الاستخفاف المدمر بالكوكب (2)
تحدثنا في المقال السابق عن الأوضاع الدولية والداخلية للبرازيل «بوصفها تحوي أكبر رقعة للأمازون داخل أراضيها» التي تسهّل وتمنهج تدمير الأمازون، أكبر غابة مطرية مدارية في العالم. وكما قلنا، فإنّ الأمازون هي المستوعب الرئيسي للتنوّع البيولوجي- الجيني لكامل الكوكب وتحبس داخلها كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون إن أطلقت فستشكّل كارثة على تغيّر المناخ، وتدمير الأمازون يعني تدمير الكوكب. والمسؤول عن تدمير الأمازون هي الشركات الرأسمالية التي تحاول الهروب من أزمتها وإبقاء رأس المال العالم مسيطراً. وهي إذ تقوم بذلك، فعن طريق ثلاث طرق رئيسية:
تعريب وإعداد: عروة درويش
التعدين والمناجم.
الصناعة- الزراعية واستغلال التنوع الحيوي.
العالم الطبيعي «ويشمل بناء السدود وسرقة العلوم المحلية للنباتات الأمازونية».
وسنتطرَّق لهم في هذا المقال بشكل تفصيلي:
التعدين والمناجم
يعود التعدين في الأمازون إلى زمن اكتشاف المنغنيز «وهو أساسي لإنتاج الحديد والصلب» في ولاية أمابا في عام 1945 من قبل شركة التعدين «إيكومي». وقد مثّلت إيكومي مصالح الشركة الأمريكية العابرة للحدود الوطنية «بيت لحم للصلب». وقبل ثلاثة أعوام من هذا الاكتشاف، أسست الدولة البرازيلية شركة لتسهل عمليات حفر المناجم: كومبانيا فالي ريو دوسه «CVRD». درست الشركة الأمازون أثناء بحثها عن معادن ليتم استغلالها. أسست «CVRD» شركة متضامنة مع شركة الصلب الأمريكية تدعى «Amza». سمحت هذه الشركة للدولة بمنح حقّ استخراج وإنتاج المواد الخام للشركات الخاصة الأمريكية دون تحمّل أيّة مخاطر، فهي ستكون محمية من Amza. وبذات المناورة، تمّ السماح للشركة الكندية «ألكان» باستخراج البوكسيت «أكسيد الألمنيوم المائي» دون تحمّل أيّة مخاطر.
لكن لم يُنظر إلى الأمازون كمنطقة توريد أساسي للمعادن الصناعية إلّا في عام 1967 أثناء حكم الدكتاتورية العسكرية. وقد تزامن هذا مع بيع الشركة البرازيلية «جاري المحدودة» إلى شركة «يونيفرس تانكشيب»، وهي شركة فرعية مملوكة للشركة الأمريكية متعددة الأنشطة «دانييل لودويغ». بدأت بالتنقيب عن البوكسيت والكاولين «الصلصال الطيني». وقد منحت الشركة تخفيضات وتسهيلات ضريبية من قبل الحكومة البرازيلية.
وقد أخذت الدولة البرازيلية على عاتقها إنشاء جميع البنى التحتية اللازمة للتعدين– مثل: الطرقات السريعة ومحطات الطاقة الكهرومائية. كانت الطاقة المنتجة تذهب بكليتها لشركات التعدين ولا يحصل عليها الشعب القاطن في الأمازون على الإطلاق، ولا العمّال الذين كانوا يُؤخذون إلى هناك. وهذا يجعلنا نفهم دون تعجب سبب استمرار السكان الأصليين، وما تبقى من مجتمعات كويلومبوس «المجتمعات السوداء الفارة من العبودية» والذين لا أرض لهم والمنتجون الصغار، في نزاع دام مع مشاريع الدولة لاستغلال الأمازون.
بحلول التسعينيات كان دور «CVRD» قد تغيّر بشكل كبير. في عام 1997 بيعت شركة الدولة للقطّاع الخاص بسعر 3,3 مليار دولار. كانت الصفقة غبناً ظاهراً. فقد ملكت الشركة أصولاً لم يتم التطرق إليها عند تحديد ثمن البيع– مثل: 12,9 مليون طن من الحديد. لم تعد الشركة في عام 2003 برازيلية حتّى، فقد تمّ الإتجار في سوق نيويورك للأسهم بمقدار 67% من أسهمها، بينما بقي 33% من الأسهم في يد البرازيليين.
