«الحزام والطريق» تقترب من عيد ميلادها الخامس
طرحت الصين مبادرة الحزام والطريق، منذ ما يقرب من خمس سنوات. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، تحول بناء "الحزام والطريق" تدريجيا من الفكرة إلى العمل، ومن المبادرة إلى التوافق، ومن الرؤية إلى الحقيقة، وحققت ثمارا هامة وآثارا عميقة المدى على العالم.
ثمار متزايدة
إن أهم ماحققته مبادرة "الحزام والطريق" خلال السنوات الخمس الماضية، هو التحول من الرؤية نحو العمل. حيث أصبحت المبادرة "علامة تجارية" مثيرة للإهتمام. يقول وانغ يي واي، مدير معهد الشؤون الدولية بجامعة الشعب الصينية.
ويرى وانغ يي وي، بأن مبادرة "الحزام والطريق" قد حققت 5 أنواع من نتائج هامة خلال السنوات الخمس الماضية: التصميم الفوقي، المشاريع الكبرى، التوفيق بين المخططات، الترابط، وتحرك الشركات.
أولا، على مستوى التصميم الفوقي، أنهت المبادرة المراحل الأولى من التصميم، ودخلت عبارة "الحزام والطريق" إلى الخطاب الدولي، وأصبحت عبارة مفتاحية. وفي مارس من عام 2016، تبنى مجلس الأمن الدولي القرارS/2274، والذي يشمل دفع "مبادرة الحزام والطريق". وفي نوفمبر من نفس العام، أدرجت مبادرة الحزام والطريق في نص قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، رقم A/71/9. ورحب القرار بلعب المبادرة دورا هاما في دفع التنمية الإقتصادية في أفغانستان وغيرها من دول المنطقة. كما طالب المجتمع الدولي بتوفير بيئة آمنة وسالمة لبناء مبادرة"الحزام والطريق". وقد أيدت الدول الأعضاء الـ193 هذا القرار بالإجماع، ماعكس الدعم العام، الذي يقدمه المجتمع الدولي لدفع "مبادرة الحزام والطريق".
ثانيا، على مستوى المشاريع الكبرى، مثلا في مجال مشاريع السكك الحديدية، تم بناء خط سكة مومباسا- نيروبي وسكة أديس أبابا- جيبوتي. وفي مجال الطرق السريعة، سيتم إنشاء طريقين كبريين في إطار الممر الإقتصادي الصيني الباكستاني. وجسر النهر الأسود العملاق الرابط بين الصين وروسيا. وعلى صعيد الشحن البحري، تشارك الصين في بناء وتشغيل 42 ميناء في 34 دولة بما في ذلك ميناء بيريوس اليوناني وميناء هامبانتوتا في سريلانكا وميناء غوادار الباكستاني.
ثالثا، توفيق إستراتيجيات التنمية مع أكثر من 90 دولة
رابعا، نتائج وافرة على مستوى التواصل والترابط. على مدى السنوات الخمس الماضية، تعمق مستوى التنسيق بين السياسات والترابط بين مشاريع البنية التحتية، وإرتفع مستوى تسهيلات التجارة وحركة السيولة والتعارف بين شعوب خط المبادرة. ووفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة النقل الصينية، فإن رحلات الشحن بالقطار بين الصين وأوروبا قد تجاوزت أكثر من 9 آلاف رحلة، خلال خمس سنوات من عمر مبادرة الحزام والطريق، كما تم إنشاء 350 طريق دولية لنقل السلع. ورفع عدد الخطوط الجوية الدولية بـ 403 خطوط، وفتح خطوط جوية مباشرة مع 43 دولة واقعة على الحزام والطريق، إلى جانب الوصول إلى 4500 خط جوي كل أسبوع.
خامسا، بدأ عدد كبير من الشركات في التحرك، وأظهرت التجارة الإلكترونية والتبادل البشري نتائج جيدة.
سمعة جيدة
نشر "تقرير المنتدى الدولي للمالية (IFF) الصين 2018 "، لأول مرة نتائج الاستبيان الأول حول مبادرة "الحزام والطريق". وتضمن الإستبيان إستمارات تسلمها التقرير من البنوك المركزية ل 26 دولة رئيسية في خط المبادرة. وأظهر التقرير أن 63٪ من البنوك المركزية التي شملها الاستطلاع، ترى في مبادرة "الحزام والطريق" فرصة هامّة، بل الفرصة الأهم منذ 10 سنوات.
من مفهوم جديد، إلى "كلمة ساخنة" على المسرح الدولي، تمكنت مبادرة الحزام والطريق خلال السنوات الخمس الأخيرة، من تحقيق نتائج مثمرة.
"في بداية طرح المبادرة، شعر العالم حيالها بالفضول والتطلع، وثمّن اقتراح الصين لهذه المبادرة. وسرعان مابات الحديث عن الصين، يقود إلى الحديث عن مبادرة الحزام والطريق. وفي عام 2015، أصدرت الصين "الرؤية والعمل من أجل تعزيز البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق". وهو ماجعل العالم يتعرف على مخططات المبادرة، الأمر الذي جذب العديد من الدول للإنضمام إليها." يقول وانغ يي وي.
ويضيف وانغ يي وي، بأن مبادرة الحزام والطريق، قد جذبت عدة أصناف من الدول. منها الدول النامية، والدول الأقل نموا، والدول التي تشعر بخيبة أمل من الغرب. وحظيت بتجاوب كبير من الدول المجاورة، والدول الصغرى وبعض الدول المتقدمة، على غرار بريطانيا. حيث أظهرت هذه الدول حماسا تجاه المبادرة، مدفوعة بحاجياتها التنموية.
تجلى هذا الحماس بشكل خاص، في توسع نطاق البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. ومع قبول لبنان كعضو جديد في البنك، خلال الاجتماع السنوي الثالث لبنك الاستثمار، وصل العدد الإجمالي لأعضاء البنك إلى 87 عضوا. وقام البنك بإطلاق 28 مشروعاً في 13 بلداً. كما حصل على أعلى تصنيف ائتماني من 3 وكالات تصنيف دولية. ويمكن القول إن البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية يعدّ آلية مالية متعددة الأطراف ذات تأثير كبير في التنمية الإقتصادية الإقليمية.
علاوة على ذلك، أخذت الدول التي كانت مترددة حيال المبادرة، في إبداء تحمسها نحوها. علي سبيل المثال، نبّه تقرير لمجلس الشيوخ الفرنسي تحت عنوان "مبادرة الحزام والطريق بالنسبة لفرنسا: هل هي علامة إقتصادية أم نظام عالمي جديد؟”، الإتحاد الأوروبي حول "غياب مبادرة الحزام والطريق في مخطط الإتحاد الأوروبي" وأشار إلى أنه بإمكان فرنسا "لعب دور هام في هذه المبادرة، وتأسيس علاقات تجارية مربحة للطرفين. ومن ثم تحفيز الإتحاد الأوروبي على التحرك".
الطريق أوسع كلما ازداد طولا
يشير نائب مدير المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، فو منغ زي، إلى أن مبادرة الحزام والطريق، تمثل أهم سلعة عامة تعرضها الصين على المجتمع الدولي حتى الآن. كما تعد مبادرة التعاون الدولية الأوسع ترحيبا على النطاق العالمي.
في هذا الصدد، أشار “تقرير المنتدى الدولي للمالية (IFF) الصين 2018 "، إلى أن 92 % من البنوك المركزية التي شاركت في الإستبيان، ترى بأن المبادرة يمكنها أن تسهم في دفع التنمية الداخلية خلال السنوات الخمس المقبلة. وهناك من أشار إلى أن المبادرة، يمكن أن تسهم بنقطة مئوية في نسبة النمو.
وكما قال الأمين العام لمنظمة شانغهاي للتعاون، رشيد عليموف، بأن مبادرة الحزام والطريق، قد تحولت إلى مبادرة عالمية خلال 5 سنوات. وأن المبادرة تنبني على الفائدة المتبادلة والربح المشترك. وهو مايفتح لها آفاقا مستقبلية واسعة.
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني