البرنامج المُصمم ليفشل
بعد انهيار عام 2008، حصلت بنوك وول ستريت التي تسببت بالأزمة على مبالغ مذهلة على شكل «حزمة إغاثة اضطرابات الأصول TARP» وقروض مخفضة من بنك الاحتياطي الفدرالي. وفقاً لإحدى التقديرات، فقد استلمت البنوك 29 ترليون دولار على شكل نقود وقروض.
تعريب: عروة درويش
أمّا بالنسبة لأصحاب المنازل، فممّا يثير السخرية، أنّ أكبر مصدر للإغاثة هو خطّة الإنقاذ المصرفي نفسها، والتي تضمنت اعتمادات غير محددة من أجل «منع عمليات حبس الرهن الممكن تفاديها». صمّمت الإدارة الأمريكيّة ونفذت مساعي الإغاثة من حبس الرهن، وسمتها «برنامج الرهون العقاريّة معقولة الثمن HAMP»، وخصصت لها 75 مليار دولار.
لكنّ برنامج HAMP أثبت فشله الذريع. فالمشكلة الأساسيّة أنّ الحكومة دفعت خدمات لمقدمي خدمات الرهن العقاري (الذين يعالجون المدفوعات والأعمال الورقيّة لصالح صاحب الرهن) من أجل إجراء تعديلات على الرهن العقاري. كان لدى مقدمي الخدمات حافز للإبقاء على دفع الناس لمبالغ عالية، تبعاً لكونهم يتلقون نسبة مئويّة من الديون المستحقة. وكان لديهم أيضاً حافز في حبس الرهن لأنّهم يحصلون على مدفوعاتهم من عمليّة بيع الرهن المحبوس قبل المالك الفعلي حتّى.
وأدّت الرقابة الرخوة من قبل كلا وزارة الماليّة ووزارة العدل إلى جعل الأمور أسوأ. خدع بعض مقدمي الخدمات ليصلوا إلى حبس الرهن، وذلك وفقاً لعدّة تحقيقات وشهادات تحت القسم من قبل فاضحي فساد «بنك أميركا»، وقام مقدمو الخدمات، عبر «تضييع» أوراق الرهون بشكل متكرر وعبر القيام بعدّة خدع أخرى، بضغط الدفعات والرسوم النهائيّة قبل حبس الرهن.
إنّ هذا النوع من الاحتيال غير قانوني، وكذلك انتهاك قواعد الإدارة. لكنّ الإدارة لم تكلّف نفسها عناء التحقيق بشكل جدي في انتهاك الخدمات. لم تقم وزارة الماليّة حتّى باستعادة ولا واحد من مدفوعاتها بشكل دائم من منتهكي الخدمات.
ولماذا الاستغراب؟ لقد شهد نيل باروفسكي، مفتش الإنقاذ العام، في وقت لاحق بأنّ حماية المصارف كان هو الهدف الفعلي الواجب تحقيقه. كان هدف الإدارة الأمريكيّة هو «تعبيد المخرج foam the runway» من أجل البنوك، هذا ما قاله وزير الماليّة تيم غيثنر لعضوة مجلس الشيوخ إليزابيث وارن، بحسب باروفسكي. لقد فشل البرنامج لأنّه لم يكن مصمم أساساً لمساعدة أصحاب المنازل.
وكنتيجة لذلك، سهّل برنامج HAMP بشكل نشط الوصول إلى حبس الرهن في أكثر الحالات. لقد كان معدّل إعادة التخلّف عن سداد القروض: وهو مجموعة الأشخاص الذين حصلوا على تعديل وتعثروا في الدفع، هو 22% عام 2013. ولم يُنفق سوى حوالي 15 مليار من الـ 75 مليار دولار المخصصة للدفع حتّى عام 2017.
ومن أصل 4 ملايين رهن معدّل موعودين في البدء، وهو في حدّ ذاته تقدير مجحف، فلم يتمّ البدء حتّى 2017 إلّا بـ 2.7 مليون فقط. ومن بين هذه الـ 2.7 مليون، هناك فقط 1.7 مليون تمّ تأهيلهم لتعديل دائم. ومن بين هؤلاء الـ 1.7 مليون، هناك 558 ألف قد انتهى بهم المطاف خارج البرنامج.