نظرة على الحراك العراقي
متجاوزةً ألغام التفتيت والتقسيم و«ديمقراطية» النهب والفساد التي خلفها الاحتلال الأمريكي، تواصل الحركة الاحتجاجية الشعبية العراقية، بوجهيها المطلبي والعمالي، تحركاتها منذ حوالي الشهرين، وتتصاعد في مختلف مناطق العراق.
يدخل العمال والموظفون على خط التظاهرات بشكلٍ فاعل. فعدا عن تظاهرات يوم الجمعة 28/8 والمطالبة بتغيير الدستور وحل البرلمان، كان موظفو وزارة البيئة قد تظاهروا في بغداد احتجاجاً على دمج وزارتهم مع وزارة الصحة، كما رفعت مظاهرات ناحية الخيرات في كربلاء شعارات تطالب بحل المجلس البلدي للناحية.
استمرار التسويف وتصاعد الحراك
نُظِّمت، خلال الأسبوع الماضي، مظاهرات أمام مبنى «المحكمة الاتحادية» في بغداد، مطالبةً بمحاسبة الفسادين ومحاكمتهم، فيما طالب عمال النفط المؤقتون، خلال المظاهرات التي استمرت لأيام عدة أمام وزارة النفط، بحقهم في التثبيت. وتحت شعار «يسعد صباحك يا عراق»، أغلق أهالي قضاء الخالص في ديالى مبنى القائمقامية والمجلس البلدي المتهمين بقضايا فساد عدة.
هذا وبرزت، في مظاهرة ساحة التحرير التي جرت يوم 11 أيلول الفائت، لافتاتٍ كتب عليها: «أيها الساجدون على عتبات الجوع ثوروا، فإن الخبز لا يأتي بالركوع»، و«فشل الفاسدين سيدخل التاريخ»، و «نعم للمواطنة لا للطائفية».. وغيرها الكثير من الهتافات والشعارات التي بدا واضحاً أنها تتصاعد مع تصاعد عملية التسويف التي تجريها الحكومة العراقية.
«العودة إلى الشارع»
رغم بث الشائعات المختلفة قبيل المظاهرات، أكد متظاهرو ساحة التحرير أن الاحتجاجات السلمية ستتواصل، ولن نتأثر بالمحاولات المحمومة لفرملة الحراك الشعبي في العراق، وثنيه عن رفض الفساد والسعي للتغيير، ومحاسبة الفاسدين، وإحداث تغييرات في المناصب الأساسية بالسلطة القضائية، وتأسيس محكمة جنايات عليا خاصة بمحاكمة الفاسدين والمتلاعبين بمقدرات الشعب العراقي منذ نيسان 2003، وحتى اليوم.
وكما هو الحال في الحراكات الأخرى التي يشهدها الإقليم، يبدو الحراك العراقي الحالي واحدٌ من الموجات الطويلة التي ينبني عنوانها العريض على فكرة «العودة إلى الشارع»، والتي تحمل، في الوضع العراقي، طابعاً مركباً ومعقداً، مستقى من التعقيد والتركيب التي أصاب المشهد العراقي خلال فترة الاحتلال الأمريكي له.