من الذاكرة : شرف الريادة
قبل أيام معدودة، أتيح لي كشاب (متقدم في السن) أن أكون في عداد مجموعة كبيرة من الرفاق الشباب وبعض الكهول، ضمن اجتماع حزبي مكرّس لشرح الوضع السياسي من شتى الجوانب
وكان التقرير الذي قُدّم شاملاً، واتسم بعمق التحليل ودقة الدراسة، ومن ثم جاءت المداخلات من الرفاق والرفيقات لتكمله وتغنيه، ولا سيما تلك الفقرة التي تناولت القرار الذي أعلنته رئاسة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير بتشكيل ألوية الجبهة لتحرير كل الأراضي المغتصبة وعلى رأسها الجولان المحتل، وفتح باب التطوع أمام كل المواطنين السوريين، وقد أشعرني هذا الاجتماع بعظمة الانتماء للوطن الغالي، وشحنني بعزيمة وحيوية ذكرتني بأيام المد الوطني العارم في منتصف خمسينيات القرن الماضي، وبخاصة عام 1956 حين هبّ الوطنيون للانخراط في صفوف المقاومة الشعبية دفاعاً عن الوطن ضد أعدائه الإمبرياليين والصهاينة الرجعيين، فإذا ساحات سورية من أقصاها إلى أقصاها ميادين تدريب واستعداد لخوض غمار المعركة إلى جانب جيشنا الوطني، وكان رفاقنا رواداً لتلك المقاومة وفي صفوفها الأولى، و كذلك كان الأمر في أواخر ستينيات القرن المنصرم حين بدأ العمل الفدائي يشق طريقه عبر معارك باسلة عمّدها الفدائيون بالدم والشهادة، وأنزلت بالعدو الصهيوني خسائر كبيرة هزّت كيانه، وملأت قلبه بالرعب.
وقد كان لحزبنا الشيوعي السوري شرف المساهمة الميدانية في العمل الفدائي فأنشأ قوات الأنصار لتكون فصيلاً مقاتلاً جنباً إلى جنب مع الفصائل الفلسطينية، وأذكر حينها أن صحيفة قاسيون أفردت صفحة كاملة للعمل الفدائي تحت عنوان صفحة المقاومة بدءاً من العدد 18 أيلول عام 1970. وقد جاء في صدر الصفحة المذكورة تعريف بها :
«صفحة المقاومة في قاسيون هي صوت مكتب العمل الفدائي لدى اللجنة المنطقية لمنظمة الحزب في دمشق، جاءت لتسهم في معركة تعبئة القوى، جاءت لتدعو الوطنيين إلى اليقظة والكفاح العنيد، لتدعوهم للانخراط في صفوف الثورة، وتقديم الدعم المادي والمعنوي لتحقيق النصر في المعركة المصيرية التي يخوضها شعبنا ضد الاستعمار الأمريكي والصهيونية والرجعية العربية».
وفي أوائل ثمانينيات القرن العشرين شارك الرفاق في صفوف الكفاح مع الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وأقام الحزب دورات للرفاق المتطوعين، وقد حضرت بعضها في بيت الرفيق الحدّاد الشهم الراحل أبو عدنان مللي في سفح قاسيون. وانطلقوا إلى لبنان ليشاركوا في التصدي للغزو الأمريكي والصهيوني لأرض لبنان، وسقط منهم الشهداء الأبطال نضال آله رشي والدكتور ناصر عيسى وحكمت القطّان وعمر نعسان وعارف عبده... الذين زيّنوا صدر حزبنا بأنبل وأشرف وأعز الأوسمة.
واليوم يتجدد النفير داعياً الوطنيين السوريين إلى التطوع في ألوية الجبهة الشعبية للتحرير .. لتحرير الجولان المحتل الذي يهيب بالجميع أن يلبّوا النداء.