الرياضيون و«إرادة الحياة»..!
أشخاص كُثر قد لا نسمع بتفاصيل حياتهم، سوى ما يتم تداوله بشكل عام. لكن في الحقيقة تكون حياتهم مليئة بالكفاح والنضال، الذي من خلاله استطاعوا التغلب على المصاعب والمعوقات التي تقف في طريقهم، حتى وصلوا إلى النجاح والشهرة وحققوا أهدافهم..!
عندما اطّلعت على فيديو بطلة التزلج الاسترالية *(جانين شيبرد) في حلقة من برنامج تيدكس (أروع قصص مواجهة الصعاب والتحديات على الإطلاق)، والتي كادت حياتها أن تنتهي مع إصابتها التي تهشمت فيها عظامها، وأصيبت بالشلل، وكادت أن تفقد الحياة، لولا بصيص الأمل، الذي أوقدته في نفسها، فصارعت المرض والإصابة حتى تعافت تماماً، بل وتعلمت مهنة الطيران، وقدمت للعالم أجمع، درساً في صنع الحياة من جديد، ودرساً في التحدي، وعمل المعجزات.
دروس مستفادة!
منهم نجوم في الرياضة وفي الفن وفي مختلف مناحي الحياة، وما دمنا هنا في رحاب الرياضة، سنتوقف عند هذا المفصل الذي يعجّ بمئات القصص، التي تستحق أن تُدوّن وأن يراها الناس، لأنها قصص كفاح ونجاح وبطولة، وربما بعضهم تكون قصصهم فيها مأساة، لأنهم لم يجدوا من يمد لهم يد العون، ليتابعوا مشوار النجاح والأمل الذي يعشش في قلوبهم، الذي كان من الممكن أن يكبر وينتعش، لو تهيأت له الظروف المناسبة.
أمثلة من عندنا
ليست المرة الأولى التي أنادي وأكتب مطالباً أن يتم تجسيد حياة الرياضيين في أفلام سينمائية ومسلسلات، وإن لم تكن كذلك، ففي أفلام وثائقية أو قصيرة جداً، لأنهم يستحقون ذلك، كونهم اجتهدوا على أنفسهم وتابعوا ليرفعوا اسم بلدهم وعلمه عالياً في المحافل الرياضية، فالرّياضي عندما يصبح نجماً أو بطلاً، فحياته ليست ملكاً له فقط.. بل ملكاً للجميع، ويجب أن يتعرّف الناس على تجربته وكفاحه، ليتم الاستفادة منه، كما يفعل الكثيرون في كل دول العالم ويصنعون من أبطالهم نجوماً يحتذى بهم.
الإرادة تنتصر
يستحق لاعب منتخبنا الوطني بكرة القدم وفريق الحرية «محمد دهمان»، أن يكون نجم مقالتنا هذه بامتياز، حيث استطاع بإرادته القوية أن يقاوم المرض الخبيث وينتصر عليه، ويبقى على اتصال مع كرة القدم بشجاعة نادرة رغم قَسوة المرض..!
وكذلك اللاعب «جمال كشك» لاعب منتخب سورية وفريق الجيش سابقاً، الذي استطاع حتى الآن، أن يصمد في وجه المرض العضال، الذي يمر به منذ سنوات، ويضرب مثالاً حياً في الإرادة والتعايش مع المرض، ليصبح مثلاً في الأوساط الرياضية والإنسانية..!
ولعل حياة بطلتنا الأولمبية «غادة شعاع» جديرة بالمتابعة والتصوير، وهي التي تغلبت على كل الصعوبات التي واجهتها، كما تغلبت على إصابتها وتابعت مسيرتها في الحياة أيضاً لتكون بمستوى رفيع وخير سفيرة للبلد.
كَسرٌ بالجمجمة..!
تطل علينا من بين الذكريات الكثيرة إصابة حارس مرمى منتخب سورية العملاق «عبد الناصر عباسي»، الذي يعتبر من أفضل الحـراس العرب على الإطلاق بثمانينات القرن الماضي، وربما الإصابة التي لحقت به بتصفيات أولمبياد موسكو ببغداد، هي من أكبر الإصابات التي تشهدها الملاعب المحلية والعربية، عندما تعرضت جمجمته لكسر تسبب بها لاعب الأردن نبيل التلي، بعد تألّقٍ غير عادي من العباسي، الذي انقض على الكرة ومنع هدفاً محققاً للأردن، وخرج يومها منتخبنا الوطني فائزاً بنقاط المباراة، وتأهل لنهائيات أولمبياد موسكو، بعد الإصابة دخل العباسي في غيبوبة وارتجاج في المخ، وكانت فترة العلاج طويلة إلى أن تعافى منها بفضل إرادته القوية، وعاد لممارسة حياته الطبيعية من جديد.
إرادة التحدّي..
ليس هؤلاء هم من قصدتهم فقط في مقالتي.. بل هناك نجوم كثر في بقية الألعاب وخصوصاً ألعاب القوّة والقِوى والمنافسات التي تتطلب الاحتكاك، كالألعاب القتالية والسباحة وغيرها.. حيث يكون اللاعب عرضة للإصابة، ولكن تبقى لدى هؤلاء إرادة الحياة أقوى من ذي قبل، كما أن هناك نجوماً عالميين كُثر، تعرضوا للتجربة ذاتها، واستطاعوا قهر المرض والإصابة والظروف، وباتوا مثالاً للنجاح في صُنع حياة جديدة لهم، حتى بوجود الإعاقة والمرض..!
ولعل رياضات ذوي الاحتياجات الخاصة (المعوقين) أكبر مثال على الإرادة الحديدية للإنسان، بما يملكه من عزيمة وإصرار على تحدي الظروف، وكل منهم يستحق أن يكون مثالاً لصناعة حياة أفضل له ولذويه ولمن حوله، وليكون عضواً فاعلاً في المجتمع، بدل أن يكون عالةً على نفسه وعلى أهله ومجتمعه.