«موسكو 2»: حرارة روسية في الجليد السياسي
في السادس من الشهر المقبل تستضيف موسكو لقاءً تشاورياً جديداً بين معارضين سوريين وممثلين عن حكومة دمشق. في «موسكو 2» ستعود الحرارة إلى الحراك السياسي الخافت أملاً بـ«كسر الجليد وحل القضايا الإنسانية»
ينعقد بعد أسبوع لقاء «موسكو 2». المنتدى التشاوري الذي تكبر «حصّته» من الحراك السياسي حول الأزمة السورية لم يضع جدول أعماله بعد. تعمل وزارة الخارجية الروسية على «غربلة الآراء وسماع الجميع قبل الاتفاق على الجدول»، حسب مصدر متابع في العاصمة موسكو.
فبعد «موسكو 1» الذي خرق على نحو محدود ــ إلى جانب مبادرة الموفد الأممي ستيفان دي ميستورا ــ الخبر الميداني، تعمل روسيا على نفي صفة اليتم عن اللقاء الأول، لتبدي أوساطها حرصاً على مواصلة العمل لعقد لقاءات متواصلة حتى تحقيق الحد الأدنى من التقارب السوري ــ السوري. المؤتمر المنوي عقده بين السادس والتاسع من الشهر المقبل، سيرتفع فيه التمثيل بعد قرار «هيئة التنسيق» المشاركة عبر منسقها العام حسن عبد العظيم، وسيشارك رئيس «تيار بناء الدولة» لؤي حسين (لم يشارك تياره في موسكو 1)، كذلك لم تحسم مشاركة رئيس «الائتلاف» الأسبق معاذ الخطيب الذي «أعطى إشارات إيجابية في مسألة المشاركة»، حسب مصادر متابعة.
«الائتلاف»، بدوره، جدّد رفضه المشاركة في اللقاء. مصادر روسية متابعة لتنظيم المؤتمر، تدرك أهميّة «انتزاع» حضور الجسم المعارض المحظي برعاية الغرب ومعظم العرب، لكن «غيابه لا يعني أي فشل». وتروي مصادر متابعة أنّ وفد «الائتلاف» طلب من نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أثناء لقائه في اسطنبول أثناء التحضير لـ«موسكو 1»، تشكيل وفد المعارضة كلّه بالأسماء، ما رفضه الجانب الروسي الذي لو قبل لـ«كانوا شاركوا».
رئيس حزب «الإرادة الشعبية» المعارض، قدري جميل، المستقر في العاصمة الروسية يرى أنّ أهمية «موسكو» بالنسبة إلى «جنيف» تكمن في الخروج من ثنائية «الاتئلاف/ النظام»، ليكون هناك تمثيل لقوى معارضة خارج الدائرة القطرية ــ التركية والسعودية.
ويلفت نائب رئيس الحكومة السابق إلى أنّ بحث نقاط «جنيف 1» الملتبسة أمر أساسي، «إذ إنّ من الخطأ اختصار جنيف بالهيئة الانتقالية»، رغم أنّه «بقيت نقاط غامضة مقصودة (كالهيئة الانتقالية»)، ويجب على السوريين تفسيرها قبل أن يأتي التفسير من الخارج».
جميل لا يرى مبرراً لحساسية الحكومة السورية من فقرة الهيئة الانتقالية، معتبراً أنّ بالتوافق تُحل المسائل العالقة، «ومسألة الرئاسة آخر ما يحكى فيه، كذلك إنّ الوزارات الحساسة كالخارجية والدفاع من الخطأ التغيير فيها».
«كسر الجليد والقضايا الانسانية»، عنوان يطرحه قيادي في «هيئة التنسيق» في حديثه مع «الأخبار» على بساط البحث في المؤتمر. هذا العنوان يلقى صدى إيجابياً عند قدري جميل الذي يعتقد أنّ «المجتمعين يستطيعون أن يصلوا إلى نقاط مشتركة تهمّ المواطنين كتبادل المعتقلين، ومثلاً تمديد جواز السفر (للسوريين خارج البلاد) مقابل تعهّد الطرف الآخر أن لا يصدر جوازات سفر، والملف الإغاثي وملف المفقودين والمخطوفين...». القيادي السوري الذي لا يفكّر في العودة إلى سوريا حالياً، يرى أنّ مهمة مكافحة الإرهاب تأتي بالتوازي مع التغيير، فهناك «ترابط بين المسارين». أما في دمشق، فكان علاء عرفات القيادي في حزب جميل وممثلين عن تسعة أحزاب سورية (حزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) PYD، حركة الاشتراكيين العرب، التيار الثالث لأجل سوريا، الحزب الديمقراطي الكردي، الحزب الديمقراطي الاجتماعي، تيار طريق التغيير السلمي، الحزب الشيوعي ـ المكتب السياسي، حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، حزب العمل الشيوعي) يعقدون «لقاءً تداولياً يسعى إلى تعزيز وتوسيع الأطر التحالفية القائمة». المجتمعون أقروّا حصول تحسينات في لقاء موسكو التشاوري على صعيد الإجراءات والتنظيم والتمثيل، ولما كانت «هيئة التنسيق» و«جبهة التغيير والتحرير» ستشاركان في لقاء موسكو «فيجب ويمكن المعارضة المشاركة أن تنسق أداءها وأهدافها من اللقاء، خصوصاً ما يتعلق بالملف الإنساني... كذلك يجب التأكيد أن أساس العملية التفاوضية هو بيان جنيف 1 وأن إطارها هو عملية جنيف التفاوضية التي يجب أن يفضي لقاء موسكو إلى استئنافها في مؤتمر جنيف 3».
يثني دبلوماسي سوري في موسكو على الحراك الروسي. لا مانع لدى دولته من اللقاء مع أي طرف سوري «ضد التدخل الخارجي ومع الحل السياسي». لكن الرجل، على خلاف المعارضين، يرى أنّ الأولويات اختلفت منذ «جنيف 1» بعد مسألة «محاربة الإرهاب» وتصدرها للمشهد السوري والإقليمي. الدبلوماسي لا يؤمن بتسريبات إعلامية عن «خطوات خارجة عن المألوف» يقوم بها مسؤولون في الخارجية الروسية، معتبراً أنّ هامش المناورة ضيّق في الدولة «التي تضع خطّاً واحداً حيث يسير سياسيوها بمحاذاته في الحدّ الأقصى». المصدر السوري لا يرى ضرورة في رفع مستوى تمثيل بلاده في «اللقاء»، رغم توقع موسكو ذلك بعد زيارة المبعوث الروسي عظمة الله كولمحمدوف ومدير معهد الاستشراق فيتالي نعومكين دمشق في الأسبوع الماضي تحضيراً لمنتدى «موسكو 2».
الدبلوماسي الرسمي والمصادر المتابعة في العاصمة الروسية توقعوا مشاركة أممية في اللقاء، وسط ترجيح حضور مساعد الموفد الدولي إلى سوريا رمزي عز الدين رمزي.
المصدر: جريدة الأخبار