لقد ثبّتت خصخصة «CVRD» سيطرة الشركات الخاصة العابرة للحدود على التعدين والمناجم في الأمازون. ليس للدولة البرازيلية اليوم دور أكثر من مجرّد تسهيل عمليات الاستخراج الخاصة. أكبر الشركات التي تعمل اليوم في البرازيل هي فال البرازيلية وهيدرونورته البرازيلية وسي.بي.إم.إم البرازيلية وماغنيسيتا الأمريكية وأنغلو أمريكان البريطانية وألبراس اليابانية- البرازيلية وألكوا الأمريكية وماركاس ماين الكندية وكينروس الكندية- البرازيلية وهايدرو باراغوميناس النرويجية- الأسترالية وإم.آر.إن البرازيلية.
من المعادن الكثيرة التي يتم استخراجها من الأمازون، يشكّل الحديد قرابة 44,5% (ويتبعه النحاس بنسبة 11,1%). الصين واليابان هما المستهلكان الأكبر للحديد البرازيلي. يأتي معظم هذا الحديد من مناجم كاراخاس في ولاية بارا. يعتمد الاقتصاد البرازيلي على أسعار البضائع المرتفعة، والتي تتأرجح تبعاً للطلب الصيني والياباني على الحديد. وأيّ تباطؤ هنا سيؤذي الاقتصاد البرازيلي.
تصدّر البرازيل المواد الخام بأكثر حالاتها أوليّة، دون أيّ ابتكار تكنولوجي لازم لمنح قيمة للسلعة. في 2017، كانت نسبة 78,3% من الصادرات البرازيلية من منطقة الأمازون غير معالجة، و7,7% نصف- مصنّعة «مثل: الألومينا والألمنيوم الأولي»، و14% على شكل بضائع مصنّعة.
تسهم شركة فال وحدها بـ 62% من الصادرات من الأمازون «70,2% من ولاية بارا». لم تطوّر الشركة آليات التعدين لديها. وتعدّ البنى التحتية المهترئة، وكذلك الحصانة التي تحوزها من الدولة، من بين الأسباب الرئيسة التي تجعل شركتي فال وساماركو مسؤولتين عن أكبر الجرائم البيئية والاجتماعية في البرازيل. إنّ هذه الكوارث، وتشمل انهيار السدود المتداعية في ماريانا عام 2015 وبرومادينو عام 2019– وكلاهما مملوكان من قبل شركة فال. استخدمت هذه السدود المتداعية للسيطرة على الفضلات الناتجة عن تعدين الحديد الخام. أظهرت هذه الكوارث عدد المناجم المتداعية على طول الأمازون، وكذلك عدد من محطات الطاقة الكهرومائية العاملة اليوم، أو التي في مرحلة البناء أو المخطط بناؤها. فمقابل كلّ جبل حديد يتم تصديره، هناك جبل فضلات وفوضى يتم إنتاجه.
منذ انقلاب عام 2016 ووصول مجموعات ضغط التعدين– بشكل فاعل– إلى موقع القرار، ضغطت شركات التعدين على الدولة لتعديل قانون التعدين والمناجم. أرادوا إلغاء التشريعات المقيدة وفتح المناطق التي يجب أن تبقى محمية ومحافظاً عليها. أثّر تغيير قانون التعدين وسياسات الدولة بشكل مباشر على الأمازون على سلوك شركات التعدين في المنطقة.
