الطبقة العاملة الأمريكية... وتنظيمها الحزبي
في ظل الانقسام الحاصل داخل الولايات المتحدة الأمريكية، تخرج إلى الضوء مجموعة من تلك الأسئلة، التي كانت في عداد «المحرّمات» حتى الأمس القريب. وفيما يلي، تعرض «قاسيون» مقالاً نشر مؤخراً في مجلة «Jacobin» الأمريكية، تحت عنوان «أين حزبنا العمالي؟». وإن كان السؤال- وأهميته الاستثنائية في هذه اللحظة وضرورة طرحه ومواكبة التفاعلات الجارية في المجتمع الأمريكي في ظل التراجع - هو الدافع وراء نشر المادة، فإن الأفكار والمغالطات الواردة في سياق محاولة الإجابة عليه لا تعكس، بحال من الأحوال، رؤية «قاسيون».
تعريب: عروة درويش
أصغى الكثيرون، بينما كان بيرني ساندرز يتوعّد ويشير. قلّة هم الذين شاهدوا من قبل مثل هذا البرنامج الاجتماعي الديمقراطي، الذي «لا يعرف الخوف»، أو الذين سمعوا تحليلاتٍ اجتماعية تلوم اللامساواة والاستغلال من قبل طبقة الأثرياء.
لكن إن كان ولاء ساندرز الملهم لا يشبه أيّ مرشح يساري آخر، منذ عقود، فإنّ ترشحه ضمن الحزب الديمقراطي أثار حفيظة الكثير من اليساريين الاشتراكيين. فبعد كلّ شيء، يهيمن على الحزب الديمقراطي ممثلون عن طبقة الرأسماليين، والذين يفرضون قيوداً على أيّ مرشّح يساري لإبقائه تحت مظلتهم.
لماذا شكّلت موجة ساندرز بدعةً في السياسة الأميركية؟ ولماذا تم حُشر السيناتور في مثل هذا المأزق، وهو: أن يختار بين موقعه المعزز كسياسي مستقل، وبين أية فرصة تتصل بنظام الحزبين الوطني؟ تكمن الإجابة في حزب العمّال المفقود، فالولايات المتحدة هي الوحيدة- بين جميع الدول الرأسمالية المتقدمة- التي لا تملك واحداً. لكن هذا يطرح سؤالاً آخَراً: لماذا تكون الولايات المتحدة استثناءً ناشزاً؟
«الاشتراكية» و«الأمركة»
يوفّر كتاب ويرنر سومبارت الكلاسيكي «لمَ لا يوجد اشتراكية في الولايات المتحدة؟» مكاناً جيداً لبدء البحث. قام سومبارت، في كتابه عام 1906، بالتطلّع لشرح سبب كون حزب أميركا الاشتراكي «إس. بي» مهمّشاً بالمقارنة مع نظرائه في القارة الأوربية. وثانياً: سبب عدم اهتمام اتحاد العمّال الأميركي «إ. اف. إل»- وهو الاتحاد الأقوى في حينه- بالسياسات الاشتراكية، أو حتّى بالقيام ببناء حزبٍ قوامه العمّال.
علّل سومبارت الأمر: لو أنّ «الاشتراكية الحديثة قامت بردّة فعل ضرورية على الرأسمالية، فإنّ الدولة التي فيها أكثر رأسمالية متطورة- أي الولايات المتحدة- سوف تصبح في الوقت ذاته الدولة التي تقدّم قضيّة الاشتراكية التقليدية، وستصبح طبقتها العاملة داعمة لأكثر الحركات الاشتراكية راديكالية».
لم يحصل ذلك في النهاية. قدّم سومبارت تعليلين للأمر، الأول: إسقاط أرضيات المنصات المعارضة عندما أصبحت كبيرة وقادرة على تشكيل تهديد. كان هذا شائعاً تحديداً لدى الحزب الديمقراطي، والذي امتصّ بنجاح حزب الشعب «Populist» عام 1896، والبقايا الممزقة من المنصّة الاشتراكية في ثلاثينيات القرن العشرين.
بأيّة حال، فإنّ تفسير سومبارت الأساسي كان الثروة، فالعمّال الأميركيون كانوا موسرين جدّاً (وكانوا قادرين أيضاً على تسلّق السلّم الاجتماعي) كي يدعموا تأسيس حزب عمّالي أو اشتراكي شامل. طوّر العمّال، الذين كانوا يعومون في البحبوحة، نزعةً محافظةً، بل حتّى «حبّاً» للرأسمالية. استنتاج سومبارت الشهير: «جميع مدن الاشتراكية الفاضلة لم تعادل لحم البقر المشوي وفطيرة التفاح».
لم يوافق الجميع على نظريات سومبارت. قدّم المفكرون خلال القرن التالي تعليلات منافسةً حول سبب «الاستثنائية» السياسيّة الأميركية. لام البعض العنصرية ضدّ السود، وضدّ الصينيين على التقليل من قدرة بقاء حزب للعمّال في تسعينيات القرن التاسع عشر. ركّز آخرون على الوجود المبكر للاقتراع العام للذكور البيض، ليحاجّوا بأنّه أزال التظلّم السياسي، المبني على الطبقية، والذي دعم تأسيس أحزاب عمالية في أماكن أخرى.
كانت الخواص المؤسساتية للنظام السياسي الأمريكي (الفدرالية، والرئاسية، والعضو الواحد، والفائز الذي يأخذ جميع المقاطعات المصوّتة) هي هدفٌ آخر. وضع موريس هيلكويت، مؤسس الحزب الاشتراكي، نفسه في هذا المعسكر، ليؤكّد بأنّ هيكلية السياسة الأمريكية، جعلت قادة النقابات يُنَظِّرون لحزبٍ للعمّال، على أنّه مجرّد حلمٍ طوباوي.
ضدّ الاستثنائية
يعدّ روبن آرتشر من المتشككين. وبالنسبة لآرتشر، وهو مؤلف كتاب «لماذا لا يوجد حزب عمّال في الولايات المتحدة؟» الصادر عام 2010، فإنّ الحصافة التقليدية تُبنى بشكل خاطئ على المقارنة مع أوروبا. يحثّنا آرتشر عوضاً عن ذلك، على التطلّع إلى «العالم الجديد» النظير، الأكثر شبهاً بالولايات المتحدة: إلى أستراليا.
في تسعينيات القرن التاسع عشر، عانت كلاً من الولايات المتحدة وأستراليا أسوأ كساد في ذلك القرن، تمّت هزيمة النقابات في البلدين بشكل تامّ بعد سلسلة من المواجهات الصناعية، ولكن قام النقابيون الأستراليون- خلافاً لرفاقهم الأميركيين- بالردّ عن طريق تأسيس أولى وأكثر الأحزاب العمالية الانتخابية نجاحاً في العالم.
تولّى حزب العمّال الأسترالي الشامل للبلاد «إ.إل.بي» وزارة لأول مرّة عام 1904، وأعاد الكرّة عام 1908. كانت تلك الحكومتان حكومتي أقليات لم تعيشا طويلاً، لكنّه شكّل عام 1910 حكومة مدعومة من نصف عدد الناخبين. لم تحظ حكومة ديمقراطية اشتراكية بهذا المستوى من الدعم حتّى وصول حزب العمّال النيوزلندي، والحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي إلى الحكم، عامي 1938 و1940 على التوالي.
بالعودة إلى الولايات المتحدة التي مرّت بظروف مشابهة، تجاهل اتحاد العمّال الأمريكي الفاعلين الساعين لحزب للعمّال، وأبقى على التزاماته تجاه الحزب الديمقراطي، وعلى مفهوم النقابيّة «البسيطة والنقيّة» (والتي تنصّ على أنّ العمالة المنظمة يجب أن تهتمّ بنفسها، وبأماكن العمل أكثر من اهتمامها بالدولة). وسرعان ما تحوّل خيار رفض بناء حزب إلى عقيدة راسخة، تُدين محاولات إنجاح سياسة مستقلة لطبقة العمّال.
