من يشكّل الأجندة| مؤسسة الأمم المتحدة الخيريّة
«هذه السلسلة من المقالات هي خلاصة لدراسة طويلة وتفصيليّة عن ذات الموضوع، ويمكنكم الاطلاع عليها باللغة الإنكليزية من هنا».
تعريب وإعداد: عروة درويش
قام الملياردير الأمريكي، ومؤسس قناة سي.ان.ان، تيد ترنر في بداية عام 1998 بإنشاء «مؤسسة الأمم المتحدة الخيريّة». أعلن ترنر عام 1997 عن نيته منح الأمم المتحدة هبة قدرها مليار دولار لدعم قضاياها. بأي حال، لم يمنح هذا المبلغ على شكل نقدي، بل على شكل 18 مليون سهم في شركة تايم وارنر الإعلامية.
وبعد وقت قصير من إعلان ترنر عن هبته للأمم المتحدة، هبطت أسهم شركة تايم وارنر بشكل كبير. ومن أجل أن يحافظ ترنر على وعده البالغ مليار دولار، أعلنت مؤسسة الأمم المتحدة الخيريّة عن جمعها للموارد من متبرعين آخرين. في نهاية عام 2013، وصلت المخصصات التراكميّة للمؤسسة إلى 1.3 مليار دولار، منها 450 مليون دولار من ترنر، و850 مليون دولار من مساهمات مالية لمتبرعين آخرين.
قسم كبير من التبرعات الأخرى التي تلقتها المؤسسة أتت من مؤسسة بيل وميليندا غيتس الخيريّة. بين عامي 1999 و2014، منحت مؤسسة غيتس مبلغ 231 مليون دولار لمؤسسة الأمم المتحدة، وكانت مركزة بشكل رئيسي على مجالات الصحّة والثقافة الزراعية.
وفي سبيل توسيع قاعدتها التمويلية، سعت مؤسسة الأمم المتحدة إلى اتباع طرق جديدة في الحصول على التمويل من الحكومات بشكل مباشر. تلقت المؤسسة في العقد الماضي تمويلاً مباشراً من عدد من الحكومات ومن الهيئات الحكوميّة: مثل وكالة التنمية الكندية وقسم التنمية الدولية في المملكة المتحدة والمفوضية الأوربية ووكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية.
بالإضافة للحكومات، تسعى مؤسسة الأمم المتحدة الخيريّة حالياً بشكل نشط لإيجاد فرص لبناء ما يسمّى «الشراكات الراسية anchor partnerships» مع الشركات متعددة الجنسيات ومع المؤسسات الخيريّة، بوصفها عنصراً مهماً في «استراتيجيات التنمية المستدامة». تثور المخاوف في الأمم المتحدة من نشاطات هذه المؤسسة ومن المخاطر المحتملة لتلويثها لسمعة الأمم المتحدة. فمؤسسة الأمم المتحدة تحوي في قائمتها الصادرة عام 2015 على شركاء مثل إكسون موبيل وشيل وغولدمان ساكس وبنك أميركا.
لقد تغيّرت مهمّة مؤسسة الأمم المتحدة الخيريّة وعلاقتها مع الأمم المتحدة بشكل جذري في الأعوام الخمسة عشرة الماضية. بدأت المؤسسة عام 1998 بشكل رئيسي كمؤسسة لجمع التبرعات لصالح الأمم المتحدة. ومنذ ذلك الحين تحول تركيزها أكثر فأكثر ناحية إطلاق مبادراتها الخاصة بمعزل عن الأمم المتحدة: مثل «تحالف الطاقة المستقبلية». إنّها تلعب الآن دور الوسيط بين المتبرعين وبين الوكالات المنفذة، داخل أو خارج نظام الأمم المتحدة، وتقيم الحملات بدعم من مجلس أمن الأمم المتحدة لتطبيق أولوياته واستراتيجياته، بما فيها الهدف المعلن: «تعزيز قدرة الأمم المتحدة على المشاركة في الشركات المتعددة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني والمحسنين والأوساط الأكاديميّة...».
لقد أصبح ممثلو مؤسسة الأمم المتحدة الخيريّة مستشارين مقربين من مجلس أمن الأمم المتحدة، وهم يشاركون بشكل اعتيادي في اللقاءات الداخليّة التي يعقدها مجلس الأمن. إضافة لذلك، باتت مؤسسة الأمم المتحدة الخيريّة تغطي الاعتمادات المالية لتعيين مختلف موظفي الأمم المتحدة، وهو ما منحها سطوة على الموظفين الكبار. مثال: غطت مؤسسة الأمم المتحدة الخيريّة اعتماد «فريق دعم الاتصالات والإعلام والمدراء» لمشروع «النساء» الذي أطلقته الأمم المتحدة بشكل رسمي في شباط عام 2011.
تمّ في عام 2014 إعادة النظر وإجراء بعض التعديلات في الاتفاق بين الأمانة العامة للأمم المتحدة وبين مؤسسة الأمم المتحدة الخيريّة. وبدلاً من أن يسمح الاتفاق الجديد بمزيد من الشفافية في مراقبة عمل المؤسسة وفاعليتها، فقد دعم الاتفاق الجديد الحصريّة والتفضيليّة في العلاقة بين المؤسسة والأمانة. أعدّت مسودة هذا الاتفاق خلف أبواب موصدة دون أيّ شفافية أو رقابة مشتركة مع الحكومات، وخلافاً للاتفاقين السابقين، لم يسمح للعموم بالاطلاع عليها.
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني