الصمت.. وتضارب المصالح.. فإلى أين؟
ما يسمى بالقوة الصامتة، التي نأت بنفسها عن الحديث أو المشاركة الفاعلة في الاحتجاجات الجارية في سورية، لم يعد لموقفها من جدوى تذكر، فهي بصمتها هذا تكرس أمراً آخر ليس له علاقة بموقف الصمت ذي الدلالات العميقة، ففي هذه الأوقات المفصلية من حياة البلاد، وخاصة في ظل استمرار سقوط الأرواح والدماء يومياً في مختلف من المواطنين المدنيين والعسكريين ، الشيء الذي يفاقم الأزمة الوطنية ويهدد البلاد بالفتنة الطائفية... أصبح على الصمت أن ينطق!!
إن تفاقم الحقد والكراهية يعني المزيد من العنف وردات الفعل، وبالرغم من أن الشارع قد قال كلمته «السلمية» إلا أن الكثير من الأطراف تعمدت ألا تسمع.. ليصبح الوزن الحقيقي في البلاد في ظل المخاطر التي تتهدد الحركة الشعبية في سورية يتمثل اليوم في قوتين كبيرتين لا يمكن الاستهانة بهما، وهما: الصامتون، والمشككون بضرورة التغيير في سورية، خصوصاً في ظل بروز انتهازية كم كبير من نخب الشرائح المتوسطة من الأكاديميين والكتاب والمثقفين والفنانين وغيرهم... والذين كان من المفترض أن يكونوا في طليعة القوى الوطنية من أجل التغيير، لكن انخراطهم وانغماسهم في تقبّل فتات النظام وعطاياه المشروطة جعلهم أذلاء وعاجزين غير قادرين على فعل شيء ذي قيمة.. وهذا الأمر يشمل أيضاً السياسيين والقادة المنتمين لهذه الشريحة الموجودين في قيادة الأحزاب التقليدية التاريخية التي أصبحت عبئاً على الوطن لا محركاً لقوى التغيير..
ليس من المستغرب أن تسير قوى كثيرة اليوم في ذيل موكب النظام وليس في مقدمة الحركة الشعبية، وهذا ما كان أحد ليتوقف عنده لولا آثاره الجانبية الخطيرة، فبمواقف هذه النخب المتخاذلة أصبحت تلعب دوراً خطيراً في تعزيز صمت الصامتين وتشكيك المشككين بضرورة التغيير، وكل ذلك من أجل الظفر برضا النظام والحلفاء التقليديين في الداخل والخارج، متناسين أنهم بمواقفهم المتراخية هذه قد يؤخرون الطوفان قليلاً.. لكنهم لن يستطيعوا منع حدوثه إلى الأبد!!.