أثناء حقبة الدكتاتورية العسكرية، أنشأت الحكومة «رينكا»، وهي منطقة محمية في شرقي الأمازون وموطن مجتمعات واجابي ووايانا وأباري من السكان الأصليين. أعلنت الدكتاتورية العسكرية بأنّها أرادت ضمان السيادة الوطنية للبرازيل على النحاس الموجود تحت الأرض. كما أنّ الاحتياطي يشمل رواسب من الذهب والماس والحديد والمنغنيز والكروم والتانتالوم والتين والكوبالت والنيوبيوم. قيل بأنّ هذه الرواسب قيّمة جداً. تستطيع شركة أنغلو غولد- أشانتي، وهي ثالث أكبر منتج للذهب في العالم، استخراج 7,4 غرامات من الذهب من كلّ طن صخور من مناجمها في كريخاس. أظهرت دراسات أجرتها شركة أبحاث التعدين «CPRM» بأنّ نسبة الذهب في كلّ طن صخور في منطقة رينكا هو 21,2 غرام. هذا أكثر إنتاجاً للذهب من الكثير من الأماكن.
في عام 2017، أي: بعد عام واحد من «الانقلاب الناعم» وولاية مايكل تيمر، ألغت الحكومة حماية إقليم رينكا. كانت إشارة واضحة لقطّاع التعدين والتمويل بأنّ حكومة تيمر الجديدة ستقدم تنازلات هائلة وتفتح الاحتياطيات لتسمح بشكل حر باستغلال البرازيل بالمجمل، والأمازون بشكل خاص، وشكّل هذا قطعاً كبيراً مع سياسات «حزب العمّال البرازيلي» الذي استلم السلطة ما بين عامي 2003 و2016. لقد تمّ الاستهزاء بجميع ما كان يعتبر فيما مضى «مقدساً»: التعدين في أقاليم يقطنها السكان الأصليون، والحفر في إقليم حدودي وتلويث البيئة. في عام 2018 ألغي قرار تجريد رينكا من الحماية تحت الضغوط، لكن النوايا واضحة: الأمازون مفتوح لمجال الأعمال.
لم يذكر بولسونارو التعدين في خطته الحكومية. إنّه حساس للضغوط ويفضّل فسح الطريق أمام مجال الأعمال ولكن بهدوء. لكنّه ذكر مدى أهمية النيوبيوم والغرافين، المستعملان في الموصلات الفائقة والخلايا الشمسية. الغرافين منتج جيد وسيأخذ تطوير استخراجه وقتاً. أمّا النيوبيوم فيتم استغلاله بشكل كبير على شكل خام في البرازيل التي تشكّل المصدر العالمي الرئيس له «93,7% من النيوبيوم يأتي من البرازيل».
الصناعة- الزراعية
كانت البرازيل في بؤرة ما يسمّى «الثورة الخضراء»، وهي مجموعة السياسات التي دفعت بالتكنولوجيا العصرية باهظة الثمن إلى القطّاع الزراعي، وسعت إلى استبدال المزارع الصغرى والمناهج التقليدية في الإنتاج الزراعي. لقد دفعت بالبلاد إلى إنتاج زراعات أحادية، واستخدام مفرط للكيماويات الزراعية «تعدّ البرازيل المستهلك الأكبر لها في العالم». هذا ما يسمّى «بالاستخراجية الجديدة» المطبّق في القطّاع الزراعي. إنّ أرض البرازيل ومياهها ملوثة اليوم. لكنّ الحقول تستمر في الالتزام بقوانين الصناعة- الزراعية المكثفة– حيث تتقدم الزراعات الأحادية في إنتاج الحبوب «فول الصويا والذرة والقمح» والبذور الزيتية «أشجار النخيل» وتنمية أشجار الكافور. عنى هذا بالنسبة للأمازون المزيد من استخراج الموارد– المغذيات من التربة والماء من المياه الجوفية– زيادة نزع الغطاء النباتي «قفز إنتاج الخشب في الأمازون من تشكيله 3% من الإنتاج الوطني في 1960 إلى 27% في 1990».
