لماذا تثير «رابطة المصير المشترك للبشرية» صدى في العالم؟
التوارث والاجتياز: ترث "رابطة المصير المشترك للبشرية" مبدأ المساواة والعدالة الذي تم تحديده في ((صلح وستفاليا)) قبل أكثر من 360 سنة، وروح الإنسانية الدولية التي تم تحديدها في اتفاقية جنيف قبل أكثر من 150 سنة، والمقاصد الأربعة والمبادئ السبعة التي تم تحديدها في ميثاق الأمم المتحدة قبل أكثر من سبعين سنة، والمبادئ الخمسة للتعايش السلمي التي دعا إليها مؤتمر باندونغ قبل أكثر من ستين سنة وغيرها من سلسلة المبادئ المعروفة التي تراكمت من خلال تغيرات العلاقات الدولية. تشكل كل هذه المبادئ المبدأ الأساسي لرابطة المصير المشترك للبشرية. وفي الوقت نفسه، حقق هذا المفهوم الاجتياز، حيث أن الكلمات المفتاحية لرابطة المصير المشترك للبشرية هي البشرية والمصير والرابطة: كلمة البشرية تعني اجتياز هوية الوطن وتجسد المسؤولية عن العالم؛ وكلمة المصير تعني التعاون والفوز المشترك والارتقاء بمستواهما وتجسد المشاركة في المصير المشترك؛ وكلمة الرابطة تعني اجتياز القرية الكونية وترسيخ الوعي بالأسرة الكبيرة وخلق الهوية المشتركة.
التواصل والتسامح: ثمة تباينات بين الدول المختلفة، ويتسم العالم بالتنوع، ولكن الذاكرة التاريخية المشتركة والوضع المشترك والسعي المشترك، كلها عوامل تربط ربطا وثيقا الدول المختلفة بعضها بالبعض، وتشكل هوية مشتركة، لخلق المستقبل المشترك. في الدول الغربية يقولون إن "الجميع من أجل الفرد، والفرد من أجل الجميع"، وفي الدول الشرقية نجد فكرة "كل يتمتع بجماله المتميز ويجب أن يمتص من غيره الجمال، ليتجمع ويمتزج الجمال من الجميع." ومفهوم "اجتماع العالم في عش طيور واحد" للشاعر المشهور رابندرانت طاغور. مفهوم "رابطة المصير المشترك"، باعتباره مفهوما شاملا وجامعا لأفكار البشرية، يحتوي على النقاط المشتركة وتحويل الاختلافات لتشكيل توافق جديد للبشرية. خلال المناقشة العامة للدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، قال الرئيس شي جين بينغ: "عندما تسود مبادئ الحق تكون الدنيا للجميع ويتحلى الإنسان بالإيثار." إن السلام والتنمية والمساواة والعدالة والديمقراطية والحرية، كلها قيم مشتركة للبشرية جمعاء، كما أنها الهدف السامي للأمم المتحدة." ومبدأ رابطة المصير المشترك للبشرية هو السعي إلى أكبر قاسم مشترك للقيمة البشرية وخلق القيم البشرية المشتركة.
البراغماتية واستشراف المستقبل: تعتبر مبادرة "الحزام والطريق" إجراء هاما لتطبيق مفهوم رابطة المصير المشترك للبشرية. وإذا قلنا إن "رابطة المصير المشترك" هي مساهمة للحكمة الصينية في معالجة مشكلات البشرية، فإن مبادرة "الحزام والطريق" هي مساهمة الحلول الصينية في معالجة مشكلات البشرية. تعتبر فكرة رابطة المصير المشترك ارتقاء لأفكار رابطة المصلحة المشتركة ورابطة المسؤولية المشتركة، وبدأ تطبيقها أولا في التعاملات مع الدول المجاورة كأساس للتنمية والازدهار، ثم استخدامها في التعاملات مع الدول النامية، حتى ارتقى مستواها إلى رابطة مصير مشترك للبشرية جمعاء، وامتدت من العالم الواقعي إلى الحيز السيبراني، وتوسعت من المجالات التقليدية إلى المجالات العامة العالمية، فتُحوّل أعماق البحار والمنطقة القطبية والفضاء الخارجي وشبكة الإنترنت وغيرها من المجالات إلى مجالات تعاون جديدة بين مختلف الأطراف من خلال عملية بنائها.
إن مفهوم "رابطة المصير المشترك للبشرية" يرفع راية دبلوماسية السلام والتنمية والتعاون والفوز المشترك، ويسعى إلى تحقيق تناغم العالم، وقد أصبح قاعدة القيمة المشتركة لدفع إصلاح منظومة الحوكمة العالمية وبناء نمط جديد للعلاقات الدولية والنظام الدولي الجديد. تُعد التنمية السلمية تطلعا مشتركا لشعوب العالم، كما أنها المسؤولية التي يجب أن يتحملها الساسة ورجال الدولة، وطريقة تحقيق ذلك هي بناء رابطة المصير المشترك للبشرية، والفوز المشترك والاستفادة المشتركة.
وباختصار نقول، إن فكرة "رابطة المصير المشترك" ترث وتطور مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتعتبر المفهوم المحوري لمبادئ الحوكمة العالمية، التي تدعو للتشاور المشترك والبناء المشترك والاستفادة المشتركة، وتخلق روح بناء "الحزام والطريق"، وتتجاوز الفكرة المقتصرة سلبيا على أن "البشرية لديها كرة أرضية واحدة فقط، وتتعايش الدول المختلفة في عالم واحد"، لتشكل فكرة أن "مصيرا واحدا يربطها، وتتشارك في السراء والضراء" ذات المعنى الإيجابي، وتخلق هوية جديدة للبشرية من نمط "أنا أعيش بداخلك، وأنت تعيش بداخلي"، وبناء الحضارة الجديدة للبشرية والمتميزة بروح الإيثار وتناغم العالم. تتجاوز "رابطة المصير المشترك" الاختلافات بين الدول واختلاف المصالح لبناء نمط جديد للعلاقات الدولية يتمحور حول التعاون والفوز المشترك، وتنطلق من التنمية المستدامة للحضارة البشرية، وتتجاوز زاوية النظر الضيقة للأمم والدول لدفع بناء نظام جديد للحضارة البشرية. ذلك هو الوعي الواجب لفهم فكرة "رابطة المصير المشترك" على مستوى الحضارة البشرية.
انطلاقا من عالم اليوم، فإن مفهوم "رابطة المصير المشترك للبشرية" يتوافق مع المتطلبات العامة للدول المختلفة في الإمساك بمصيرها في يدها والسير في طريق التنمية المتفق مع ظروفها الذاتية الخاصة. ذلك هو السبب الجوهري الذي يجعل "رابطة المصير المشترك للبشرية" تثير أصداء واسعة في العالم.
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني