داعش، وتم القبض على العديد منهم.
قد يكون هؤلاء الأطفال من ضحايا الحرب السورية، الذين لم تعد هناك إمكانية لعودتهم إلى حياة طبيعية، حيث أصبحو في محرقة فاشية العصر الجديد، ولا يمكن انتزاعهم أو منع غيرهم من ولوجها، إلا بطريق وحيد، يعتمد أولاً السياسة والتوافق، الدولي والإقليمي لتقليم أدوات داعش وقدراتها، ولكنه يقوم قياماً كاملاً على نهضة مقاومة شعبية سورية، أثبتت جدواها في تجارب استعاد فيها السوريون كرامتهم وثقتهم بقدرتهم على الخروج، وبوهن (داعش)، أمام إرادة شعب يقوم..