رصاص «ذوي القربى» يتفوق على هاون المعارضة... سوريا: «كرنفال النصر» يودي بحياة 12 شخصاً
لم يكد يعلن رئيس مجلس الشعب السوري محمد جهاد اللحام فوز الرئيس بشار الأسد بولاية رئاسية جديدة، حتى خرج آلاف السوريين، من مؤيدي الأسد، إلى الشوارع للتعبير عن فرحهم بفوز مرشحهم، فاحتشدوا في الساحات العامة، وجالوا في شوارع المدن، في جو بدا للوهلة الأولى «كرنفالياً»، قبل أن يحوّله الرصاص إلى «يوم أحمر» تصبغ جوانبه دماء سالت بالمجان.
مئات المشاركين في الاحتفالات حملوا بنادقهم ووجهوها صوب السماء. آلاف العيارات النارية انطلقت نحو المجهول، ليعود قسم منها ويستقر في أجساد من خرجوا محتفلين، لتنهي رصاصة «ساقطة» حياة أكثر من 12 شخصاً، بينهم رياضي سوري، وتسيل دم العشرات ممن أصيبوا جراء إطلاق النار الغزير.
أكثر من ثلاث ساعات اشتعلت فيها سماء المدن السورية بالرصاص، برغم مطالبة الأسد مطلقيه بأن «يدخروه لجبهات القتال»، حيث قال، في تصريح نشرته صفحة رئاسة الجمهورية على «فايسبوك»، إن «جنودنا البواسل وهم على خطوط النار يدافعون عن الوطن ويحاربون الإرهاب أولى بكل رصاصة تطلق في الهواء تعبيرا عن الابتهاج بأي مناسبة أو حدث»، داعياً «المواطنين إلى التعبير عن المشاعر الوطنية بما يعكس حضارتنا وثقافتنا وأخلاقنا العالية كسوريين»، إلا أن أزيز الرصاص صم آذان المحتفلين، ما أجبر الحكومة على إقحام فرق من الأمن والجيش لضبط الوضع بعد ثلاث ساعات من الرصاص المتواصل وبمختلف الأسلحة.
لم يقتصر إطلاق النار على مدينة محددة، فمن حلب التي شهدت عشرات الإصابات، والتي يصعب توثيقها، إلى الحسكة، وحماه، وحمص التي تم توثيق نحو 25 إصابة فيها، إلى اللاذقية التي شهدت سقوط ثلاثة قتلى، بينهم طفلة تبلغ من العمر 14 عاماً، ولاعب منتخب سوريا الاولمبي السابق لكرة القدم علي ناصر (27 عاما)، وإصابة العشرات بمقاذيف ساقطة، إلى دمشق التي دفعت الثمن الأكبر، حيث شهدت وفاة 9 مواطنين، وإصابة أكثر من 70، بينهم مراسل وكالة «شينخوا» الصينية الزميل احمد السيد (مصري الجنسية)، والذي يرقد في المستشفى في الوقت الحالي.
صفحات التواصل الاجتماعي ضجت بالتعليقات الغاضبة من مواطنين «عاشوا ساعات رعب». كثيرون استذكروا حوادث لعناصر من الجيش والأمن فارقوا الحياة على جبهات القتال بعد نفاد الذخيرة، مثل «فداء ضياء أحمد (أبو يعرب) قائد مفرزة الأمن العسكري الذي قتل وعناصره بعد نفاد الذخيرة، والعميد علي أيوب نصر الذي قام مسلحون متشددون بقتله وسحله في منطقة الصالحين بعد اقتحامهم أحياء حلب الشرقية، وغيرهم الكثير»، معتبرين هذا السلوك «مهيناً بحق هؤلاء الشهداء»، فيما طالب آخرون كل من يحمل سلاحاً «بالتوجه إلى جبهات القتال القريبة وتوجيه الرصاص نحو المسلحين وليس بين البيوت الآمنة».
مصدر طبي في دمشق أشار إلى أن «عدد شهداء الرصاص العشوائي فاق عدد من قضوا نتيجة سقوط القذائف على العاصمة يوم إعلان النتائج»، موضحاً خلال حديثه إلى «السفير» أن «عدد شهداء الهاون الذين تم توثيقهم الأربعاء بلغ 5 شهداء جراء سقوط نحو 30 قذيفة، فيما سقط جراء الرصاص العشوائي تسعة أشخاص، وأصيب 70».
مصدر أمني كشف، لـ«السفير»، أن قوى الأمن ووحدات من الجيش عملت طيلة فترة الليل على ملاحقة مطلقي النار، حيث تم إيقاف عدد منهم في حمص واللاذقية، موضحاً أن قيام المسلحين بالتنقل بالسيارات وإطلاق النار من داخلها، وعددهم الكبير تطلب وقتاً كبيراً لضبطهم، ومنع هذه المظاهر.
وعلى الرغم من التحرك الحكومي لضبط الظاهرة، إلا انه جاء متأخراً ساعات عدة على ما يبدو، ليودع السوريون يوماً صاخباً دموياً مؤلماً، يتزامن أيضاً مع امتحانات الشهادة الثانوية، حيث تسببت هذه الحوادث وغزارة الرصاص و«حالة الرعب» بتوقف كثير من الطلاب عن دراستهم، ما يهدد مستقبلهم، لتضاف هذه الظاهرة إلى سلسلة «الظواهر المدهشة» التي عاشتها، وما زالت تعيشها سوريا منذ بداية الحرب قبل ثلاثة أعوام.
المصدر: السفير