محاولة الساعة الأخيرة لإنقاذ نظام المحاصصة

محاولة الساعة الأخيرة لإنقاذ نظام المحاصصة

تتواصل مجزرة الشعب العراقي اليومية والمكشوفة دون رادع، كما تتصاعد عمليات الاغتيال المنظمة وقتل النساء بكل الأساليب القذرة، بالذبح واقتحام البيوت وكاتم الصوت، ناهيكم عن قمع الاصوات المحتجة.

فجَّر رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي قنبلة في وجه القيادات العسكرية والأمنية، في حديثه المتلفز عن «بطولات» ابنه أحمد، والتي أثارت جدلاً واسعاً بين الساسة والجمهور، من جهة، واستُغِلَّت، بشكل منافق، من خصومه من الجهة الأخرى. علماً أن أحمد نوري المالكي يثير الجدل منذ فترة. وقد كان ظهور والده على الشاشات ليقول إنه «بطل» يلاحق رجل أعمال متهم بالتجاوز على القانون وأمن البلاد، بعد أن خاف كبار الضباط من ملاحقته. على الرغم من أنه مدين للدولة بمليارات، ولديه أسلحة وكواتم للصوت وسيارات مهربة. ويتواصل أيضاً مسلسل فضائح الفساد، حداً وصل الأمر فيه أن تهتف الجماهير المحتجة تهكماً «نفط الشعب فدوة لك»، بعد انفضاح نهب وممارسات أعضاء «البرلمان» غير الأخلاقية، في سرقة المال العام.


وجاء فشل « البرلمان» في إقرار التعديلات المطلوبة على قانون الانتخابات، وعدم تشريع قانون الأحزاب، وقانون البنية التحتية، ليعكس مدى التدهور الذي وصلت إليه العلاقة بين أطراف نظام المحاصصة الطائفية الفاسد، خصوصاً وأن بعض هذه القوى لايزال يراهن على الحل العسكري للأزمة السورية، لمصلحة «المعارضة» السورية اللاوطنية، ليحقق حلمه في نقل العراق من مرحلة التقسيم الفيدرالي إلى مرحلة التقسيم إلى إمارات عشائرية وطائفية.


وفي الوقت الذي تتصاعد فيه التحركات الشعبية المناهضة للفساد، تعمد القوى الطائفية إلى إشغال المجتمع بصراعاتٍ طائفية، من قبيل طرح مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفرية من هذه الأحزاب للتصويت عليه، ومن ثم حرف الأنظار عن الوجهة الرئيسية، المتمثلة بالتصدي لنظام المحاصصة وفساده وتبعيته .


كالعادة التي درج عليها زعماء المحاصصة عند استفحال أزماتهم، بدأ موسم حج جديد إلى واشنطن. فما أن بدأ المالكي زيارته، حتى أعلن عن دعوة البارزاني للتوجه إلى هناك. غير أن المراقبين يجمعون على عجز واشنطن، العاجزة أصلاً عن حل مشاكلها، والتي تتخبط بأزمتها الاقتصادية، في أن تجد حلاً سحرياً للكارثة العراقية، المتجسِّدة بواقع عراقي مأساوي على الصعد، الأمنية والمعيشية والخدمية والانسانية كافة.


إن أكثر السيناريوهات تفاؤلاً لا يتعدى في حدود تفاؤله مشهد تأجيل الانتخابات لمدة عام، لمنح المتصارعين، ومدربيهم وحماتهم من الأمريكان والدول الاقليمية، فرصة خوض الجولة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من نظام تجاوز فترة صلاحيته الزمنية، وعجز عن إنجاز الهدف الأهم من بين أهداف وجوده، ألا وهو تقسيم العراق. أما السيناريو البديل المحتمل، فهو تقدُّم الخط الثاني الاحتياطي المجهَّز من الإمبريالية الأمريكية، والذي يمثله الساسة الليبراليون، وهم خليط من العملاء الذين يروجون للنظام الليبرالي كبديل للنظام القائم (وكأن الليبرالية لم تكن هي أساس نظام الاقتصاد الريعي القائم في العراق ولا هو السبب الرئيسي لاندلاع الثورات الشعبية في العراق)، وأولئك هم الذين يطبِّلون لليبرالية دون معرفة ماهيتها، من حيث النشأة التأريخية واستحالة تقديمها الحلول للأزمة السياسية والاقتصادية- الاجتماعية التي تعاني منها البلاد، أو تحقيق العدالة الاجتماعية.


ولعلَّ أهم ما أغفله السيد الامبريالي (أمريكا)، كعادته وخدمه من الأتباع، هو صوت الشعب العراقي الآخذ بترديد: «يسقط حكم الفساد والعملاء، نعم للعراق والوحدة الوطنية، لا للتقسيم والتبعية».

 


*صباح الموسوي: منسق التيار اليساري الوطني العراقي وعضو لجنة العمل اليساري العراقي المشترك.

آخر تعديل على الأربعاء, 18 كانون1/ديسمبر 2013 13:17