صندوق النقد الدولي «يعترف»: النيوليبرالية خلقت مشكلة عدم المساواة..!
بدأ بعضٌ من كبار الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي بإثارة الشكوك حول «التوافق النيوليبرالي» الذي هيمن على الفكر الاقتصادي على مدار العقود الثلاثة الماضية.
Business Insider
ترجمة قاسيون
في تقريرٍ نشره الصندوق مؤخراً، رأى الاقتصاديون جوناثان أوستري، وبراكاس لونغاني، وديفيد فورسري، أن هناك حركة متنامية ضد بعض المبادئ الليبرالية الجديدة، ويعتقدون أن مجالين رئيسيين من النيوليبرالية (وهي حرية حركة رؤوس الأموال عبر الحدود، وتنفيذ تدابير التقشف من قبل الحكومات العالمية) بدأت تعرقل، أكثر مما تساعد العالم.
وبعد تعداد «فوائد النيوليبرالية»، يذهب التقرير للقول «رغم ذلك، هناك جوانب من الأجندة النيوليبرالية، وهي التقشف وحرية رؤوس الأموال، التي لم تجر فيها الأمور كما كان متوقعاً». ويتابع التقرير: «نطراً إلى أن الانفتاح والتقشف يرتبطان بزيادة عدم المساواة في الدخل، فإن هذا الأثر التوزيعي يخلق حلقة متواصلة من ردود الفعل السلبية. إن الزيادة في عدم المساواة التي يولدها الانفتاح المالي والتقشف ربما تمثل تقويضاً للنمو، وهو الشيء ذاته الذي تريد الأجندة النيوليبرالية أن تعززه. وهناك الآن أدلة دامغة على أن عدم المساواة يمكنها أن تخفّض بشكل كبير من متانة ومستوى النمو. ويشير الضرر الاقتصادي الناجم عن عدم المساواة إلى أن صناع السياسة عليهم أن يكونوا أكثر انفتاحاً على عملية إعادة التوزيع مما هم عليه الآن. وبطبيعة الحال، وبصرف النظر عن عملية إعادة التوزيع، يمكن للسياسات أن تخفف من حدة بعض الآثار في هذا الصدد، من خلال زيادة الإنفاق على التعليم والتدريب، والذي يوسع تكافؤ الفرص. أما الاستراتيجيات العامة، وعندما يكون ذلك ضرورياً، فإنها يمكن أن تكون مصممة لضبط الأوضاع المالية، بهدف الحد من التأثير السلبي على الفئات ذات الدخل المنخفض».
منذ ما يسمى بـ«اجتماع واشنطن» في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، فإن الليبرالية الجديدة (المستندة إلى فكرة أن التجارة الحرة، والأسواق المفتوحة، والخصخصة، ورفع القيود، والتخفيضات الهادفة إلى زيادة دور القطاع الخاص، هي أفضل السبل لتعزيز النمو) قد سادت في التفكير من قبل أكبر الاقتصادات في العالم، والمنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي. ومنذ الأزمة المالية العالمية لعام 2008، فإن هناك موجة كبيرة من الرأي العام في الدوائر الاقتصادية والسياسية تشير إلى أن الإجماع حول الليبرالية الجديدة هو الطريق الصحيح لدفع العالم قدماً إلى الأمام.
وعلى اعتباره واحد من معدي التقرير، يقول أوستري في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز: «هناك الكثير من الناس يفكرون بالشيء ذاته في هذه المرحلة، وهو أن بعض الجوانب في أجندة الليبرالية الجديدة ربما تحتاج إلى إعادة تفكير»، ويضيف: «إن الأزمة تقول لنا: إن الطريقة التي قد فكرنا فيها في السابق لا يمكن أن تكون صحيحة».
ورغم كل ما ورد سابقاً في تقرير الصندوق، غير أنه من الواضح أن تقريراً واحداً أعده ثلاثة خبراء من داخل صندوق النقد الدولي، لا يمكنه أن يشير إلى أن الصندوق على وشك أن ينأى بنفسه بشكل تام عن النيوليبرالية، والتخلي عن التزامه باجتماع واشنطن.