خبرت البرازيل في الخمسين عاماً الماضية ثلاثة مجالات رئيسة للنمو الرأسمالي في مجال الزراعة:
«الثورة الخضراء المعمقة»: يُعدّ الغذاء المعدّل جينياً رمزاً للإسراع في تطوير تكنولوجيا جديدة للصناعة- الزراعية. تمّ بيع هذه التكنولوجيا للعامة بوصفها طريقة لحلّ مشاكل البرازيل الزراعية، وحتّى لتقليص نزع الغطاء النباتي في منطقة الأمازون. لكنّ ما فعلته الصناعة- الزراعية التي تقودها التكنولوجيا المكثفة هو تعميق تركيز الزراعة وصناعة تربية الماشية في يد الشركات العابرة للحدود. الشركات العشر الأولى في البرازيل نسبة لإحصاءات صافي إيراداتها هي جي.بي.اس البرازيلية ورايزن المختلطة وكوزان الهولندية وبونج الهندوراسية وكارغيل الأمريكية وبي.ار.اف البرازيلية ومافريج البرازيلية ولويس دريفوس الهوندوراسية. وتعدّ كارغيل وبونج من أقوى الشركات العابرة للحدود في العالم التي تسيطر على صناعة الحبوب، ومن بينها قطّاع فول الصويا. إنّ سيطرة عدّة شركات على القطّاع الزراعي يجعل من المنطقة مستورداً رئيساً للغذاء، تبعاً لكون كامل إنتاج الصويا والماشية معدّ للتصدير. تجعل هذه الظاهرة فول الصويا ثالث أكبر مادة وطنية للتصدير بعد الحديد والنحاس. ففي منطقة ماتو غروسو على سبيل المثال: يشكّل فول الصويا 43% من الصادرات «تتلوه الذرة بنسبة 15,2%». من المثير للسخرية أنّ المناطق التي تهيمن عليها الصناعة- الزراعية لا تنتج غذاءها الخاص، ممّا يجبرها على أن تعتمد على السوق وعلى القوى الخارجية لتلبية حاجاتها الأساسية، ويؤدي لتركيز الأرباح من المحاصيل المخصصة للتصدير في أيدي قلّة من منتجي الكبار المالكين للإنتاج.
«تقدّم الحدود الزراعية»: حاولت حكومات حزب العمّال «رغم عدم راديكاليتها وسلوكها الخجول الذي لم يرتقِ للتغيير الجذري، والذي أسهم بشكل أو بآخر بما يحصل اليوم على الساحة البرازيلية» ما بين عامي 2003 و2016 أن توقف عمليّة نزع الغطاء النباتي عبر اعتماد سياسات اجتماعية وبيئية على حدّ السواء، وذلك من خلال استخدام تكنولوجيا المراقبة التي منعت دخول أعمال الزراعة وقطع الأخشاب والتعدين من الدخول إلى منطقة سيرادو، أكبر منطقة سافانا في العالم. لكنّ حتّى حزب العمّال لم يكن ناجحاً. فقد تمّ نزع الغطاء النباتي عن قرابة 50 ألف كيلومتر مربع من سيرادو خلال العقد الماضي. إنّ إنشاء «MATOPIBA»– وهي أكبر منطقة صناعة- زراعية في العالم اليوم– قد أدمج عشرة ملايين هكتار من سيرادو في الأراضي التابعة للولايات حيث تعيش 800 ألف أسرة فلاحية. سمح تطوير هذا المشروع بتمديد الصناعة- الزراعية إلى الأمازون. اليوم يحيط بالغابة حزام من الأراضي الزراعية لهذه الولايات. بدأ إنتاج فول الصويا في المنطقة المركزية في البلاد وتقدّم وصولاً إلى غابات الأمازون كنتيجة للاستثمارات الكبرى والتكنولوجيا الحديثة المستخدمة. لقد وصلت الأراضي التي استعمرتها الصناعة- الزراعية من الأمازون في عام 2011 إلى 9,5 مليون هكتار، حيث استخدم 68% منها في إنتاج فول الصويا. كما انتشر إنتاج اللحوم في المنطقة بذات الطريقة الإفتراسية، ليؤدي إلى زيادة نزع الغطاء النباتي والاستيلاء على الأراضي. كان هناك في عام 2016 أكثر من 85 مليون رأس ماشية– أي: نسبة ثلاثة رؤوس ماشية لكلّ قاطن في الأمازون البرازيلي. دعمت الحكومة شركات مثل: جي.بي.إس فريبوي «شركة السلخ الأكبر في البرازيل» عبر التشاركية مع القطّاع والاستثمار العام وعبر تشجيع هذا القطّاع على زيادة استغلال الأمازون.
