اجتماع ريك: تغيير ديناميكيات آسيا- المحيط الهادئ
بعد إعادة إطلاق مجموعة الحوار الأمني الرباعي الديمقراطي (الولايات المتحدة، اليابان، استراليا، الهند) فى مانيلا الشهر الماضي، يشهد يوم الاثنين الاجتماع الثلاثى الاستراتيجى بين روسيا والهند والصين فى نيودلهى والذى يستضيف وزراء الخارجية وانغ يى وسيرغي لافروف.
تعريب: جيهان الدياب
بعد إعادة إطلاق مجموعة الحوار الأمني الرباعي الديمقراطي (الولايات المتحدة، اليابان، استراليا، الهند) فى مانيلا الشهر الماضي، يشهد يوم الاثنين الاجتماع الثلاثى الاستراتيجى بين روسيا والهند والصين فى نيودلهى والذى يستضيف وزراء الخارجية وانغ يى وسيرغي لافروف.
ظهرت الصين وروسيا مؤخرا كقوتين مؤثرتين بارزتين في النظام الآسيوي الناشئ في ظل الأزمات السورية والإيرانية والروهينجا وكوريا الشمالية ومشاكل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منصبه.
ولكن هذا ليس صحيحاً بالضرورة بالنسبة للهند، التي انتقلت من سياسة عدم الانحياز إلى سياسة انحيازات متعددة. وقد أثر الانجراف السريع للهند تجاه الولايات المتحدة بشكل خاص على علاقاتها داخل منطقة "ريك".
وكان من المقرر عقد الاجتماع الخامس عشر لوزراء خارجية "ريك" فى نيسان. إلا أن وانغ يى ألغى زيارته مما ينقل استياء الصين من زيارة الدالاى لاما الى بلدة تاوانغ الحدودية الهندية على اعتبار أنها التيبت الجنوبية. ولكن بكين نفت أى علاقة من هذا القبيل. كما نفت بكين التقارير التى ذكرت أنها رفضت اقتراحاً روسياً بدعوة وزراء الدفاع لحضور اجتماعات وزراء الخارجية الثلاثية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي نشهد فيها تأخيراً في اجتماعات "ريك". فقد شهدت الجولة الثالثة عشرة تأخيراً مماثلاً لمدة خمسة أشهر، بعد إلغاء زيارة وزيرة الخارجية الهندية سوشما سواراج في اللحظة الأخيرة إلى بكين في أيلول 2014. ثم استضافت الصين الاجتماع الثلاثي في شباط 2015. ومرة أخرى، لم يقدم أي تفسير رسمي، ولكن يعتقد أن التواريخ المقترحة تتداخل مع زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لليابان لأول مرة في أيلول. ولم يرغب رئيس الوزراء بأي أحداث أخرى تقلل من شأن مشهد أول رحلة خارجية له. وللتذكير، أعرب في خطابه في اليابان عن مخاوف بشأن التوسع الصيني. وأعقب ذلك زيارته الأولى للولايات المتحدة. وبعد أربعة أشهر، شكلت الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إلى الهند في كانون الثاني 2015 "الرؤية الاستراتيجية المشتركة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ والمحيط الهندي" من قبل البلدين، مما أثار اضطراباً عميقاً في بكين.
ومرة أخرى، كان من المقرر عقد الجولة الرابعة عشرة في موسكو في النصف الثاني من عام 2015، ولكنها لم تحدث حتى نيسان 2016. وكان الحديث عن الإرهاب مسألةً رئيسية في هذه الجولة ووجد حيزاً واسعاً في البيانات الثلاثة المشتركة. ومع أن الدول الثلاث تعتبر نفسها ضحية للإرهاب، إلا أن نهجها في التصدي له لا يزال متبايناً، بل ومتناقضاً أيضاً.
وقد جعلت السياسة الخارجية الهندية التصدي للإرهاب أولوية قصوى، وستجعله من أبرز المسائل في هذا الاجتماع الثلاثي الخامس عشر لـ "ريك". والجدير بالذكر أنهم لم يسمحوا لوجهة نظرهم بتعقيد توافق الآراء بشأن القضايا الخطيرة. وترى الهند والصين أن علاقة باكستان بإلارهاب مختلفة بشكل كبير، كما أن الهند ما تزال متشككة بشأن قيام روسيا وباكستان ببناء علاقات دفاعية متينة. وتظهر موسكو اهتماما متزايدا بالممر الاقتصادى الصينى-الباكستانى الذى مازال يمثل نقطة مريرة للهند. كما تشعر الهند بالقلق إزاء تقارب روسيا المتنامى مع الصين وأيضاً عودة الصين للصداقة مع باكستان بينما تبدو الصين وروسيا متشككتين حول تقارب الهند المتزايد تجاه الولايات المتحدة.
وفى الوقت نفسه، تحدثت وسائل الاعلام الصينية عن سياسة روسيا المحايدة في مسألة المواجهة الحدودية التي جرت على الحدود الصينية الهندية عام 2017 والتي تدعى "مواجهة دوكلام"، كما تحدثت عن تأييدها أيضاً لمسعى الهند للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، وعضوية مجموعة موردي المواد النووية.
وقد طرحت فكرة "المثلث الاستراتيجي" للمرة الأولى من قبل رئيس الوزراء الروسي يفغيني بريماكوف في كانون الأول 1998. وكان بريماكوف أول شخصية هامة تزور الهند بعد تجاربها النووية، واستغرق اجراء محادثات ثلاثية على هامش لقاءات الجمعية العامة للأمم المتحدة وقتاً طويلاً. ومنذ عام 2006، تحولت هذه الاجتماعات إلى اجتماعات رسمية مستقلة لوزراء الخارجية. ومنذ ذلك الحين تعمل دول "ريك" معاً في مختلف المنظمات الإقليمية والعالمية، بما في ذلك بريكس، سكو و باسيك، وأصبح ينظر إليها على أنها قوة تقييدية ضد أي محاولة هيمنة غربية. مما أثار اهتماماً كبيراً في العواصم الغربية، وأدى لتوليد مثلثات موازية لها مثل "الولايات المتحدة واليابان والهند" و"الولايات المتحدة واليابان واستراليا"، والتي تحولت الآن إلى رباعية. قد يكون الآن هو وقت إعادة تنشيط رباعي عام 2007، ليحصل المثلث الاستراتيجي "ريك" على منافس قد تشتد الحاجة إليه.
المؤلف هو أستاذ في كلية الدراسات الدولية، جامعة جواهر لال نهرو، نيودلهي.
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء» لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني