قامتان ثوريتان عالميتان: جياب وجيفارا
معن بشور معن بشور

قامتان ثوريتان عالميتان: جياب وجيفارا

ليس الحنين وحده هو الذي يجمعنا اليوم في هذا اللقاء الحميم حول قامتين ثوريتين عالميتين أحدهما أفنى عمره الطويل نضالاً في سبيل شعبه، والآخر استشهد وهو في ريعان الشباب من أجل أن تحيا قيم الحرية والعدل والكرامة الإنسانية في عالمنا…

وليس الوفاء وحده هو الذي يشدّنا اليوم إلى راحل كبير افتقدته البشرية قبل أسبوع، وإلى شهيد كبير افتقدته البشرية كلها قبل 46 عاماً، وما زال شبابها يتذكره في كل ميدان وكل ساح…

بل هو أيضاً تلك العلاقة المميّزة بين الراحلين الكبيرين وبين أمتنا العربية، علاقة فيها وحدة الكفاح ضد الاستعمار وشروره، والاستغلال وصوره، والاستعباد وأشكاله، علاقة تعلّمت فيها ثوراتنا من دروس بعضها البعض، وتبادلت فيها الخبرات، وتعمّقت بينها العلاقات…

ألم يتعلم الجنرال فون نجوين جياب، كما قال يوماً للقائد الكبير الشهيد أبو جهاد، من قائد ثورة الريف المغربي المجاهد الكبير عبد الكريم الخطابي، مضيفاً من كان عنده أمثال الخطابي لا يحتاج إلى دروس من تجربتنا الثورية…

ثم ألم نتعلم نحن من قائد الانتصارين على الإمبراطورية الفرنسية والأمريكية فنون “حرب الشعب” في كل كفاحنا ضد المحتلين والمستعمرين، بل ألم تصدح حناجرنا طويلاً بالهتاف الشهير “حرب الشعب طريق النصر” مستعينين به على ما كان يتحدثون به عن ميزان قوى يميل لصالح الأعداء، فكنا نجيب: ليسوا أقوى من أمريكا ولسنا أضعف من فيتنام.

أما جيفارا صديق جمال عبد الناصر منذ زيارته للقاهرة بعد انتصار ثورة كوبا العظيمة بقيادة فيدل كاسترو عام 1959، وصديق أحمد بن بلة الذي استضافه لأسابيع في الجزائر قبل حملته الشهيرة إلى الكونغو للقتال إلى جانب الحركة الثورية “سيمبا”، فلقد بقيت صورته ترتفع في كل مسيرة، ومع كل تحرك ثوري، وتتجدد مع ذكراه دماء الثورة في عروق الشباب وهو القائل: “لا استطيع أن أعيش ودماء الثورة مجمّدة داخلي”.

وإذ كنا كقوميين عرب نحيي اليوم ذكرى جياب بعد رحيله، وذكرى تشي جيفارا بعد 46 عاماً على استشهاده، فذلك تأكيد جديد على عالمية حركة التحرر العربية، وعلى تدفق الرافد الثوري العربي في نهر الثورة العالمية الكبرى.

فبقدر ما ألهمت هاتان القامتان الثوريتان أمّتنا وشعوب العالم، فإن المقاومة العربية الممتدّة من المحيط إلى الخليج كانت ملهمة كذلك لثوار العالم كله، لاسيّما في العقدين الأخيرين…

هنا أذكر كيف أن الرئيس الراحل أحمد بن بلة قال لي في أحد لقاءاتي به: لقد لعب الانتصار الفيتنامي الحاسم في معركة ديان بيان فو الشهيرة ضد الاستعمار الفرنسي أحد أبرز الأسباب التي شجعتنا على التعجيل بموعد انطلاق الثورة الجزائرية في الفاتح من نوفمبر 1954… تماماً كما استلهمت الثورة الفلسطينية المعاصرة المنطلقة في 1/1/1965، جزءاً رئيسياً من إستراتيجيتها من حرب الشعب الفيتنامية وقائدها السياسي هو شي منه، والعسكري فون نجوين جياب.

واليوم ألا يحق لنا أن نشعر أن المقاومة العربية المتنامية والممتدّة من فلسطين إلى العراق إلى لبنان بما حققته من انتصارات على الاحتلال الأمريكي والصهيوني، إنما كانت تستكمل مسيرة جياب وغيفارا، وتلعب دوراً حاسماً في انكفاء الهيمنة الأمريكية عن جنوب شرق آسيا، حيث كانت الحرب الفيتنامية بقيادة الثنائي العم هو والجنرال جياب، نقطة التحول، كما في التراجع الأمريكي في أمريكا اللاتينية حيث شكّل صمود الثورة الكوبية بقيادة الثنائي كاستروا وجيفارا بداية الانحسار…

التحية لجياب، التحية لجيفارا، التحية لكل شهداء الأمّة والعالم، وإلى المزيد من التواصل والتضامن بين شرفاء الأمّة وأحرار العالم.


المصدر: موقع البديل

آخر تعديل على الأحد, 13 تشرين1/أكتوير 2013 00:03