حملات البيئة.. أهذه هي مشكلتنا؟
أحمد محمد العمر أحمد محمد العمر

حملات البيئة.. أهذه هي مشكلتنا؟

مشاهد كثيرة من واقعنا الأليم، تختلف وقائعها من مشهد إلى مشهد، ومن فصل إلى فصل.. تكمن ما بين بطل يمثل صناع القرار، وكومبارس فاقد الحيل والإرادة والصوت عاجز حتى الآن، عن التحرك فيكتفي بتحريك الآخرين له.

واقعنا هذا.. نشاهده كل يوم، وهو آخذ بالازدياد.. ولا نعلم إلى أين ستؤول النهاية..

أبرز ما نشاهده هو الشعارات، إذ لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع أو نرى شعاراً أو إعلاناً مختلفاً تارة يحثنا على التقنين، وتارة على دفع الضرائب، وتارة على الالتزام بتعليمات المرور التي تغلق كل يوم طريقاً وتفتعل تحويلة..

لكن أحدث صرعات الشعارات، هو ذلك الشعار الذي يحثنا على النظافة، وكأننا -نحن المواطنين - وحدنا المسؤولون عن نظافة بلدنا وشوارعنا وأحيائنا ومنازلنا.. ولا يوجد غيرنا مقصر في تنظيف «حديقته» ورصيفه وما إلى ذلك...

اليوم، أين ذهبت ستجد اللوم يقع على المواطن وحده، وهو الذي يتحمل الجزء الأكبر من امتلاء الحاويات والطرقات والشوارع والساحات.. بالقمامة والأوساخ، وكأنما إدارات المحافظات ومجالسها المحلية تقوم بما عليها على أكمل وجه..

يتناسى مصممو الشعارات وراسمو سيناريوهاتها بأن جزءاً كبيراً من الحق والحقيقة والتقصير يقع على عاتق الوزارات التي قامت بدعمها للإعلانات التي صمموها!.

من الإعجاز أن تمر في شوارع دمشق أو ريفها عابراً أمام حاوية للقمامة وتجدها فارغة.. أو بالأدق، مفرغة، وليس فقط الحاوية، وإنما محيط دائرة حولها يراوح قطرها بين متر إلى متر ونصف.. مما يدل على عدم رفعها وقلبها منذ ثلاثة أيام على الأقل..

تسير في الشوارع الرئيسية فتصادف الكثير من الأوراق والأكياس السوداء المرمية على طول الشارع، وكأنها تنزل مثل القنابل من السماء..

الأرصفة، وأمام مداخل البنايات، حدث ولا حرج.. حدائقنا وحرم الطرقات الدولية المزروعة بالإعشاب مليئة بالقاذورات حتى تكاد تنصعق عند رؤيتها..

فمن المقصر إذاً؟ هل كل ذلك يتحمله المواطن؟ وإذا كان بعض المواطنين يسيء إلى المدينة ويقع اللوم عليه في رمي الأوساخ والنفايات لعميان قلبه وكثرة همومه، فأين الرقابة؟ وأين المخالفات؟ أم هي قوانين صورية فقط دون تطبيق، ودون رادع حقيقي للمخالفين؟.

سمعنا مؤخراً عن مرسوم أكدته وزيرة الدولة لشؤون البيئة يقضي بمضاعفة عقوبة رمي الأوساخ من نوافذ السيارات من /2000/ ليرة إلى /5000/ ليرة، فهل هناك من يظن أن رفع قيمة المخالفة ستدفع الناس للالتزام بالقانون والمحافظة على نظافة الوطن؟.. أهكذا يفهم المسؤولون معنى المواطنة؟

من الأجدر بمن يعتقد أن رمي الناس للقمامة هو مشكلة المشكلات أن يفكر أكثر.. والأفضل إذا ما فكر بتطبيق مبدأ النظافة، أن يبدأ بأصحاب الأيدي غير النظيفة، فيقطع أيديهم عن رقاب الناس وجيوبهم وعيونهم وبصيرتهم.. بعدها عليه أن يعمل لوضع سلال مهملات في الطرقات وبشكل متقارب وتوفير حاويات على الطرق ودعم الأماكن المضغوطة والمختنقة بحاويات أخرى، والعمل على نقلها للمكب بصورة دائمة وحسب الحاجة، ووضع طريقة للمراقبة، وتحصيل المخالفات غيابياً أو حضورياً.. وهكذا تكون الأمور واضحة أكثر... ومحددة أكثر.. وإلا سيبقى القرار مزايدات، ونحن مللنا المزايدات... فالكلام الذي يقال ولا يطبق... فيا حسرة قائله...

 

آخر تعديل على الجمعة, 11 نيسان/أبريل 2014 18:20