كُرتنا السّورية.. خيبات مزمنة وظروف استثنائية..!
انتهى الموسم الكروي بكل تجلياته ومفرزاته، التي ألقت بظلالها على المشهد الرياضي برمته وكان جزءاً مهماً منه من حيث المضمون والشكل معاً.
الموسم الكروي الذي يمكن اعتباره الأكثر أهمية من بين المشاهد الرياضية، لما له من شعبية واهتمام، جرى خلال المواسم الماضية، ضمن ظروف اعتبرها الكثيرون واعتبرناه بحق استثنائية جداً، وجرى بطريقة غريبة وعجيبة..!
ملاحظات وتساؤلات أولية
كان ضغط المباريات وإقامتها ضمن تجمعين، هو الطريقة المثلى بالنسبة للأندية في ظروف الأزمة الحالية، ولم يكن هناك خيار متاح أمامه سواه، وقد صفقنا للاتحاد لمثابرته على إقامة النشاط الرياضي في ظل هذه الظروف وضمن هذه التحديات. ولكننا نتساءل:
ماذا كانت الفائدة التي حصلت عليها كرتنا السورية بشكل عام والأندية واللاعبون..؟ وهل تمت الاستفادة من الوقت المتاح لاستنباط برامج تطويرية تخدم اللعبة بشكل عام..؟ وهل فكر أحد في البحث عن حل لمنتخباتنا الكروية وأنديتنا للخروج من ثوب الخيبات التي عشناها على مدى عقود طويلة..؟
وهل ستكون مشاركة أنديتنا في البطولات العربية والآسيوية القادمة أفضل من التي سبقتها، والتي كانت مريرة بكل معنى الكلمة..؟ مع استثناءات بسيطة لا يمكن اعتبارها سوى طفرات ومبادرات شخصية لأنها لم تأت بناءً على عمل مدروس ومنظم..!
واقعٌ مؤلم
نجيب وبكل سهولة: كل هذا لم يحدث، وبقيت كرتنا مجرد نشاط (لا يسمن ولا يغني عن جوع) ولم نشاهد مسؤولاً رياضياً، يُطلّ علينا معلناً عن إستراتيجية طويلة أو قصيرة الأمد، لإنعاش اللعبة بشكل عام، أو لتقويم الاحتراف الأعوج الذي تسير عليه منذ أكثر من عشر سنوات، وتم فرضه وتطبيقه على اللاعبين فقط فيما بقيت باقي مفاصل اللعبة، هواة يديرون محترفين...!
وبقي اللاعب محترفاً بالاسم فقط،ولم يطرأ أي تحسن على مستواه الفني لينعكس على مستوى الدوري وعلى مستوى الرياضة بشكلٍ عام..!
وما زالت منتخباتنا تعيش كابوس التحضيرات الارتجالية والخيارات الصعبة للمدربين، وما بين التعصب للمدرب الوطني، وعدم القدرة على الاستعانة بمدرب أجنبي، ضيعنا عشرات السنين من عمر منتخباتنا هباءً منثورا، ناهيك عن رياضيينا والجهد المبذول، والأموال التي هدرت ونهبت..!
وما زال لاعبونا المحترفون في الخارج مصدر جدل، حول استدعائهم أو غض الطرف عنهم لخدمة المنتخبات الوطنية وهم كثر، ونجوم في أنديتهم..!
ومازال الخروج المبكر، سمةً دائمة لأنديتنا ومنتخباتنا من الاستحقاقات التي تشارك بها..
ومازال القائمون على اللعبة يفكرون بالطريقة ذاتها، التي كان أسلافهم قبل عقود يفكرون بها ولم تثمر شيئاً معهم..!
نجوم اللعبة تفرقت بهم السبل، حيث يلعب كل منهم في دولة، بحثاً عن مصدر رزقهم، في ظل دوري يقام لمجرد أداء الواجب، وربما تكون هذه هي الايجابية الوحيدة للظروف الاستثنائية وهي تواجد لاعبينا في أغلب الدوريات العربية، ومنهم من غرّد بعيداً في دوريات قارية وأوروبية.. ومع ذلك لم نستفد منهم في منتخباتنا..!
هموم الكرة السورية كثيرة ومتشعبة، ولم يتم الاستفادة من الكوادر السورية الموجودة لبناء اللعبة بشكل فعلي، ولم يتم البحث عن مخرج لها من عنق الزجاجة التي وقعت فيه، وبالتالي أصبحنا في نهاية الترتيب العربي للعبة وفي ترتيب متأخر على سلم الفيفا.
تعددت الأسباب والنتيجة واحدة
الكرة السورية عبر أنديتها لم تستطع يوماً أن تنهض بشكل قوي، وذلك لغياب العائد المادي والاستثمارات الصحيحة التي يمكن أن تدر على الأندية أموالاً تساعدها على العمل بسبب غياب التشريعات الناظمة للعملية الاستثمارية، لذلك بقيت عبئاً على المنظمة، ومازالت تستجدي التبرعات من أجل تسديد رواتب وعقود اللاعبين وغيرها من الالتزامات..
هذا غيض من فيض وجعنا الكروي الذي يلازمنا منذ سنوات مضت، ولم يشمر أحد عن سواعده للمعالجة الصحيحة، ومع ذلك هناك من يتغنى بإقامة النشاط الكروي في ظل هذه الظروف الاستثنائية وكأنه وحده من يعمل في هذه الظروف التي أثبت فيها المواطن السوري بشكل عام قدرته على تحدي كل الظروف القاهرة ليثبت للعالم أنه يعيش ومازال حياً..
ما نريده ونتمناه أن يستغل القائمون على اللعبة هذه الأوقات ليخرجوا علينا بإستراتيجية من شأنها أن تنعش الكرة السورية حتى ولو كانت على الورق، بدل أن ينام البعض على روتين عملهم اليومي الذي لم يقدم شيئاً للعبة التي تأخرت أكثر مما كانت متأخرة.