فيتنام: «خماسية» بهدف «احتواء الصين»؟
رست مؤخراً حاملة طائرات أمريكيّة في فيتنام، وهي الأولى من نوعها منذ الانسحاب الأمريكي العسكري عام 1975.
تعريب: عروة درويش
إنّ هذه الخطوة غير المسبوقة في العلاقات ما بعد الحرب بين الولايات المتحدة والدول العضوة في رابطة جنوب-شرق آسيا موجهة بكل وضوح ناحية الصين، وهي المنخرطة في نزاع مستمرّ مع فيتنام على بحر الصين الجنوبي وعلى موارد الطاقة الموجودة تحت مياهه. لم تعد هانوي تعتبر واشنطن عدوّة لها، بل حليفاً غير رسمي بسبب استعداد البنتاغون لمساعدة البلاد على تعزيز قدراتها العسكرية البحرية، في سبيل موازنة الامتياز الذي تحظى به الصين في هذا المجال.
وفي حين أنّه لم يتمّ تحقيق الكثير من الناحية الجوهرية حتّى الآن، فإنّ المستقبل يحمل أكثر من ذلك بكل تأكيد. ومن المحتمل أن تلعب فيتنام دوراً أكبر بشكل أو بآخر، ولو بشكل غير رسمي، في ما يسمّى «بالرباعية» بين الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند، من أجل «احتواء الصين».
تحتلّ فيتنام موقعاً استراتيجياً سواء بسبب حدودها البحرية أو البريّة مع الصين، وهو ما يجعلها مثاليّة لمحاولة إدماجها في «الرباعية»، وذلك في حال اندمجت فيتنام بشكل كامل في هذه المنصة العسكرية المتكاملة. إنّ بكين تشعر بالفعل بعدم الراحة جرّاء التحركات المريبة لنيودلهي في باحتها الخلفية، وهو ما يدعي بعض المعلقين الهنود بأنّه «ردّ دين» للصين على ما تفعله في جنوب آسيا. والوصول إلى مرحلة إدخال الولايات المتحدة واليابان وأيضاً أستراليا كلاعبين نظاميين في هذا الفضاء سوف يكون من شأنه وضع جمهورية الصين الشعبية في حالة دفاع استراتيجي بلا شك. بأي حال، يتوقع أن تدافع الصين بشكل أكثر حزماً عن مطالبها البحرية في المنطقة، في مواجهة استفزازات «الخماسيّة»، وهو ما قد يؤدي إلى مواجهة ناجمة عن التوتّر في أحد الأيام.
في واقع الأمر، قد يكون ما يسمّى «سيناريو تصعيد مسيطر عليه» هو تماماً ما تأمل «الرباعية» تحقيقه من خلال توليد أزمة منخفضة الشدّة، تشكّل مبرراً ملائماً لإدماج فيتنام في الشراكة العسكرية متعددة الأطراف، رغم أنّ هكذا سيناريو قد يخرج عن السيطرة بسرعة ويقود إلى وضع خطير. من المبكر جداً الحديث بشكل دقيق عن المخططات الموضوعة للمستقبل القريب، لكن رغم ذلك فإنّ رؤية فيتنام أنّ مصلحتها تكمن في تعميق التعاون البحري مع الولايات المتحدة، ستخدم فعل ذلك مع «الرباعية» أيضاً، وأنّ لمثل هذا الأمر عواقب غير متوقعة على علاقات كامل المجموعة مع الصين.
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني