درس من طلبة السويداء.. لمن يريد أن يتعلم
عفيف الحسين عفيف الحسين

درس من طلبة السويداء.. لمن يريد أن يتعلم

حدث في السويداء أن تشاجرت مجموعة من طلاب الثانوي في مدرسة «كمال عبيد» الثانوية، وهو أمر طبيعي اعتيادي، لكن الجديد أن يكون اثنان من أولئك الطلاب أبناء مسؤول أمني في المحافظة، وكردة فعل على المشاجرة جاء هذا المسؤول إلى المدرسة واستدعي «الطلبة أبناء المواطنين العاديين» وتم توبيخهم وتهديدهم في حال تكرار المشاجرة..

تكررت المشاجرة بعد أسبوع على إثر استفزاز من الطالبين المدعومين، وهذه المرة استنجدوا بمرافقة «السيد الوالد» لضرب بقية الطلبة، وتطوّر الموضوع يوم الأربعاء الماضي لتحاول المرافقة- عناصر الأمن في فرع المسؤول الكبير ذاته- اعتقال الطلاب الآخرين بعد موافقة مدير المدرسة وقوله الجملة التي استفزت الطلاّب: «فليعتقلوهم، وليقتلوهم حتى، يستحقون العقاب..!».
كل الطلاب تضامنوا..
كل ما جرى استفز كل طلاب المدرسة، فردعوا عناصر الأمن ومنعوهم من اعتقال رفاقهم، وأعلنوا اعتصاماً مفتوحاً في باحة المدرسة ورفضوا دخول صفوفهم، إلا بعد محاسبة المسؤول الأمني ومدير المدرسة على خرق حرمة المدرسة ومخالفة القوانين، وطالبوا بتقديم الاعتذار للطلبة وخصوصاً أصحاب الشأن الذين تم الاعتداء عليهم. على إثر ذلك حضر نائب مدير التربية ووعد الطلاّب بتنفيذ مطالبهم بشرط عدم إحداث أية إشكاليات جانبية أو تخريب في المدرسة.
في اليوم التالي جاء الطلاّب واستمروا على موقفهم الموحّد، وفعلاً تم لقاء الطلاب مع المسؤول الأمني ومدير المدرسة في مديرية التربية، وأعلن عن فتح تحقيق مع مدير مدرسة «كمال عبيد» والمسؤول الأمني، وعليه تم فض الاعتصام في المدرسة.
لا مؤيد لا معارض
الجدير بالذكر أن طلاب المدرسة بمختلف أعمارهم وصفوفهم أبدوا وعياً  كبيراً، بمساعدة بعض العقلاء من الكادر الإداري الذي عمل على احتواء الموقف، وكان الطلبة قد رفضوا الانجرار إلى رفع شعارات بعض قوى المعارضة التي حاولت استثمار الموقف، انطلاقاً من أن وقفة الطلاّب لها علاقة مباشرة بمطالبهم الخاصة، والظلم الذي وقع على رفاقهم لم يميّز إن كانوا مؤيدين أم معارضين، وأعلنوا أن قوة موقفهم هي في وحدتهم وليس تقسيمهم بين معارضين وموالين.. أيضاً في يوم الخميس (14/11/2013) وعندما حضرت بعض المجموعات التي يستدعيها الجهاز الأمني دوماً عند وجود مظاهرات أو اعتصامات، قام الطلاب بالحديث إلى تلك المجموعات وأوضحوا مطالبهم وطالبوا منهم مشاركتهم بالاعتصام للتأكد من صدق كلامهم.
ممارسات تهدد السلم الأهلي
مجدداً يدل هذا الموقف على خطورة التجاوزات التي تمارسها البعض من الجهات الأمنية ، والتأثير السلبي لذلك على السلم الأهلي عموماً في المحافظة وخصوصاً في ظروف الأزمة الوطنية، ومن هنا تأتي أهمية الوعي الذي أبداه الطلاّب، بدايةً بعدم قبولهم تجاوز حرمة المدرسة وإهانة كرامتهم كطلاّب وإصرارهم على موقفهم حتى تحقيق مطالبهم، وثانياً بعدم الانجرار لعقلية التأزيم وافتعال الإشكاليات الثانوية ورفض أية شعارات تقسّم السوريين- الطلاب ورفاقهم- تقسيماً وهمياً لا يحقق مطالبهم، ويوصلهم إلى طريق مسدود كما حاولت بعض قوى المعارضة.
ونضم صوتنا لصوت طلاب مدرسة «كمال عبيد» رفضاً لعقلية أن إهانة كرامة المواطنين سهلة ولا حساب عليها، ونذكّر أن هذه العقلية كانت هي بالذات أحد الأسباب الأساسية لتراكم الاحتقان الشعبي ومآلاته التي شهد مآسيها كل الشعب السوري.