يستخدم آرتشر المقارنة مع أستراليا من أجل تخطئة الادعاءات المتعلقة باستثنائية الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، ورغم حقيقة أنّ العمّال الأميركيين كانوا يتمتعون بمعايير حياة أعلى في تسعينيات القرن الثامن عشر، مقارنة بنظرائهم الأوربيين، فإنّ ظروف حياة العمّال الأستراليين كانت أعلى منهم.
إضافةً لذلك، فقد كان لدى الأستراليين ذات «النفور العرقي الموجود لدى نظرائهم الأمريكيين»، ورغم ذلك «فقد كان الأمر ملائماً تماماً لإنشاء نقابات صناعية جديدة موسّعة، وحزباً للعمّال». ومهما كان الأمر باعثاً على الأسى، فقد جمع العداء العنصري العمّال البيض مع بعضهم البعض ضدّ هجرة «العمّال الملونين»، وبقي «إ. إل. بي» يدعم بشكل رسمي لسنوات طويلة: «تهذيب الميول الأسترالية، المبنية على الحفاظ على النقاء العرقي». سمح تأييد «أستراليا بيضاء» لحزب العمّال بالظهور كحزب قومي أسترالي، وللفوز بالدعم بين صفوف عنصريي الطبقة الوسطى.
استخفّ آرتشر أيضاً بالعنصرية كإسفينٍ مهمّ بحد ذاته، للتفريق بين العمّال في أواخر القرن التاسع عشر. فهو يحاجج بأنّ حركة عمّال الولايات المتحدة لم تكن قد تبنّت بعد عداءً عنصرياً تجاه المهاجرين الأوربيين الشرقيين والغربيين، وبأنّ هجرة العمّال السود الكبرى إلى معامل الشمال لم تكن قد حصلت بعد.
وبالمثل، اعتبرت القيادات العمّالية، والإعلام الموالي للعمّال في أستراليا، سيادة القيم الليبرالية «فرصةً أكثر منها عائقاً. نظروا إلى أنفسهم كمدافعين عن تلك القيم، والتي حاجّوا بأنّها كانت مهددةً بالتطورات الاجتماعية المعاصرة».
فرص ضائعة
تقطع تحليلات آرتشر شوطاً طويلاً، تجاه شرح سبب عدم إنشاء حزب عمّالي وطني في بدايات القرن العشرين. لكن أسباب عدم النجاح بإنشاء حزبٍ بعد تشكيل هيئة المنظمات الصناعية «سي. آي. أو» في 1930 تبقى غامضةً بشكل أو بآخر.
جزءٌ من التعليل، كما يعرضه عالم الاجتماع باري إيدلين، أنّه، وبخلاف نظرائهم في الأماكن الأخرى، قام روزفلت والديمقراطيين بالردّ على تمرّد المزارعين والعمّال بالاحتواء بدلاً من الإكراه، مستغلاً الكساد الكبير «لتوسيع التحالف معهم تحت شعار «الرجل المنسي»، وسياسة العروض التي استوعبت بعض أجزاء طبقة العمّال، والمزارعين». قوّى دعم روزفلت لقانون «واغنر» بالتحديد، الروابط بين العمّال والديمقراطيين، حيث أصبح مسؤولون نقابيون، مثل رئيس عمّال الملابس المتحدين «أكوا»، سيدني هيلمان، ورئيس نقابة سائقي الشاحنات، دانيال توبين، مستشارين ومسؤولين دائمين في الحزب الديمقراطي.
لكن، كما لاحظ إيدلين، إن سبب رفض هيئة المنظمات الصناعية تنظيم حزبٍ للعمّال عندما ظهرت «الهوّة بين خطاب الحزب الديمقراطي المدافع عن حقوق العمّال، وبين واقع استخدام الحكّام الديمقراطيين للقوات الحكومية من أجل إفشال الإضرابات؟».
حمّل بعض الباحثين، أمثال المؤرّخ إيريك دافين، المسؤولية لقادة هيئة المنظمات الصناعية. في بداية الثلاثينيات، ترشّح عددٌ من الأحزاب العمّالية في 23 منطقة على الأقل، وفازت بالسيطرة على الحكومات المحلية في كلّ من مناطق برلين ونيو همبشير. ضغطت الهيئات العمّالية المحلية في عشرة مناطق أخرى على الأقل، من أجل إنشاء حزب عمّال وطني، وكذلك فعلت منظمات الولايات العمّالية في كلّ من نيوجرسي، ورود آيلاند، وفيرمونت، وويسكونسن. في اجتماع (إ. إف. إل) عام 1935، وهو الذي قاد لتشكيل هيئة المنظمات الصناعية، قدّمت نقابات متنوعة التماساً لتشكيل حزب عمّالي، وقد فشل المشروع المقدّم في الوصول لمرحلة التنفيذ بفارق ضئيل.
لكن في عام 1936 قام «جون لويس»، رئيس عمّال مناجم أمريكا المتحدين «أمو» والهيئة، و«سيدني هيلمان» رئيس «أكوا»، بتأسيس عصبة العمّال غير المتحزبين- وهي حركة صُمّمت لضمان بقاء هيئة المنظمات الصناعية مواليةً لروزفلت المؤيد للعمّال ظاهرياً.
توضّحت آثار قرار لويس وهيلمان بعد وقت قصير. عندما أسقط الأعضاء العاديون في «ساوث بيند» المحلية المنبثقة عن نقابة عمّال السيارات المتحدة «ياو»، قرار دعم روزفلت، مقترحين تشكيل حزب عمّالي فلاّحي بدلاً عنه، فإنّ قيادة الهيئة تحركت فوراً. أرسل لويس ممثله الشخصي «أدولف غيرمر» لإقناع مندوبي «ياو» بالتراجع عن خططهم. وكما قال: إن تعنتوا في رأيهم، فإنّ الهيئة ستلغي تمويل «ياو» لتنظيم صناعة السيارات. رضخ المتمردون.
كتب المؤرخ «مارك نيسون» عن هذا التحوّل: «أصبحت الروابط بين الحركة العمّالية والحزب الديمقراطي الوطني قويّة جدّاً، بحيث إنّ قادة العمّال، سواء أكانوا راديكاليين أو شعبيين، لم يستطيعوا تحديها دون المخاطرة بخسارتهم لمهنهم». الذين فعلوا ذلك، أمثال نقابات الحزب الشيوعي، الذين دعموا حزب التقدّم ومرشحه «هنري والاس» عام 1948، وجدوا أنفسهم مطرودين من العمالة المنظمة.
إنّ الفشل التام لحملة والاس الرئاسية، هي التي دفعت قادة النقابات أمثال والتر روثر، الذين دعموا مرّةً بناء حزب عمّال مستقل، إلى الاستغناء عن الفكرة، في سبيل إعطاء الدفع لبرامج الرفاه الاجتماعي- الديمقراطي عبر الحزب الديمقراطي.
مع افتراض فوز الحزب الجمهوري في الرئاسة عام 1948 (والخوف من المزيد من التشريعات المناهضة للنقابات مثل قانون «تافت-هارلي»، والذي مرره كونغرس الجمهوريين قبل عام) فقد بدأ مجلس «ياو» التنفيذي بالدعوة لحزب جديد بعد الانتخابات. حتّى أنّ فكتور، شقيق والتر، وضع خطط عقد مؤتمر تثقيفي، يضمّ زعماء الاشتراكية الديمقراطية الكنديين والبريطانيين.
لكن عندما فاز هاري ترومان بشكل غير متوقّع، رمى والتر بكامل رهاناته على الديمقراطيين، ذلك رغم تزايد احتمالية أن يجد تنظيماً عمّالياً أمريكياً- والذي كان في عام 1950 أقوى من أيّ وقتٍ مضى- طريقه للنجاح.
