أفيون أفغانستان شريان لهيروين العالم... وأميركا أولاً
كتب مايكل تشوسودفسكي مقالاً عن المصالح الأمريكيّة في المخدرات بأنواعها في أفغانستان، وبدأت بالاقتباس عن ترامب خطابه: «في عام 2016، خسرنا 64 ألف أمريكي بسبب تعاطي جرعات مفرطة في المخدرات: 174 ميت يومياً، سبعة كلّ ساعة. علينا أن نقسو أكثر على تجار المخدرات وعلى الدافعين إليه إن كنّا نرغب بالنجاح في إيقاف هذه الكارثة... سيكون الصراع قوياً وصعباً، لكننا، وكما يفعل الأمريكيون دائماً، سوف ننجح».
تعريب وإعداد: عروة درويش
لكنّ الحقيقة الذي لا ينطق هذا الخطاب ومثائله بها: «أنّ الدافع إلى إدمان الهيروين في أمريكا قد وجهه وقاده غزو الولايات المتحدة لأفغانستان في تشرين الأول عام 2001». فرغم عدم تطرّق وسائل الإعلام السائد للأمر، كانت حكومة طالبان عام 2000/2001، وبدعم من الأمم المتحدة، قد طبقت حظراً ناجحاً على زراعة الأفيون: «فمحصول الأفيون الذي كان ينتج منه هيروين من الدرجة الرابعة مع مشتقاته، هبط بنسبة تزيد عن 90% في عام 2001. لم يتخطى إنتاج الأفيون عام 2001 أكثر من 185 طن... وذلك بحسب تقرير برنامج الأمم المتحدة المختص، والذي أعلن بأنّ حكومة طالبان استطاعت تقليل الإنتاج من 3300 طن عام 2000 إلى 185 طن عام 2001».
لكنّ عمل طالبان هذا أدّى إلى زعزعة، بشكل حرفي، تجارة هيروين عالميّة بقيمة مليارات الدولار. وهو كما يقول الكاتب: «حفّز الحرب الأمريكية على أفغانستان، والتي كانت مخططة قبل بضعة أشهر من حدوث هجمات 9/11». ففور احتلال الولايات المتحدة لأفغانستان، ارتفع إنتاج الأفيون إلى رقم قياسي تاريخي، ليصل إلى زيادة بلغت تسعة أضعاف عام 2002. «وفي عام 2017، ارتفع إنتاج الأفيون ليصل إلى 41 ضعف، ليصل إلى تسعة آلاف طنّ متري». الجدول رقم (1):
ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة كولومبيا، فقبل الاجتياح الأمريكي/الناتو لأفغانستان، كان هناك 189 ألف متعاطي للهيروين في الولايات المتحدة. ارتفع هذا العدد في عام 2012/2013 ليصل إلى 3.8 مليون متعاطي. لقد تضاعف عدد متعاطي الهيروين في الولايات المتحدة منذ عام 2001 أكثر من 20 مرّة.
وينوّه الكاتب إلى أنّ الصلة بين الزيادة الدراماتيكيّة في إدمان الأمريكيين للهيروين، وبين الزيادة الدراماتيكيّة في إنتاجه في أفغانستان، تبدو واضحة من التمحيص في الجهة التي تحمي نقله من أفغانستان. يذكر المقال: «من الموثق بإسهاب أنّ اقتصاد الأفيون الأفغاني قد شكّلته وكالة المخابرات الأمريكيّة عام 1979... وكما انكشف في فضائح إيران-كونترا والبنك التجاري الدولي، فقد أشرفت السي.آي.إيه على عمليات غسيل الأموال عبر عدد من المؤسسات المالية حول العالم، وخاصة في الشرق الأوسط، وعبر أفرع شركات شل».
وكما يؤكد الكاتب: «إنّ علاقة التوريد-بالطلب هي علاقة معقدة: الزيادة الدراماتيكية في استهلاك الهيروين لم تكن لتصبح ممكنة دون الزيادة المتزامنة معها في إنتاج الأفيون، والذي انتقل من 183 طن متري عام 2001 إلى قرابة تسعة آلاف طن متري عام 2017».
والتقرير الصادر عن المكتب المختص في الأمم المتحدة عام 2017 يبيّن: «إنّ حصة صغيرة جداً من العائدات التي تولدها زراعة وتجارة المواد الأفيونيّة الأفغانيّة تصل إلى مجموعات تجارة الأفيون الأفغان. أمّا مليارات الدولارات التي يتم جنيها، فتتم عبر الإتجار بالمواد الأفيونية إلى وفي أسواق الاستهلاك الكبرى في أوروبا وآسيا».
ويؤكد الكاتب: «لقد أصبح مجال الأعمال هذا مؤسساتياً وله وكالات مخابراته وجريمته المنظمة ومؤسساته المالية وبائعوه بالجملة وبائعوه بالمفرق ...الخ. جميعهم منخرطون بشكل مباشر أو غير مباشر بتجارة المخدرات. علاوة على ذلك، فإنّ حصّة كبيرة من المال المتداول عالمياً متصل بالأموال المغسولة من تجارة المخدرات، وذلك وفقاً لصندوق النقد الدولي». فتجارة المخدرات تمثل: «ثالث أكبر سلعة من حيث الأموال التي تصرف فيها بعد النفط والسلاح».
وينهي المقال باقتباس عن تيموثي ألكسندر غوزمان: «من يملك الطائرات والسفن التي تنقل 90% من هيروين العالم من أفغانستان إلى بقية العالم؟ إنّهم ليسوا طالبان بكل تأكيد».
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني