من الذاكرة: «فضيحة بجلاجل»

من الذاكرة: «فضيحة بجلاجل»

ألتمس من القراء الأعزاء عذراً، إن خرجت في زاوية اليوم عن نهجها المعتاد بالبدء باستعادة أحداث من الذاكرة ودخلت مباشرة إلى الأحداث الراهنة شديدة السخونة التي تشغل أذهان أبناء الوطن، وتثير «استغرابهم» وتزيد همومهم وآلامهم. وما أقوله الآن هو محصلة لقاءات مع عدد كبير من الأصدقاء

والمعارف فاق المئة والأربعين خلال الأسبوع المنصرم، وأستطيع ذكر أسمائهم، ومحور أحاديثهم جميعها كان الوضع الملتهب الذي وصل إليه شعبنا وبلادنا، وكان سببا في إذكاء شعورهم الوطني المرتكز إلى إدراك حقيقة ما يجري، فتهافتت لدى الغالبية من أبناء الشعب تلك الثنائيات الوهمية المصنعة حديثاً أو مسبقة الصنع بكل براقعها المذهبية الطائفية وتوضحت المعادلة التي عبرت عنها افتتاحية العدد الأخير من قاسيون وهي بكل دقة «أمريكا = الإرهاب» وبناء على ذلك يتحقق الفرز الحقيقي والاصطفاف الصحيح بين النهجين بل بين المعسكرين والخندقين: خندق الإرهاب بكل مجرميه من مستعمرين و ظلاميين وشركائهم من حيتان فاسدين، وخندق شعوب تنشد التحرر والعدل والكرامة الإنسانية. فالمعركة اليوم على أرض الوطن قائمة بين خندق الشعب والجيش بوصفه جزءاً من الشعب وضامناً للوحدة الوطنية، وبين خندق الفساد الكبير وواشنطن وأدواتها وحلفائها وأزلامها من الفاشيين الجدد. والمعركة مفتوحة، ويحاول الأمريكي مستميتاً الانتقال بها إلى إحداثيات جديدة تعيدها إلى المربع الأول لتدخله العسكري المباشر والمنشود منذ اليوم الأول لانفجار الأزمة السورية، وهذا ما يدفعه وبمشاركة الفاسدين الكبار في سورية إلى رفض وإعاقة أي حل سياسي جدي للأزمة على أساس وقف التدخل الخارجي، ووقف العنف وإطلاق العملية السياسية على قاعدة الحوار والانفتاح على الناس ومعالجة قضاياهم المتراكمة والمستجدة بهدف تحقيق الانفراج عبر إحداث التغيير الجذري والشامل والتدريجي والسلمي والديمقراطي المطلوب والمستحق منذ عقود. وكما جاء في افتتاحية قاسيون: لقد توضح لكل الوطنيين السوريين أن العداء من حيث المبدأ لأمريكا وحده لا يكفي، بل يجب ويمكن أن يدعم بعدم مداهنتها ومهادنتها على طول الخط. وإن التمسك بالخيار الوطني وبالحل السياسي الجدي، هذه كلها مترادفات لمعنى واحد هو الحل الوطني الحقيقي للأزمة السورية القائم على التغيير الوطني الديمقراطي الجذري الشامل والسلمي الاقتصادي الاجتماعي والسياسي ولاسيما وقد تعرى الفاسدون المزاودون بـ «الوطنية» وتكشفت «زنقتهم» وبانوا على حقيقتهم شركاء في صف الأعداء، ولنا في الأغنية المصرية الوطنية إبان العدوان الثلاثي على مصر شاهد حي إذ تقول:
سقط القناع عن الوجوه النافرة
وحقيقة الشيطان بانت سافرة
لتندفع الجماهير الحرة خائضة معركتها الحقيقة
وقد عبرت عن ذلك أغنية وطنية لاحقة تقول:
«ابنك يقلك يا بطل هات لي انتصار
ولا فيش مكان للأمريكان بين الديار»
لا للأمريكان ولا شركائهم وأزلامهم...