ادّعى روثر بأنّه «في أوربا... حيث التجمعات الطبقية صلبة، فإنّ الأحزاب العمّالية هي التعبير السياسي الطبيعي، بسبب وجود مجتمع طبقي ثابت للغاية. لكن أمريكا مجتمعٌ حيث المجموعات الاجتماعية في تغيّر مستمر... أعتقد بأنّ لدينا مجتمعاً ليس صلباً من ناحية الاصطفاف الطبقي، وهذا هو الأمل الكبير لأمريكا». الاشتراكيّ السابق، والزعيم النقابي الذي وصِف مرّةً «بالرجل الأكثر خطورة في ديترويت»، يبدو بأنّه يردد كلام ويرنر سومبارت.
في منتصف الستينيات، عندما أنشأ ليندون جونسون «المجتمع العظيم» خاصته، وأعلن «الحرب على الفقر»، بدا وكأنّ استراتيجيات أمثال روثر، في الدمقرطة الاجتماعية للولايات المتحدة، عبر الجناح الليبرالي للحزب الديمقراطي، قد أعطت ثمارها في النهاية. لكنّ أثبتت تلك اللحظة قصر مدتها، فالحرب على الفقر، كما قال مارتن لوثر كينغ: «سقطت في ساحات معارك فيتنام»، وتحوّل الجناح المهيمن في الحزب الديمقراطي بعد فترة وجيزة من الليبرالية الكينزية إلى النيوليبرالية.
هل سيكون هناك حزب عمّال أمريكي يوماً ما؟
تناقص حجم وقوّة تأثير العمالة المنظمة بشكل مطّرد، عبر العقود القليلة الماضية. لم يفعل الجناح المهيمن، المؤيد لأصحاب الأعمال، في الحزب الديمقراطي شيئاً يذكر، يدلل على أنّه صديق للعمّال. وحتّى عند قيام برني ساندرز بالترشّح كمؤيّد عتيد للعمّال ضمن المظلّة الديمقراطية، فقد رفض أغلبية قادة النقابات الوطنية أن يدعموا مساعيه، واختاروا الفائزة «الحتمية» هيلاري كلينتون عوضاً عنه. إنّ ما يدعوه نيلسون ليختنستاين «بنزعة المحافظة» العمّالية، يسري على معظم النقابات، فهم لا يجرؤون على المخاطرة بخسارة شيء ممّا لديهم، مع أنّ ما لديهم قليلٌ جدّاً.
رغم ذلك، فقد دعم العديدون من غير القادة ساندرز، وملايين الأمريكيين الآخرين اختاروا رسالته الديمقراطية- الاجتماعية. إذاً، هل الأرضية لإقامة حزب عمّال مستقل أكثر خصوبةً اليوم؟
يصعب قول ذلك. فحتّى إن أرادت قيادات النقابات الحالية أن تنفصل عن سياسات الحزب الديمقراطي- وقد أظهرت المؤشرات الأخيرة بوضوح عدم نيتهم ذلك- فإنّ العمّال المنظمين، هم في حالة ضعيفة حقّاً. فبينما أثبتت التجربة الأسترالية بأنّ نظاماً انتخابياً فيه الكثير من العوائق لا يعني بالضرورة حكماً بالإعدام على الأحزاب العمّالية، فقد تمّ تأسيس البنى التي تعتمد على النقابات، في بقيّة أماكن العالم عندما كان العمّال يمثلون طبقة صاعدة. سيكون من الصعب تمييز طبقة عمّال الولايات المتحدة بهذه الطريقة اليوم، حتى مع زوال الوهم بأنّ الولايات المتحدة هي مجتمع الطبقة الوسطى.
قد يكون على حزب عمّالي أن ينتظر لإنشائه، إلى حين صعود حركة نقابية شاملة جديدة- ومعه ثبات السياسات الجذرية التي ازدهرت يوماً في الولايات المتحدة. لكنّ دودزيك على حق، فمهما كانت الصعوبات، وبغض النظر عن وقت ولادته: «إن حزباً للعمال يبقى مهمةً عظيمةً غير منجزة لطبقة عمّال الولايات المتحدة».