من الذاكرة : من أفضل بل من أعظم المهمات
بادئ ذي بدء أشكر كل الذين أعربوا عبر اتصالاتهم الهاتفية عن تقييمهم الإيجابي لهذه «الزاوية» وبخاصة تناولها لجوانب هامة من تاريخ الحزب الشيوعي السوري ونضال الرفاق القدامى من جيل الرواد الأوائل إلى جيل الخمسينيات وما بعده من القرن العشرين
وهأنذا أتابع هذا التوجه وحديثي اليوم عن رفيق قديم رحل قبل أكثر من عقد من الزمن هو الرفيق عبد الرحمن الأيوبي أبو عمار الذي قال لي يوم انتسبت قبل ستين عاماً إلى صفوف الحزب:
إن الانتساب إلى الحزب هو «مشروع تكوين مناضل شيوعي» وفي الحزب إما أن يصبح المرء شيوعياً حقاً، أو يبقى مجرد عضو حزبي، وخلال لقاءاتي الكثيرة معه حدثني عن انتسابه للحزب عام 1946 وحصوله على بطاقة العضوية، وأنه كان واحداً من الرفاق المتواجدين في مكتب الحزب في حي المزرعة بدمشق حين هاجم الإخوان المسلمون ومن في ركابهم من العناصر الموتورة مكتب الحزب بعد قرار تقسيم فلسطين، وقد تصدى الرفاق للمهاجمين. وذكر لي أسماء الرفاق وهم جورج عويشق ونجاة قصاب حسن ويوسف فيصل وبهجت قوطرش وجوزيف شاغوري وعبد القادر اسماعيل وعبد الوهاب كيكي وعدنان البني وأحمد فرحة وموفق الحفار وفوزي الشلق وحسين عاقو الذي استشهد دفاعاً عن رفاقه، وعندما اقتحم المهاجمون المكتب اضطر الرفاق إلى مغادرة البناء عن طريق «المنور» ومنه إلى الأبنية المجاورة، وعند نزول الرفيق عبد الرحمن إلى الطريق أمسك به المهاجمون وأوسعوه ضرباً مبرحاً، واندفع نحوه أحد عناصر الأمن شاهراً مسدسه في وجهه وأمره برفع يديه وهو على تلك الحالة المأسوية.
ثم تدخل عنصران من رجال الدرك وأبعدوا المهاجمين عنه واقتادوه إلى مبنى قيادة الدرك ومن هناك إلى المستشفى الوطني «الغرباء» وفي الصباح هرب والجبصين حول رجله، وقصد عيادة الرفيق الدكتور مصطفى العشا الذي عالجه وتابع وضعه لمدة شهر تقريباً كما شارك في علاجه الرفيق الدكتور نبيه رشيدات وبعد عامين تقريباً قام حسني الزعيم بانقلابه العسكري وخيم ليل الديكتاتورية ولوحق الرفاق وسجن الكثيرون منهم، وتوارى الآخرون عن الأنظار في البيوت السرية ولجأ البعض إلى لبنان وكان الرفيق عبد الرحمن في عدادهم، ثم عاد ليساهم في توسيع صفوف الحزب. ولن أنسى قوله «إن أفضل بل أعظم المهام أن يكلف الرفاق بإنشاء منظمات جديدة في مناطق لا وجود فيها للتنظيم».
وكان له شرف المشاركة في إنشاء منظمة في المنطقة الممتدة من ساحة شمدين بحي ركن الدين إلى آخر الشركسية بحي الصالحية وتولى مهمة سكرتيرها، ومعه في لجنتها الفرعية الرفاق عمر يونس واسماعيل أبو سلام وعبد الهادي أبو أيوب وكانت صلتهم مع قيادة منظمة دمشق عن طريق الرفيق خالد الكردي «الزعيم».