هل هناك من يقرأ في وزارة النفط والثروة المعدنية؟!
الجواب على تساؤل من هذا النوع أصبح واضحاً لدى كثيرين، وهو بالطبع لا.. وياللأسف!
منذ أعوام كثيرة خلت، كان الوزير السابق السيد سفيان علاو مع كل المفرزات التي أوجدها في قطاع الثروة المعدنية، وخصوصاً شركة الفوسفات، يشكل سداً قوياً أمام إثارة أية مشكلة تتعلق بهذا القطاع، حتى لو وصل الأمر إلى وصفه بالجريمة المنظمة ضد الثروة الوطنية والاقتصاد الوطني بشكل عام. أما وقد تشكلت وزارة جديدة يفترض بها إنتاج سياسة جديدة مع معالجة حقيقية وحاسمة لما مورس سابقاً وانتهاج مبدأ واضح في التصحيح والمحاسبة الجديدة لكل مرتكبي السوء بحق الدولة والمال العام، إلى استرداد هذه الأموال ومحاسبة المسؤولين عن كل هذا بمنتهى الجدية والصرامة.
نسأل الآن: ألم يحن الوقت لوجود موظف ولو من الدرجة الثانية في وزارة النفط لقراءة ما ينشر في الجرائد أو الوثائق المعلنة من شركة الفوسفات نفسها؟ والتي تم تعميمها إلى جميع الجهات الوصائية في الدولة، بما في ذلك وزارة النفط نفسها.
نود التذكير هنا بما نشرته الزميلة صحيفة البعث في عددها رقم (13803) تاريخ 9112009، والمتضمن فضح العديد من الارتكابات من إدارة شركة الفوسفات والمتعلقة بصفقات توريد العديد من الآليات، والأقشطة الناقلة، والمعدات المستوردة من الخارج والتي لا تزال في العراء دون استخدام أو استثمار، وحسب المثال المنشور في هذا العدد، وهو ملحق العقد رقم 688 المبرم مع شركة تكنو امبوت اكسبورت البلغارية، والذي تم بموجبه توريد معدات لتشغيل مجموعة مضخات غاطسة لمصلحة حوض الصوانة (مديرية الشرقية) عن طريق التحكم عن بعد بواسطة إشارات لا سلكية وحتى تاريخه لم يتم تحريك هذه المواد أو إخراجها من المستودعات، ولم يتضح حتى الآن المغزى الحقيقي لتوريد هذه المعدات وتسديد قيمتـها بالعمــلة الصـعبة... فهل كانت هذه المعدات لازمة للشركة فعلاً أم تم الاكتفاء بقبض العمولة جراء هذا العقد وانتهى الأمر؟!.
هذا مثال، ولا بأس بالتذكير بمثال آخر هو المعدات الموردة من رومانيا وبالفترة نفسها، والمتعلقة بالمعدات اللازمة لبناء مستودع في خنيفيس إضافة إلى مجموعة من الأقشطة الناقلة والغرابيل ووحدات التحميل... الخ.
في المحصلة وصلت حال هذه المعدات المشار إليها إلى التلف المؤكد لعدم تركيبها أو الاستفادة منها ولوجودها في العراء منذ لحظة توريدها وحتى الآن.
قمنا بعرض واقع شركة الفوسفات الحالي من مختلف الجوانب الإدارية والإنتاجية والتطويرية... الخ، وذلك في العدد رقم (561) من جريدة قاسيون حيث تم تبيان حالات التزوير في أرقام المنفذ من المنتج لمادة الفوسفات والمحقق من كميات كشف الردم في مناجم الشرقية وللأعوام (2006 – 2010) فقط حيث تجاوز المنتج الوهمي للفوسفات لهذه الفترة فقط (1.5) مليون طن وكمية كشف الردم المترتبة على ذلك الـ(3) مليون م3 شبكي، والذي كلف الشركة انفاق ما يتجاوز الـ(4.5) مليار ليرة سورية فقط لهذين البندين، ولهذه الفترة فقط، مقابل إنتاج وهمي لم يتحقق وكشف ردم لا أساس له إلا على الورق!.
قمنا بتأكيد واقع هذه الشركة وبمعلومات موثقة، وتمت الإضاءة إلى نواح اخرى، ذلك في العدد رقم ( 562 ) تاريخ 20 7 2012 ما يؤكد صحة ما جاء في عدد جريدة البعث المشار إليه أعلاه إضافة إلى التزوير المتعمد من إدارة شركة الفوسفات في طريقة احتساب الكلفة الحقيقية للإنتاج وإبراز أرباح لهذه الشركة لا تنسجم مع الواقع، ذلك لهدف دعائي واضح، وهو التعتيم على حقيقة ما يجري في هذه الشركة وعدم ذكر واقع الأمور الفعلي.
