«خطاب البلاهة» يدافع عن زيارة الراعي

«خطاب البلاهة» يدافع عن زيارة الراعي

أحرق البطريرك بشارة الراعي كل مراكبه. لا يريد ان يناقش احداً. انا البطريرك. قالها بكل ما تختزنه من سلطة. كأنه أراد أن يقول: أنا القرار وانا المشورة وأنا الرأي الذي ليس له آخر. 

قرّر الذهاب إلى فلسطين، وهي تحت الاحتلال. لا يكترث لكل ما ستخلّفه هذه الزيارة. انا البطريرك. قالها أمس قبل ان يستقبله المجرمون على أبواب الأرض المحتلة ظهر البطريرك الماروني بشارة الراعي على قناة «فرانس 24» من عمان غير قادر على الدفاع عن زيارته الى الاراضي المقدسة في فلسطين المحتلة. غضب من أسئلة مثّلت هواجس عند عدد من اللبنانيين. منذ أن أُعلن عن الزيارة، والراعي يتعامل مع منتقديها بلغة فوقية.

«الأنا» في الحديث لا تعد، كما عدم التحلي بالصبر والغضب السريع ظاهران. يرفض الراعي الاستماع إلى أحد، «فالأصوات المرحبة بزيارتي الى الاراضي المقدسة أكبر بكثير من الجهة المعترضة، وزيارتي رعوية وليقبل من يفهم وليرفض من يرفض». رفض البطريرك مقارنته بأسلافه لانه «أنا البطريرك اليوم، وهذا قراري مع السينودس المقدس في هذا الظرف والمكان والزمان». وأوضح أنه «استأذن الرئيس ميشال سليمان ورئيس الحكومة تمام سلام بزيارة اﻷراضي المقدسة»، قبل أن يؤكد أن لديه حصانة روحية وكنسية «وأنا كمواطن لبناني ملتزم القوانين اللبنانية.

«سوء أداء الراعي خلال المقابلة التلفزيونية سبقه لقاء نظمته خمس جمعيات لبنانية وفلسطينية في نادي الصحافة أمس، تحت عنوان «معاً من أجل القدس». منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد هو عراب اللقاء، لكنه غاب عنه. الحضور لبناني وفلسطيني. وأصر المنظمون على اجترار كافة مفردات «خطاب البلاهة»: «زيارة السجين لا تعني زيارة السجان»، «الزيارة تسهم في تثبيت بقاء المسيحيين في أرضهم، وفي منع تهويد القدس»... وصولاً إلى «حل الدولتين». لم يشرح منظمو اللقاء كيف ستسهم الزيارة في تثبيت وجود المسيحيين. الشعار وحده يكفي، ولا حاجة عندهم إلى أي برنامج عمل. قفزوا فوق ذلك، ليمارسوا التضليل المتعمد، من خلال التلطي خلف زيارة البابا فرنسيس، إذ اعلن ممثل لقاء سيدة الجبل طانيوس شهوان أن هدف المبادرة «التضامن مع زيارة البابا التي تؤكد حق الفلسطيني في دولته والاسرائيلي في دولته». يريدها أن تكون «مدخلا من أجل احلال السلام في المنطقة». في البهو تركز الحديث حول معارضة حزب الله «بعدما اختار الالتحاق بولاية الفقيه».

اضافة الى تذكر الرئيس ياسر عرفات «الذي كان همه تنظيف فلسطين من وساخة العرب»، قالها أحد الحاضرين الذي يصف نفسه بـ«اليساري». استهل اللقاء بكلمة ممثل نقابة الصحافة فؤاد الحركة الذي تحدث عن عروبة القدس، متمنيا «أن تكون زيارة البابا فاتحة خير ومدخلا الى مفاوضات نزيهة وجادة». ليلقي بعدها أمين سر لقاء سيدة الجبل جهاد سلامة الوثيقة المرحبة بزيارة البابا للاراضي المقدسة، «فيسعدنا أن يستقبله أهلنا في فلسطين، وعلى رأسهم بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للموارنة». الجمعيات المشاركة (لقاء سيدة الجبل، الأخوة للعمل الثقافي الاجتماعي، تطوير للدراسات الاستراتيجية، مؤسسة نصير الأسعد، والإرشاد القانوني والاجتماعي) ترى في زيارة الراعي «دعماً أكيداً وعظيم الشأن لصمود أهلنا في الاراضي المحتلة، كما أن زيارة السجين ليست تأييداً للسجان». البيان حلل أن مقاطعة القدس بذريعة الاحتلال «موقف يخدم مخططات الاحتلال التهويدية عبر المشاركة في حصارها وعزل أهلها». وطلب المشاركون من المعترضين أن يكفوا عن «ابتزاز قضايانا وأهلنا بشعارات تزايد على جراح الشعب الفلسطيني»، مستشهدين بالارشاد الرسولي الصادر عن البابا بنديكتس السادس عشر عام 2012، الذي تمنى الوصول بحرية الى الأماكن المقدسة، ليتخطوا بذلك الدستور اللبناني. يبررون الزيارة بحجج على مثال أنها ستكون «بمثابة اقتحام مسيحي لجدران السجن الاسرائيلي الذي يأسر أهلنا في فلسطين». وقد أسف المجتمعون لأنهم لم يسمعوا «دعوة اسلامية عربية لجميع المسلمين كي يحجوا بصورة دائمة الى أولى القبلتين وثالث الحرمين من أجل أن تكون القدس مدينة مفتوحة لجميع المؤمنين». السلام في الشرق الاوسط لا يستوجب فقط المحافظة على الوجود المسيحي، «بل يتطلب الحرص على الحضور والفاعلية». هذا المطلب «يلتقي مع مواقف المرجعيات الاسلامية، ولا سيما الازهر الشريف». ليختم البيان بالتمني أن تكون زيارة البابا «مساهمة فعالة في حماية القدس من التهويد».

وفي الختام، فتح المجال أمام مداخلات الحاضرين الذين حاول معظمهم تبسيط الصراع مع اسرائيل، متسائلين «لماذا لا يحق لنا زيارة القدس؟». من جهة أخرى، صدر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة والحزب السوري القومي الاجتماعي بيان رافض لزيارة الراعي «لما تحمله من دلالات خطيرة بشأن الوضعية الحقوقية لمدينة القدس المحتلة على نحو مباشر، والى وضعية اللاجئين الى لبنان على نحو غير مباشر». ورأى الحزب والجبهة أن عدم الاعتراف اللبناني باسرائيل، ومقاطعة تبعات الاحتلال «مرتبطان بملف اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان ورفض توطينهم، وأي اخلال بهذا السلوك القانوني يعرض حق العودة لمخاطر كبيرة». الطرفان اللذان تمنيا إلغاء الزيارة، طلبا «أن تولي الكنيسة اهتماماً أكبر لأبناء الجليل في لبنان، وخصوصاً لجهة الحقوق المدنية والاجتماعية لأبناء المخيمات، تعزيزاً لقدرة شعبنا على النضال لاستعادة حقوقه العادلة، وعلى رأسها حق العودة وإنهاء الاحتلال».

المصدر: الأخبار