ليس مجرد خط سكة حديد
وصلت الخميس الماضي رحلة قطار على خط «باكو - تبليسي- قارص» الحديدي إلى الأراضي التركية، قادمة من أذربيجان، مروراً بجورجيا، محملة بقمح قادم من جمهورية كازاخستان.
وهي أول رحلة تصل إلى مدينة قارص التركية، بعد افتتاح الخط الذي أطلق عليه اسم «طريق الحرير الحديدي».
الخط المذكور تم افتتاحه في 30 أكتوبر بمشاركة الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والأذربيجاني إلهام علييف، بالإضافة إلى رؤساء حكومات كازاخستان باقيتجان ساغينتاييف، وأوزباكستان عبدالله أريبوف، وجورجيا جيورجي كفيريكاشفيلي.
وهذا الخط الجديد يقلص المسافة بين الصين وأوروبا سبعة آلاف كيلومتر، ما يعني وصول البضائع الصينية إلى الأسواق الأوروبية في غضون 12 يوماً.
ويبلغ طول الخط 838 كيلومتراً، وتمر 76 كيلومتراً منه عبر الأراضي التركية، ويتيح الوصول من بكين إلى لندن عبر السكك الحديدية دون انقطاع.
خط «باكو - تبليسي – قارص» الحديدي، لا يربط الصين بأوروبا فحسب، بل يربطها بإفريقيا أيضاً، عبر ميناء مرسين التركية، ويجعل تركيا محطة استراتيجية وممراً حيوياً في نقل البضائع والسلع التجارية. ويرمي الخط الجديد إلى نقل حوالي ثلاثة ملايين مسافر سنوياً.
ومن المتوقع أن يؤدي تقليص المسافة بين بكين ولندن إلى تراجع في تكاليف نقل البضائع من الصين وجمهوريات آسيا الوسطى إلى الأسواق الأوروبية، كما يتوقع أن يحول الخط الجديد مدينة قارص التركية إلى مركز تجاري نشط تصل إليه البضائع من دول آسيا لتوزَّع منه إلى أوروبا وإفريقيا.
التجار في الدول الأوروبية حين أرادوا شراء بضائع من الصين لم يكن أمامهم إلا الشحن بالطائرة أو الشحن بالسفن.
فالأول يعني تكاليف باهظة، والثاني يعني الانتظار لأكثر من شهر لوصول الحاويات. وأما الآن فأمامهم خيار ثالث يتيح لهم فرصة الشحن بتكاليف قليلة، ووصول البضائع إليهم خلال أسبوعين أو أقل.
خط «باكو - تبليسي - قارص» الحديدي بديل للخطوط القديمة التي تمر من إيران وروسيا.
وهو جزء مهم لخط طويل يشكل جسراً بين الشرق والغرب.ومن المأمول أن يؤدي هذا الخط الجديد إلى ارتفاع في حجم التبادل التجاري بين تركيا وأذربيجان وجورجيا، ويسهم في تعزيز الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة.
رئيس الجمهورية التركي في تعليقه على افتتاح «طريق الحرير الحديدي»، لفت إلى أن الخط الجديد لن يكون مردوده اقتصادياً فحسب، بل سيجلب أيضاً الرخاء والسلام والاستقرار على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ووصف يوم افتتاح الخط بــ»اليوم التاريخي».
تركيا تقع في منطقة حساسة وساخنة للغاية، تحيطها مخاطر واضطرابات، وتواجه تحديات جسيمة تهدد أمنها واستقرارها، بل وحتى وجودها ووحدة ترابها.
إلا أن هذه الظروف الصعبة التي تمر بها لا تمنعها من إنجاز مشاريع عملاقة وخطوات سياسية واقتصادية وعسكرية استراتيجية من شأنها أن تقلب الطاولة على المتآمرين المتربصين.
شبكات الطرق الحديثة والسكك الحديدية من أهم عوامل التنمية ونجاح المشاريع الاقتصادية.
ونجحت تركيا خلال أقل من عقدين أن تحقق قفزة نوعية في تطوير الطرق وخطوط السكك الحديدية، وربطت آسيا بأوروبا عبر نفق مرمراي الذي يمر تحت مضيق البوسفور.
وهي اليوم تربط شبكات النقل هذه بخطوط عابرة للحدود والقارات، لتعزز مكانتها في خارطة التجارة العالمية.
تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء» لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني