صحنايا: مطالب محقّة والإمكانات متوفّرة.. وما من مجيب!

صحنايا: مطالب محقّة والإمكانات متوفّرة.. وما من مجيب!

أضحت بلدة صحنايا، الصغيرة نسبياً، والتي تحولت اليوم إلى تجمّع بشري أساسي في ريف دمشق الغربي، نهباً لنقص الخدمات وللفوضى الإداريّة، وذلك نتيجة للظروف الصعبة المحيطة بها من جهة، ولفساد بعض المفاصل الإدارية وتصدّيها للحلول الشعبية المقترحة من جهة أخرى

بالرغم من أن عدد سكان بلدتي صحنايا والأشرفية تجاوز الـ100 ألف نسمة، نتيجة نزوح أهالي المناطق الملتهبة المجاورة إليها، من داريّا وسبينة، بشكلٍ أساسي، إلا أن البلدتين لا تزالان تفتقدان إلى الكثير من الخدمات الأساسية. وقد يتفهّم الناس غياب تلك الخدمات في حال عدم توفّر الإمكانيات لحلها، في ظل الظروف الحاليّة الصعبة التي تمرّ بالبلاد، ولكن الأمر يصبح غير مقبول، إذا توفّرت إمكانيات الحل وتمّت إعاقته من جهات فاسدة ومنتفعة من الأزمة.
دوائر ضرورية غير موجودة
كانت بلديّة صحنايا قد بدأت منذ 17 عاماً بإنشاء بناء، مكوّن من 3 طوابق فنيّة، بمساحة450 متر، لكي يكون مجمّعاً استهلاكياً للبلدة، ولا يزال البناء على الهيكل حتى اليوم، باستثناء الطابق الأرضي، الذي عمل مجلس البلديّة الحالي على إكسائه، منطلقاً من مبادرة شعبية من الأهالي ليتم إنشاء فرن ومستوصف ضمنه.
وتم تشكيل وفد من الأهالي والمجلس البلدي لإنشاء فرن ومستوصف للبلدة، وقابل الوفد النائب الاقتصادي لإنشاء الفرن، وحصل على الموافقة منه، وأوصى النائب بإرسال المعدّات اللازمة لعمل الفرن، ريثما يتم إكساء الطابق الأرضي، وبالفعل تم تجهيز الفرن، وهو على وشك الانطلاق خلال الفترة المقبلة.
وتعاني صحنايا تاريخياً من غياب دوائر أساسية لحياتها اليومية، يقول أبو نضال (70 عاماً)، من أهالي صحنايا، لـ«قاسيون»: «ليس لدينا مكتب توثيق عقاري (طابو) ولا دار جباية (مالية)، ولا محكمة لصحنايا»، وكان أهالي صحنايا يلجؤون إلى داريّا، التي تعد المدينة الأكبر في الريف الغربي، لحل القضايا المرتبطة بهذه الدوائر، واليوم توقفت هذه الدوائر عن العمل لأسباب أمنيّة وعسكرية، «فلماذا لا يجري إحداث هذه الدوائر في بلدة صحنايا؟ طالما أن هذه البلدة تضّم معظم سكان ونازحي الغوطة الغربية؟» يتساءل أبو نضال، ويضيف: «لقد اقترحنا على البلدية أن تمنح الطوابق الثلاثة من بنائها إلى الدوائر المذكورة، ووافقت البلديّة على الاقتراح، وهي على استعداد للمباشرة في إكسائها، ولكن ما من مجيب، فالوزارات المعنيّة لا تهتم بإحداث هذه الدوائر، ولا تعير بالاً لحل مشاكلنا». وعلمت «قاسيون» أن الوزارات ذات الصلة بهذا الموضوع، هي وزارة الإدارة المحليّة والعدل والمالية، لذا فإن إحداث هذه الدوائر أصبح في عهدتها، طالما أن المباني جاهزة، وتحت الطلب.
ابتزاز بيروقراطي يثير تساؤلات
إن الكثافة السكّانية التي تعاني منها بلدتا صحنايا والأشرفية تشكّل لكثير من الفاسدين مصدراً للنهب والتكسّب من خلال الأزمات المعيشية، فمشروع الفرن على سبيل المثال لاقى إعاقات كثيرة، قبل أن ينجح، من أشخاص مرتبطين ببؤر فساد وظيفي وإداري في البلدة وخارجها، حسبما أفاد عضو من المجلس البلدي لـ«قاسيون».
إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، فبعد أن قابل الوفد المكوّن من الأهالي والبلدية المسؤولين المعنيين من وزارة الصحة، وحصلوا على موافقة لإحداث مستوصف في المبنى المذكور آنفاً، قامت البلدية بإكساء جزء من الطابق الأرضي كي يكون المستوصف المفترض، وبعد أن أصبح المبنى جاهزاً اشترطت مديرية صحة ريف دمشق نقل ملكيّة المبنى إلى وزارة الصحة، مقابل تقديم المعدّات اللازمة والموافقة عليه كمستوصف، وهو أمر يتعذّر قانونياً، بحسب بلدية صحنايا، التي رأت بالموضوع عرقلة شبيهة بما جرى وقت إنشاء الفرن.
تواطؤ معلن...
ويرى بعض أبناء البلدة أن مصّدر الإعاقة هم عاملون في مجال الصحّة الخاص، على صلة بمديرية صحة ريف دمشق، من الذين تنخفض أرباحهم من إحداث مستوصف عام في صحنايا يعالج الناس مجّاناً.
وفي سبيل حل قضاياهم، بادر أهالي صحنايا إلى إحداث خمس دوائر أساسية، هي فرن ومستوصف وطابو ومالية ومحكمة، بالتعاون مع البلدية التي قدّمت مبنى كبيراً وكاملاً لهذه الدوائر، إلا أن البيروقراطية أصبحت سلاحاً بيد بعض الفاسدين، ممن تتناقض مصالحهم مع مصالح الغالبية الساحقة من الأهالي، الأمر الذي يتطلّب من الجهات المعنيّة الوقوف إلى جانب الأهالي وتلبية مطالبهم المشروعة والمحقّة.