شركات النقل بين المحافظات تأخذ «ضريبة أمان» وتزيد الأجرة مئات الليرات
الشكاوى على عدم ضبط الأسعار تفاقمت حتى طالت كل قطاعات الحياة التي تمس معيشة المواطن بشكل يومي، فبعد المواد الغذائية والخضروات والاتصالات الدولية والمواصلات الداخلية، وصل التلاعب بالأسعار وغياب الرقابة إلى النقل بين المحافظات،
القطاع الذي استفاد من غياب الرقابة على طرقات السفر وتضرر بعض مراكز الانطلاق لتقوم الشركات المستثمرة فيه بزيادة الأجرة عن ما هو محدد مئات الليرات، وأضعاف مضاعفة.
وبحسب الشكاوى التي وردت إلى صحيفة «قاسيون»، فإن «بعض شركات النقل بين المحافظات تقوم بطباعة تذاكر السفر للمواطنين بالتسعيرة المخالفة بشكل علني، وأن هذه التسعيرة تزداد بشكل يومي، وليست ثابتة رغم أنها غير رسمية ومخالفة».
أجرة مخالفة و«ضريبة أمان»
بعض المسافرين اشتكوا بأن «تسعيرة النقل من دمشق للمحافظات الأخرى أو العكس، تزداد بشكل دوري، والحجة هي المخاطرة بأرواح السائقين والمركبات التي يعملون عليها بظل انعدام الثقة والأمان بطرقات السفر، عدا عن عدم سلك الطرقات القديمة المعروفة قبل الأزمة».
الأوضاع الأمنية المتردية ألزمت سائقي البولمانات باتباع تحويلات جديدة وطرق فرعية زادت من المسافة الكيلومترية المحددة سابقاً، ما أنعكس «بحسب سائقين» على مصاريف المازوت وبالتالي زيادة التسعيرة، إلى أنه وبالرغم من ذلك وبحسابات بسيطة تبقى هذه الشركات حتى لو زادت المسافة الضعف عن السابق، تتقاضى أجراً عالياً و«غير منطقي» بحسب البعض.
زيادة الأجرة التي وضعتها شركات النقل من تلقاء نفسها، والتي تزداد بشكل دوري، محط استياء الكثير من المسافرين بشكل دوري، حيث قال ضياء، يعمل في تدمر، إن «زيادة الأجرة بحجة المخاطرة بأرواح السائقين، نوع من استغلال الأزمة، فليس السائق وحده من يخاطر بحياته على طريق السفر، وليست الشركات الخاصة مخولة بأخذ ضريبة الأمان على سائقيها من المواطنين».
وأضاف ضياء «إن كانت هناك ضريبة على الأمان لشركات النقل هذه، فيجب على الدولة أن تحددها وأن تخضع للإشراف والرقابة، وليس لجشع تجار الأزمة».
كل نفقات شركات النقل مدروسة!
وخضعت أجرة شركات النقل بين المحافظات لزيادة تعرفة وصفتها الجهات المعنية بالـ«مدروسة»، وقد أخذت هذه الزيادة بعين الإعتبار نسبة ارتفاع أسعار المحروقات، وغيرها من الأمور، وبحسب مديرية الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك فإن «عملية تحديد التعرفة الكيلو مترية لكل شركة نقل بين المحافظات، تقوم على أساس التكاليف الثابتة والمتغيرة لكل شركة نقل على حدة».
وأضافت المديرية في تصريح لصحيفة «قاسيون» إن التكاليف الثابتة «التي تؤخذ بعين الاعتبار عند تحديد تعرفة النقل الكيلو مترية (المبلغ الذي يدفعه الشخص الواحد للسفر بين المحافظات كل كيلومتر واحد)، هي قيمة الآلية التي تستخدمها شركة النقل حسب المنشأ، ومسير الآلية السنوي، وعدد إطاراتها، ونسبة الملاءة، نسبة اهتلاك الآلية السنوي، والرواتب والأجور، والرسوم والضرائب».
في حين تتضمن التكاليف المتغيّرة بحسب مديرية الأسعار: «استهلاك الوقود، واستهلاك الزيوت المعدنية، استهلاك الشحوم، استهلاك الإطارات، الصيانة والإصلاح، أجور الغسيل سنوياً، أجور المبيت، المصاريف الإدارية والمالية، وصولاً لإنتاجية الآلية سنوياً، والكلفة الكيلو مترية، التي يضاف إليها هامش ربح 20%، فتكون التعرفة الكيلومترية، التي تصدر عن الوزارة بموجب كتاب يرسل إلى مديريات التجارة بالمحافظات، بقصد الاعتماد عليه عند إصدار أجرة النقل، التي تحدد بناتج ضرب المسافة بالتعرفة الكيلو مترية».