إن عدم وجود مبدأ محاسبة مالية مستقلة لدراسة كلفة الإنتاج الفعلية والأرباح الحقيقية لهذه الشركة يؤكد عدم وجود الجرأة لإدراة الشركة في تبيان الحقيقة. في هذا الصدد ومما تقدم لا نفهم ماذا يعني إن كان الوزير المختص هو سفيان علاو أم غيره، فالأسماء لا تهم بالمطلق، إن ما يهم هو المنهج في التعامل في ثروة وطنية كالفوسفات، ونتمنى هنا على الوزير الجديد السيد سعيد الهنيدي أن يجد لنفسه (30) دقيقة فقط للاطلاع وحسب.
إن مرور شهرين أو اكثر على تشكيل هذه الحكومة دون الاكتراث من وزير النفط الجديد بالتعرف على أهم الشركات الإنتاجية في هذه الوزارة أو حتى مجرد التعليق على ما ينشر من وقائع فضائح الإدارات السابقة والمستمرة حتى الآن في إدارة هذه الشركة، إن هذا ما يستدعي الاستغراب والتساؤل؟!.
وهنا نود التذكير والإشارة إلى أن كل ما تم التطرق إليه أعلاه لا يشكل إلا الجزء اليسير من الواقع. وإن لم يتحفنا الوزير بما هو مقنع من إجراءات على صعيد حفظ المال العام ومحاسبة الفاسدين وإعادة المنهوب من أموال الشركة إلى خزينة الدولة، سيجعلنا أمام فضح أرقام جديدة تتعلق بملفات أكبر، ليس أقلها تفاصيل تسويق الفوسفات السوري بأقل من نصف قيمته الفعلية ولمدى عدة سنوات إضافة إلى ملف القطع التبديلية والتي يتم استيرادها وبقيم تتجاوز الــ(200 %) من قيمتها الفعلية والتي لا تزال حتى الآن على رفوف المستودعات دون استخدام، أي إنه لم يكن هناك حاجة لاستيرادها.. اللهم إلا لغاية واحدة هي قبض العمولة على صفقة كهذه!!
إن ما نخشاه فعلاً هو أن يكون الوزير الحالي لا يملك من الوقت المتاح للتعرف على المشاكل الفعلية في الشركات التابعة لهذه الوزارة أو على المهندسين في هذه الشركات، اللهم عدا المسؤولين الحاليين كما فعل سلفه غير المأسوف عليه ذلك برغم كل ما تطرقنا إليه، وعدم قيام الوزير السابق بتنفيذ أي من توصيات الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، أو حتى مجرد الرد على العديد من الرسائل الموجهة له بهذا الخصوص، لا بل كان العكس تماماً وهو دعم كل مرتكب وفاسد!...
لا نرى ما يدعو إلى تذكير الوزير بتوصيات الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، حيث يكفي لسيادته قراءة ما سبق وذكرناه من الصحف، مثل جريدة البعث وجريدة قاسيون في أعدادها الأخيرة (561 - 562)...
نأمل من الوزير ِأن يتعرف وبشكل فعلي وميداني على واقع شركة الفوسفات وليس من خلال لقاء المسؤولين الحاليين لهذه الشركة، حيث أنهم وبكل بساطة لا يملكون أية فكرة أو معرفة لما يجري إضافة لجهلهم المطلق في تحقيق أي تطوير في هذه الشركة سواء في الإنتاج الكمي أو النوعي أو الحد من الهدر والسرقة في الأموال العامة....
نتمنى على سيادة الوزير الجديد أن يجد لنا تفسيراً كيف تصل تعويضات أذونات السفر في شركة الفوسفات في سنة الأزمة، وخصوصاً في شباط الماضي لأحد المسؤولين إلى أكثر من (40) ألف ليرة سورية في الوقت الذي لم يقم أحد في هذه الشركة بمزاولة حتى الدوام الرسمي إلا المدير المالي والمدير العام طبعاً، الهارب من مقر إدارة الشركة إلى مكان بعيد بحجة أن مقر الشركة في حمص غير آمن!.
تم إحضار المذكور المهندس رياض كداوي لإدارة شركة الفوسفات من منصب مدير منجم الملح الصخري بدير الزور مباشرة ليس بهدف تطوير الشركة وإنتاجها أو محاربة الفساد فيها أو التطوير النوعي، لا بل على العكس تماماً حيث تم إبلاغ المدير العام الحالي بما تم ارتكابه من مسؤولي الشركة الحاليين وبعدة مليارات من الليرات السورية وخلال سنوات محددة وبالأرقام والوثائق، إلا أنه وبقدرة قادر أوجد لنفسه مبرراً في الوزير السابق سفيان علاو الذي وجد أنهم خير من يجب أن يستثمر في هذه الإدارة وللهدف نفسه وهو القضاء على هذه الثروة الوطنية لتحويلها إلى استثمارات خاصة للقائمين على هذه الإدارة وأعوانهم.
سؤال برسم الوزير الجديد وبرسم نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية..