النهج الاقتصادي الحكومي وابن الوزير... عودة الصراع الطبقي إلى الواجهة
لم تشكل ردة فعل الأردنيين التي ملأت مواقع التواصل الاجتماعي حول ما كتبه ابن وزير العمل عمر نضال القطامين على صفحته عبر "فيسبوك" أية صدمة لمن تابع الشأن المحلي خلال السنوات القليلة الماضية.
عمر تحدث عن موقف حصل معه وهو متوقف على إشارة المرور، حيث حاول أحد الأشخاص وهو سائق سيارة “كيا” استفزازه بسبب قيادته لسيارة فارهة، وذهب ليصف الشاب الذي استفزه بـ “الحاقد” ويصف من على شاكلته بـ “اﻟﻤﺮﺿﻰ الرجعيين ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﻠﺪ”.
سائق السيارة الكيا أسقط كل ما يمكن أن يجمع بينه وبين عمر أو يفرقهما، متمسكاً بأمر واحد فقط، ألا وهو الطبقية.
لم يستطع ذلك الشخص أن يرى شاباً صغيراً في العمر يقود سيارة فارهة تستهلك من البنزين شهرياً أكثر من قسط سيارة .كشف التفاعل مع القضية التي انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل عبر وسم #ابن_الوزير، عن حجم تفاوت طبقي معلن لم يكن موجوداً قبل سنوات.
أثر الانصياع الحكومي لصندوق النقد
شهد الأردنيون في الآونة الأخيرة إجراءات متعددة امتثلت فيها الحكومة لإملاءات صندوق النقد الدولي، كرفع أسعار المحروقات والكهرباء، أو رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء، ودراسة رفع أسعار المياه على المزارعين، في وقت بات فيه المواطن الأردني يترقب رفع سعر الخبز أيضاً.
جميع هذه الإجراءات أدت إلى اضمحلال وتقلص “الطبقة الوسطى” وحدوث تباين أكثر وضوحاً بين الفقراء والأغنياء.
“الطبقة الوسطى” كما يتم الترويج لها هي الضامن الوحيد للسلم المجتمعي، وهي طبقة -وفق التحليل العلمي- تتكون بدورها من طبقات أيضاً، فتنقسم إلى شرائح عليا ووسطى ودنيا تكاد تلامس طبقة الفقراء.
أما العليا فلم تتأثر بالإجراءات الحكومية، بل وروّجت لها كونها متحالفة مع السلطة دوماً ومذعنة للمركزية المتحكمة، تتكون هذه الطبقة من الباحثين وأساتذة الجامعات والمديرين وأصحاب المهن المتميزة وبعض الفنانين وكبار ضباط القوات المسلحة.
أما الشريحة المتوسطة، فتضم عدداً أكبر من الشريحة العليا من الطبقة الوسطى، ويعمل أفرادها بمرتبات ثابتة أو شبه ثابتة، ويشغلون الوظائف الإدارية والفنية والإشرافية فى الوزارات والأجهزة والمصالح الحكومية وإدارات الحكم المحلي وهم من أصحاب الدخل المتوسط.
أما الشريحة الدنيا من “الطبقة الوسطى” فتضم عدداً كبيراً من صغار الموظفين وعدداً من المشتغلين لحساب أنفسهم فى قطاعات الخدمات والمشروعات الصغيرة وهم يمثلون القاعدة العريضة من “الطبقة الوسطى” وهي الشريحة التي بدأت ترتحل قسراً إلى الطبقة التي دونها.
توسعت الطبقة العاملة بشكل كبير، لتشكل الجزء الأكبر من المواطنين في الأردن.
مؤشر التفاعل
يدلل التفاعل غير المسبوق مع قضية ابن الوزير على أن التفاوت الطبقي في تنامٍ مستمر، تغذيّه عوامل كارتفاع نسبة الفقر وتفشي الفساد والظلم الاجتماعي وقمع الحريات.
كما يدلل موقف الشخص “سائق سيارة الكيا” على أن الكثير من أبناء هذه الطبقة أصبحوا مستعدين لخوض صراعهم من أجل البقاء مع بقية الطبقات التي تنهب مقدراتهم وتستأثر بأموال الدولة، مستفيدين من أية فرصة متاحة، حتى لو كانت بضع لحظات للوقوف عند إشارة مرور.
رسائل إلى الحكومة وإلى الشعب
على الحكومة أن تمتثل أكثر لإملاءات صندوق النقد الدولي، وأن تفرض ضرائب وإتاوات بشكل أكبر على الشعب، حتى تسحق غالبية الطبقة الوسطى! لعلها تخرج عن صمتها وتتنازل عن انهزاميتها باتخاذ موقف حقيقي واضح المعالم ضد هذه الإجراءات، وبالتأكيد لن يحدث ذلك حتى يكتوي “المتوسطون” بنار العوز والحرمان كما كل فقير في هذه البلاد.
أما الشعب، فما عليه إلا أن يصم آذانه عن انقسام في المجتمع مهما كان شكله، ويؤمن بأن الجوع والمرض أمور لن تفرق بين أحد من أبناء طبقته، اتحدوا جميعاً، لأجل قوتكم وصحتكم ومستقبل أبنائكم، فقد بات واضحاً من هو عدونا المشترك، انهضوا لأجل إنسانيتكم.
المصدر: راديكال