نشاط أدبي في ظلال العلم الوطني... ولكن؟!
عاصم حجي عاصم حجي

نشاط أدبي في ظلال العلم الوطني... ولكن؟!

أكدنا مرارا أن الظروف الراهنة، ظروف استهداف البنى والكيانات الوطنية من قبل أصحاب مشاريع الفوضى الخلاقة، تستدعي توفر أوسع وأعمق وحدة وطنية، وعلى هذا الأساس كان القول دائماً بضرورة سدّ كل الثغرات التي يمكن أن يتسلل من خلالها أعداء البلاد والعباد.

ولكن يبدو أن البعض من أصحاب القرار في جهاز الدولة لا يأخذ كل ذلك بعين الاعتبار بل يتصرف أحيانا عكس المطلوب ويأخذ سلوكه أشكالاً مختلفة ومنها ما حدث مؤخراً في محافظة الحسكة عندما حاول بعض المثقفين إقامة مهرجان للشعر الكردي السوري الذي أصبح تقليداً منذ 15 عاماً بصورة شبه علنية وأمام عيون الأجهزة الرسمية التي كانت تتعامل مع الموضوع في إطار سياسة المسكوت عنه والمغضوض عنه النظر!.

ولكن هذا العام قامت إحدى الأجهزة بمداهمة المكان ومنعت استمراره، ولم يتوقف الأمر على ذلك فقط بل تم استدعاء بعض المشاركين في المهرجان لمرات عديدة وتم التحقيق معهم، إلى أن تم توقيف ثلاثة منهم وإحالتهم إلى القضاء بتهمة مضحكة «إثارة النعرات الطائفية» وهم الآن موقوفون.

إن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الإطار هو: لمصلحة من يتم ذلك؟  لاسيما وأن المهرجان أقيم تحت ظلال العلم الوطني السوري!.

وفي الوقت الذي كان على السلطات أن توافق على إقامة مثل هذا النشاط على إحدى المنابر الرسمية بادرت إلى منعه وتوقيف بعض من شارك به، وكما أن «القومية الكردية جزء من النسيج الوطني السوري» فالثقافة الكردية هي جزء من الثقافة الوطنية السورية واغناء لها، وواجب الدولة  العمل على رعايتها وتطويرها، وفسح المجال أمام المختصين لإقامة نشاطاتهم علناً وصولا إلى منح الحقوق الثقافية، وذلك ليس لكونها حقاً مشروعاً للمواطنين الأكراد فحسب، بل كونها أيضا مصلحة وطنية بامتياز، باعتبارها تساهم في تعميق وتعزيز الانتماء الوطني، وتقطع الطريق على العقلية الانعزالية في الوسط الكردي، تلك العقلية التي يغذيها مثل هذه الممارسات من قبل البعض في جهاز الدولة.

لقد آن الأوان للتخلي عن كل محاولات الإقصاء والإلغاء وإنكار الوجود، فالواقع الموضوعي الذي لا يمكن القفز من فوقه يؤكد أنه ومنذ آلاف السنين يعيش في هذا الشرق العظيم شعوب وقوميات وأديان متعددة يجمعهم التاريخ والعيش المشترك والمصير الواحد، وهذا ما يجب أن يتعمق ويتعزز من خلال تجاوز الممارسات التي من شأنها أن تنتج التناقضات المفتعلة والتي كانت دائماً ًسلاحاً بيد أعداء هذه الشعوب منذ سايكس بيكو وحتى الآن.

وأخيراً، نطالب بإخلاء سبيل الموقوفين وإعادتهم إلى ذويهم والكف عن إطلاق التهم جزافاً، واستبدال ذلك بزج جميع الطاقات الوطنية في الدفاع عن الوطن وتقدمه وازدهاره.

رأي قاسيون

إن توقيف هؤلاء الشعراء، إن جرى لمشاركتهم في مهرجان شعري فقط، هو أمر غير مقبول كونه يضر بالوحدة الوطنية، أما إذا كان لدى الجهات التي قامت بتوقيفهم أسباب أخرى لا نعرفها فلتعلنها بكل وضوح وشفافية، وفي ذلك ضمان لكرامة الوطن والمواطن..