عباس يلقي أوراقه ويحمل «المقترح الفرنسي»
في اللحظات الأخيرة من يوم أمس، وتحديدا قبل الموعد الذي قررته السلطة الفلسطينية لتقديم مشروعها إلى مجلس الأمن، ارتأى رئيسها، محمود عباس، أن يرسل بدلاً من مشروع القرار الفلسطيني ـ الأردني، المقترح الفرنسي. مصادر في وزارة الخارجية الفلسطينية قالت إن قيادات نصحت عباس بألا يعتمد الأوراق الفرنسية، لكنه «لسبب غير معلوم» أصرّ على تبنيها.
ووفق المصادر، فإن المقترح الفرنسي الذي صيغ باللغة الإنجليزية، يشابه نظيره الفلسطيني ـ الأردني، لكنه يحمل بين ثناياه «ألغاماً» سياسية وأمنية. وبعد عدة بنود تؤكد العودة إلى قرارات الأمم المتحدة ومقررات مؤتمر مدريد وخيار حل الدولتين، يقدم المقترح الفرنسي إقامة دولتين مستقلتين، الأولى عربية والثاني يهودية، وهو ما يعني القبول بكون إسرائيل دولة يهودية. وهذا ما أكده البند الثامن الذي أشار إلى أن خيار التسوية الدائم سيكون مبنياً على مبدأ الاعتراف المتبادل.
وما يؤكد ما تحدثت به المصادر، أن سفيرة الأردن لدى الأمم المتحدة، دينا قعوار، أعلنت أول من أمس أن الفلسطينيين لم يطلبوا من الأردن تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن. بعد ذلك خرج عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، محمد اشتية، ليؤكد أن هناك تنسيقاً بين فرنسا وفلسطين لوضع الرتوش الأخيرة على المشروع. وأوضح، في حديث صحافي أمس، أن السفيرين الفلسطيني والفرنسي لدى الأمم المتحدة يتوليان الإشراف على وضع اللمسات الأخيرة كي يقدم اليوم بالصيغة النهائية «بعد أخذ الملاحظات الفلسطينية والعربية في الاعتبار».
كل هذا الحديث يطرح تساؤلاً عن سبب التغيير، خاصة أن «أبو مازن» ملأ العواصم ضجيجاً بمقترحه. وإن كان «حسن الظن» يقتضي تقدير أن المقترح الفرنسي «كبش فداء» في ظل تأكد السلطة من وجود «فيتو» أميركي، فإن اشتية أخرج رواية جديدة، إذ قال إن الحديث السابق كان عن طلبين، فلسطيني وفرنسي، لكن «هناك طلباً واحداً بعدما دُمج المشروعان معاً»، مشيراً إلى اختلاف بسيط هو أن «الورقة الفلسطينية تحدد سقفاً زمنياً لإنهاء الاحتلال في نهاية عام 2016، لكن الفرنسي يريد أن يكون هناك وقت لانعقاد مؤتمر دولي لاتخاذ قرار بذلك... القيادة وافقت على المطلب الفرنسي».
كذلك قال وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، إنه اجتمع مع نظيره الفرنسي، لوران فابيوس، بوجود الوفد العربي «وناقشنا الصيغة الفرنسية». وأضاف المالكي: «طلبنا مفاوضات لمدة سنة، والسنة الثانية نتفاوض فيها على الانسحاب وإنهاء الاحتلال».
ويوم أمس، كشف مسؤول فلسطيني قريب من الوفد الذي التقى وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في لندن، أن الأخير أبلغ الوفد، الذي يرأسه صائب عريقات، عزم بلاده على «استخدام حق الفيتو» ضد المشروع المقدم إلى مجلس الأمن.
بالعودة إلى المشروع الفرنسي، يؤكد المقترح رفض الاستيطان، وبقاء غزة جزءاً من أراضي الدولة الفلسطينية التي يجب أن تكون «قابلة للحياة»، وضرورة أن يرفد صندوق النقد الدولي مياه الحياة في عروق هذه الدولة. أيضاً لم تخل الإشارة من إنكار العنف مقابل حق «كل دول المنطقة في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها».
وبشأن الوقت المتاح لإنجاز الدولة، شدد المشروع على الحاجة إلى مدة أقل من 24 شهراً (سنتين) من دون أن تكون شرطاً، وفيما تكون حدود عام 67 هي حدود الدولة يجب أن «تحترم الاتفاقات الأمنية سيادة دولة فلسطين وانسحاب كامل للقوى الأمنية الإسرائيلية عبر مرحلة انتقالية متفق عليها ضمن إطار زمني معقول». واللافت أن قضية اللاجئين لم يكن حلها واضحاً في المقترح الفلسطيني السابق (راجع العدد ٢٤٢٢ في ١٨ تشرين الأول)، فإن أوراق باريس نصت على «حل منطقي وعادل يتضمن توفير التعويض والإصلاح وإعادة التوطين»!
أما القدس فستكون «عاصمة مشتركة للدولتين»، وكل ذلك بالإشارة «بالشكر إلى جهود الولايات المتحدة في عامي 2013 -2014، وخاصة عن مفاوضات إضافية في سبيل الوصول إلى حل نهائي». وعن رد الفعل الفلسطيني في حال «الفيتو» الأميركي، عاد محمد اشتية ليقول، إن «القيادة الفلسطينية ليس لديها ما تخسره»، مضيفاً: «في حال فرض عقوبات فإن مجلس الوزراء العربي أخذ قراراً بالوقوف بجانبنا وقدم وعودات مالية وسياسية».
المصدر: الأخبار