«الرأسمالية الخضراء»: إنّ أكثر الآليات تطوراً وتعقيداً لتمدد الصناعة- الزراعية في الأمازون هي استخدام الرأسمالية الخضراء. فأدوات مثل: اعتمادات الكربون، والحدّ من الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها «REDD»، والدفع مقابل الخدمات البيئية، جميعها وفّرت ذرائع خبيثة لاستغلال الموارد عبر الادعاء بأنّ استباحة الأمازون هي طريقة لحماية الأرض عبر هذه الوسائل. كان الأمازون محمياً من قبل البشر الذين قطنوه، وهم الذين احترموا التنوّع النباتي والحيواني فيه. هم لم يحتاجوا الرأسمالية الخضراء لتعلمهم كيفية احترام الأرض. يتم اليوم استخدام التكنولوجيا الحديثة، باسم الحفاظ على الأرض، لاستخراج الموارد من الأمازون. يريدون أن يستنفذوا الأمازون باسم الحفاظ عليه.
إنّ الانتهاك الخطير المتسارع الذي تقوم به الصناعة- الزراعية لموارد البرازيل الطبيعية ولإقليمها هو هائل من جميع المقاييس، وهو مركّز بشكل خاص على إقليم الأمازون. يدير قطّاع الصناعة- الزراعية البرازيلي حوالي 350 مليون هكتار. تحتل المحاصيل الزراعية 64 مليون هكتار، بينما تحتل الماشية قرابة 159 مليون، ومنها قرابة 50 مليون مروج مهملة، حيث إنّها غير منتجة. فقط 100 مليون هكتار يتم الحفاظ عليها، مع 110 مليون في المنتصف يتم تحديدها بأنّها مناطق محمية «وتشمل الأراضي التي يقطنها السكان الأصليون». وهذه الأراضي المحفوظة هي في حالة تنازع ذي أبعاد قاريّة.
نهب المعرفة
إنّ المعرفة التي طوّرها السكان الأصليون على مدى آلاف السنين، هي جزء من الأشياء التي ترغب الشركات العابرة للحدود الوطنية بالحصول عليها. كان هذا واضحاً فيما يخصّ النباتات التي أصبحت أدوية وتمّ تسجيل براءات اختراع لها في أوروبا لإعادة بيعها بأرباح هائلة. في القرن التاسع عشر أزالت إنكلترا 70 ألف بذرة شجرة مطاط من الأمازون، وذلك دون أي مقابل للمجتمعات المحلية الأصلية التي طوّرتها، وأعادت زراعتها في حقول المطاط الماليزية. تمّت سرقة المعارف والتقاليد وتحويلها إلى حقوق فكرية مملوكة للشركات. عنى اعتراف الدولة البرازيلية في التسعينيات من القرن الماضي ببراءات الاختراع هذه بأنّها ليست صاحبة سيادة على باطن الأرض وعلى منتجات الأرض، وبأنّها محرومة من استخدام تكنلوجيتها الخاصة، وأنّ عليها دفع ثمنها لشركة مالكة لها في مكان آخر في العالم. لقد بدأت خصخصة المعرفة العامّة للشعب الأمازوني وبدأت الشركات العابرة للحدود الوطنية بتسجيل براءات اختراع عن المواد الفعالة في النباتات الأمازونية. لا يمكن أن يكون هذا الأمر سوى قرصنة- بيولوجية، ومن خلاله تمّ نهب معرفة الأمازون العامّة.
يحتاج التعدين إلى كميات هائلة من المياه. هناك حاجة للمياه لتحويل البوكسيت إلى ألمنيوم رئيسي، ولإنتاج المواشي وتوليد الطاقة عبر بناء محطات الطاقة الكهرومائية. يوجد في الأمازون 20% من المياه العذبة على ظهر الكوكب. لقد تمّ تسليم هذه المياه إلى الشركات العابرة للحدود الوطنية بأبخس الأثمان. في هذه الأثناء، فقط أقلّ من 5% من الأسر القاطنة للأمازون لديهم أنابيب مياه عذبة أو شبكات صرف صحي. تنهب الشركات المياه، ويتم تدمير الأنهار لأجلها. لم يعد الأمازون يبدو كما كان قبل مائة عام.