الجزائر | «معركة» توريث شقيق بوتفليقة: عودٌ على بدء؟

واشتد الصراع أخيراً، بين المروّجين للتوريث والرافضين له، عقب إثارة زعيمة حزب «العمال»، لويزة حنون، المحسوبة على السلطة، هذه القضية من جديد. حنون دعت، في ندوةٍ صحافية شقيق الرئيس إلى «تحمل مسؤولياته التاريخية لحماية الجزائر، من خلال منع الانحرافات الحاصلة»، مؤكدةً أن التاريخ «سيحاسب السعيد بوتفليقة إذا بقي صامتاً، لأنه يعلم جيداً الأطراف المسبّبة للأوضاع الخطيرة التي تعيشها البلاد». هذه الدعوة دفعت الطبقة السياسية المعارضة إلى التساؤل عن خلفياتها، وعن منصب السعيد الحقيقي، حتى يُحمَّل مسؤولية «حماية البلاد»، رغم أنه مجرد مستشار لرئاسة الجمهورية، وهو ما اعتبرته المعارضة إيذاناً بانطلاق حملة الترويج لمشروع التوريث أو إعادة بعثه من جديد.

وقال القيادي في حركة «مجتمع السلم» الإسلامية المعارضة، إن مشروع التوريث عاد من جديد، بعدما أُسقط في احتجاجات «الزيت والسكر».
وأضاف، في بيان، أن مشروع التوريث سيكون «من أخطر القنابل الموقوتة التي ستفجر الوضع في البلاد، بعدما سقط في 2011 ضمن سقوط مشاريع التوريث المشابهة في مصر وليبيا وتونس واليمن، وما آلت إليه الأوضاع في تلك البلدان».
دعوة زعيمة حزب «العمال» اليساري المقربة من شقيق الرئيس، هي اعتراف بعجز الرئيس عن أداء مهماته الدستورية، وإقرار واضح بفشله طوال ثلاث ولايات كاملة، رغم توافر البحبوحة المالية والسلم الشعبي والصلاحيات المطلقة والغطاء الخارجي، ما لم يتوافر لأي رئيس آخر، يتابع عبد الناصر حمدادوش، الذي طالب حنون بالتمتع بالجرأة لمصارحة الرأي العام بالصفة القانونية للسعيد بوتفليقة، التي تجعله «رئيساً فعلياً» بسلطة الأمر الواقع، مستغلاً الحالة الصحية لأخيه عبد العزيز. وقال حمدادوش إن التصريحات تدلّ على أن هناك «أمراً يدبّر في الظلام خارج الإرادة الشعبية، وخارج مؤسسات الدولة وخارج الدستور وقوانين الجمهورية، وهو ما سيدفع البلاد إلى الارتماء في أحضان المجهول».
هذا المناخ يثير تساؤلاً عن هوية السعيد الذي يشغل بال الجزائريين والمعارضة بصورةٍ خاصة؟
الشائع أن السعيد بوتفليقة يمارس صلاحيات واسعة في الحكم، ويقود شبكة واسعة من رجال أعمال معروفين بولائهم لرئيس الجمهورية. لا يظهر في العلن إلا نادراً، ولم يسبق له أن صرّح للصحافة، وليس له منصب حكومي.
وفي حديثٍ إلى «الأخبار»، يؤكد المتحدث الرسمي باسم «جبهة التحرير الوطني»، سعيد بو حجة، أن زعيمة «العمال» أخطأت، وأنه كان عليها أن توجه تصريحاتها للمؤسسات وليس لأشخاص، رافضاً الحديث عن قضية توريث الحكم. وقال إنه لا يمكن الاستغناء عن حنكة الرئيس بوتفليقة وخبرته.
لكن المتحدث الرسمي لحزب «جيل جديد» المعارض، سفيان صخري، كشف صراحةً لـ«الأخبار»، عن إعداد مخطط لتوريث الحكم، موضحاً أنه «توقع مع ظهور ثورات الربيع العربي أن يتم تجاوز هذا المشروع، لكن في الحقيقة هناك مخطط يهدف إلى استمرار نظام بو تفليقة من طريق توريث الحكم».
وأضاف أن السلطة الفعلية داخل هذا النظام هي لـ«جماعة» شقيق الرئيس و«بارونات» المال الفاسد، التي تسعى إلى الاستمرار في الحكم.
وتابع قائلاً إن تصريحات الأمينة العامة لحزب «العمال» تؤكد أن الرئيس غير قادر على تسيير الحكم، وتمثل اعترافاً صريحاً بعجزه عن أداء مهماته الدستورية، «لذلك إن النظام يحاول الاستثمار في مرضه للاستمرار».
وما زاد من مخاوف المعارضة، ظهور تسريبات تكشف عن استعداد مجموعة من كبار رجال الأعمال وعشرات الوزراء وشخصيات سياسية وإعلامية ونقابية لإعلان حزب سياسي جديد، يكون حزب الرئيس الجزائري المقبل، ممثلاً فيه السعيد بوتفليقة، الذي تعمل جهات على اقتراحه خليفةً لأخيه، في ما يشبه التوريث عبر انتخابات رئاسية مسبقة قد يعلنها الرئيس نفسه. وأشارت التسريبات إلى أن الحزب الجديد سيحمل اسم «الفخر»، يقوده 30 وزيراً سابقاً وعشرات رجال الأعمال ممن موّلوا الحملة الانتخابية السابقة للرئيس بوتفليقة، والمقرّبين من شقيقه، وهي التسريبات التي نفاها الحزب الحاكم على لسان أمينه العام، عمار سعداني. وقال هذا الأخير إن تأسيس السعيد بو تفليقة لحزب «مجرد شائعة».
أما الضابط السابق في الاستخبارات الجزائرية، هشام عبود، وأحد أبرز «أعداء» السعيد بوتفليقة، فيوضح في تصريح لـ«الأخبار»، من منفاه في فرنسا، أن تصريحات لويزة حنون، حول الدور الذي يؤديه شقيق الرئيس، تأتي في وقتها وتثير من جديد قضية توريث السلطة في الجزائر، وقال إنها «تؤكد في ما لا يدعو إلى أي شك، أن هناك شيئاً يدبر خفية في كواليس رئاسة الجمهورية»، مضيفاً أن حنون تعتبر من المقربين للسعيد «وهي تعرف الكثير عن مآربه».

المصدر: الأخبار