(أم أحمد).. رحلة المشقات الألف من المريعية إلى معسكر الطلائع في السويداء
تمنع داعش الناس والمواطنين في الأماكن التي تسيطر عليها من السفر، وخاصة لمن هم دون الأربعين من العمر، إذ تمنع إعطاء تصاريح بمغادرة هؤلاء إلى المحافظات الأخرى، فيضطر السوريون الذين يحاولون الخروج من الجحيم الداعشي إلى السفر عبر طرق غير نظامية، واللجوء إلى المهربين في البادية عبر دفع أموال هائلة للخروج.
من بين هذه الطرق السفر خارج القطر للعودة إليه! (أم أحمد) امرأة ستينية استطاعت الفرار من داعش بعد جهد جهيد، أخبرت قاسيون أنّ عندها جوازات سفر وفيز لها ولأولادها، وأن رحلتها بدأت بسيارة (بيك أب) زراعية لقاء ثلاثين ألف ليرة سورية، من أرياف دير الزور، المريعية (منطقة التماس بين قوى الجيش والمسلحين) مروراً بأرياف البوكمال..
تسير سيارة المهربين بمحاذاة الساتر، وهو الحدود بين سورية والعراق، (عبارة عن ساتر ترابي جرى إنشاؤه في مرحلة سابقة أيام صدام حسين)، إلى أن تصل السيارة بهم إلى الحدود الأردنية، فيقوم المهربون بإدخالهم إلى مخيم الزعتري حيث يتم تسجيلهم (وحين يصبحون في سجلات الزعتري لاجئين تقبض الأردن 300 دولار عن كل شخص منهم فضلاً عن الإعانات والإغاثة)، أي أن هنالك تعاوناً واضحاً بين المهربين وداعش والسلطات الأردنية.. ولكن الرحلة لم تنته بعد..
يجري بعد ذلك إخراجهم والعودة بهم إلى الأراضي السورية. في هذه المرحلة يتم تسليمهم من مهرب إلى آخر، وفي كل مرة يطلب منهم دفع أموال إضافية، تخبرنا أم أحمد : (في المرة الأولى دفعت 15000 عن كل شخص، والمهرب الثاني الذي تسلمنا أخذ عن كل شخص 6000، وهكذا..)
في النهاية جرى تسليمها مع رفقة رحلتها الشاقة لشخص أوصلهم
إلى معسكر الطلائع في جنوب السويداء، رساس. وهناك تم حجزهم وأخذ كل أوراقهم الثبوتية (من هويات وجوازات سفر ودفاتر عائلة وإلخ).
مضى ثمانية أيام على وصول أم أحمد إلى معسكر الطلائع ولم تنته (التحريات المطلوبة) حتى الآن، ولا تزال محتجزة حتى الآن في المعسكر بظروف قاهرة وصعبة لا تتناسب ليس فقط مع عمرها والرحلة الشاقة التي قطعتها واستغرقت أياماً، بل ولا تتناسب مع أي إنسان سوري! ولمعسكر الطلائع هذا قصته التي سنفرد لها حديثاً آخراً قريباً..