عملية حسابية تكشف المستور
وفي مثال على تلاعب شركات النقل وعدم التزامها بالتعرفة المحددة حتى لو ضوعفت المسافة المقطوعة، فإن بعض المسافرين إلى اللاذقية قبل عيد الفطر دفعوا 1300 ليرة سورية للشخص الواحد بواسطة بولمانات إحدى الشركات، وعند الاطلاع على لائحة التعرفة الكيلومترية الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية بخصوص هذه الشركة، وضربها بالمسافة من دمشق إلى اللاذقية، تبيّن أن الأجرة للشخص الواحد يجب أن تكون 395 ليرة سورية، ومع إضافة ضعف المسافة بحجة أن الطرقات اختلفت وأصبحت أطول، تكون التعرفة حوالي 800 ليرة سورية فقط.
وتقوم كل مديرية تجارة داخلية في كل محافظة على حدة باحتساب ناتج عملية ضرب المسافة التي تقطعها هذه المركبات مع التعرفة الكيلومترية المحددة من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لكل شركة بهذا الخصوص، وعليه تحدد أجرة النقل من محافظة إلى أخرى بشكل خاص لكل شركة على حدة، وتلتزم حينها مديريات التجارة الداخلية في كل محافظة بمراقبة الإعلان عنها.
وبخصوص الرقابة على تقيّد شركات النقل بين المحافظات بالأجرة المحددة، قال مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لصحيفة «قاسيون» إنه لا يوجد «في دمشق عدد كاف من المراقبين لضبط مثل هذه الحالات، عدا عن انطلاق الكثير من بولمانات الشركات من خارج الكراجات المحددة، في حين لا توجد دوريات من الوزارة تعمل على طرقات السفر، ومع ذلك فإن شرطة المرور معنية أيضاً بأية شكوى عن التسعيرة».
75 مراقب تمويني فقط
عدد المراقبين التموينيين بشكل عام، سبب عدة مشاكل جوهرية، وفاقم قضية التلاعب بالأسعار في جميع قطاعات المعيشة اليومية للمواطن السوري، وبحسب المصدر فإن «دمشق لا تملك سوى 75 مراقباً تموينياً، وعددهم غير كاف لضبط جميع القطاعات، ما يسبب العجز وعدم القدرة على ضبط المتلاعبين بشكل كامل».
وأضاف المصدر إن «دمشق بحاجة إلى مئات المراقبين التموينيين، وتوظيف هذا العدد الكبير بحاجة إلى رصد اعتمادات كبيرة، وائتمانات وما إلى ذلك من أمور، وهذا يحتاج إلى ميزانية عالية» مشيراً إلى أن «وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أرسلت إلى كل الجهات العامة، لموافاتها بترشيحات للموظفين الفائضين لديها من الفئات الأولى، ليتم ندبهم أو نقلهم للعمل كمراقبين تموينيين في دمشق بعد إخضاعهم لدورات خاصة بهذا الصدد».
حُدّدت التعرفة وغابت الرقابة
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أصدرت شهر حزيران الماضي، لائحة بالتعرفة الكيلومترية لجميع شركات النقل العاملة بين المحافظات السورية، حيث تم تعديل هذه التعرفة عما كانت عليه سابقاً على ضوء ارتفاع سعر ليتر المازوت إلى 60 ليرة سورية.
ووجهت وزارة التجارة الداخلية كتابها إلى جميع مديرياتها في المحافظات السورية، وطلبت منها إبلاغ الشركات المذكورة ضمن اللائحة والمسجلة لديها، اعتماد التعرفة الجديدة واعتبارها حداً أقصى لا يمكن تجاوزه.
وطلبت الوزارة من مديرياتها، تحديد أجرة الراكب الواحد ضمن بولمانات الشركات المدرجة في اللائحة، على ضوء المسافات بين المحافظات المحددة من قبل المؤسسة العامة الطرقية للمواصلات وفروعها، في المحافظات، وفقاً للتعرفة الكيلو مترية المذكورة في اللائحة وإصدار الصك اللازم بذلك.
وتحدد لائحة التعرفة الكيلومترية الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، قيمة الكيلومتر الواحد حسب درجة البولمان (رجال أعمال أو عادي)، وتأخذ بعين الاعتبار أيضاً عدد الركاب في البولمان أو الباص..