لا يموت حق : ما هكذا تورد الإبل..

لا يموت حق : ما هكذا تورد الإبل..

من المعلوم أن كلاً من إدارة التشريع في وزارة العدل بموجب المادة 8 من قانون السلطة القضائية والقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بموجب المادة 45 من قانون مجلس الدولة منوط بها تحضير مشروعات القوانين إلا أن افتقار هاتين المؤسستين للكوادر الكافية والمدربة وقف عائقاً دون قيامها بواجبها القانوني.

وخلافاً لهذه النصوص القانونية فإن كل وزارة تقوم بتشكيل لجان خاصة لكل مشروع قانون يختلف أعضاؤها في الوزارة الواحدة حسب مشروع القانون دون وجود معايير محددة لاختيار أعضاء اللجان سوى أنهم من ذوي الاختصاص في موضوع التشريع أو من القانونيين الحائزين على مؤهل علمي عال أو معنيين بالقانون بشكل أو بآخر وفي أحسن الأحوال يقوم بعض  أعضاء اللجنة بطرح مشروع تشريع منسوخ من دولة عربية أخرى تختلف بيئتها وظروفها والمشكلة المطلوب حلها عنها في سورية يتداوله ويناقشه الأعضاء لسنوات عديدة استناداً إلى المعلومات الشخصية والتجارب الخاصة لكل منهم دون اتفاق على قواعد وصيغ مشروع  التشريع، بل ويهيمن بعض أعضاء اللجنة على جلسات المناقشة ويفرض آراءه بالاستناد لمرتبته العلمية أو مركزه الوظيفي أو الشخص الذي يدعمه.
وبعد انجاز اللجنة لمهامها قد يطلب الوزير المعني من صديق يثق بخبرته مراجعة مشروع التشريع فيُدخل هذا الصديق تعديلات بشكل مجتزأ دون معرفة التفاصيل التي دعت اللجنة إلى الموافقة على مشروع التشريع, ويمر بعد ذلك مشروع التشريع في مجلس الوزراء بطريقه إما إلى مجلس الشعب حيث يناقشه أعضاء اللجان الخاصة أو تحت القبة أو يأخذ المشروع الطريق المختصر إلى رئاسة الجمهورية لإصداره بمرسوم تشريعي, حيث تُدخل التعديلات التي تناسب مصالحهم فيصدر التشريع كلوحة الموزاييك مختلفة الألوان والأشكال والقياسات، وبكل الحالات فإن أياً من أعضاء اللجان أو رجال السياسة الذين يعدّون مشاريع القوانين أو يُدخلون تعديلات عليها لا يتمتعون بمهارات الصياغة وأصولها التي تمكنهم من إعداد أو مراجعة مشروع تشريع فعال يحقق الغاية المرجوة.
لذلك نجد عند التطبيق العملي للتشريع أنه لا يحقق الغاية المرجوة، أو قد يناقض تماماً ما أراد واضعوه منه أو تتعارض أحكامه فيما بينها أو مع تشريع نافذ آخر أو يكتنف على أخطاء في الشكل والمضمون أو غير قابل للتنفيذ فيختلف التفسير والتطبيق ويتطلب مراجعته بعد فترة وجيزة من صدوره، مما يؤثر على استقرار المراكز القانونية ويفقد المتعاملين الثقة في شؤونهم المستقبلية.