في سورية، أسرة العناية المركزة لكورونا مشغولة 100% واللقاحات الغربية ستتأخّر

في سورية، أسرة العناية المركزة لكورونا مشغولة 100% واللقاحات الغربية ستتأخّر

ضغط غير مسبوق تشهده مشافي العاصمة السورية دمشق، مع ازدياد تدفّق المصابين بكوفيد-19 في الفترة الأخيرة. وتضيق بعض غرف المشافي بالمرضى وأقاربهم.

وقالت إحدى الطبيبات في مستشفى المواساة لوكالة فرانس برس بينما تضع كمامتين «تأتينا حالات كثيرة بحاجة إلى جهاز تنفس، وحالات كثيرة بحاجة إلى عناية مشددة». وتضيف بتأثر واضح «ثمّة حالات لا نستطيع أن نفعل لها شيئاً. تموت أمامنا».

 

في منتصف الشهر الماضي، بلغت نسبة إشغال أسرّة العناية المركزة المخصصة لمرضى كورونا في مستشفيات دمشق 100%، وفق ما أفادت وزارة الصحة، في أول إعلان رسمي منذ بدء تفشي الوباء قبل عام. وقالت إنه تم نقل مرضى من أقسام العناية إلى مستشفيات خارج العاصمة.

 

وجاء ذلك بعد تسجيل تسارع في وتيرة تفشي الفيروس كما يبيّن الارتفاع في عدد المصابين. ودفع هذا الازدياد الحكومة في 27 آذار الماضي إلى تخصيص مشفى جراحة القلب في دمشق لاستقبال الحالات المصابة بفيروس كورونا، ووضع مشفى الشرطة بتصرف وزارة الصحة لمعالجة المصابين بالفيروس، على أن يتم استقبال مرضى القلب في مشفيي الأسد الجامعي، والباسل لجراحة القلب، الواقعين في دمشق.

 

وفقاً لفرانس برس تعلّق الطبيبة الشابة جهاز قياس نسبة الأكسجين حول عنقها، وتدوّن على دفتر صغير تفاصيل أكثر من عشر حالات عاينتها الأربعاء. وتوضح «يصلنا أحياناً أكثر من 40 حالة في اليوم، وهذا أكبر من القدرة الاستيعابية».

 

ويأتي ارتفاع عدد الإصابات في ظل أزمة معيشية واقتصادية استثنائية، يصعبُ معها فرض إغلاق مشدَّد، على غرار ما جرى، مع بدء تفشي الوباء، وفق ما قال مسؤولون محليون للوكالة الفرنسية.

 

منذ بدء الجائحة، سجّلت المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة أكثر من 19000 إصابة أدت إلى 1274 وفاة. عدا عن الإصابات في باقي مناطق سورية: شمال شرق سورية، وإدلب، والجولان السوري المحتلّ.

 

ويرجح أطباء ومنظمات دولية أن يكون عدد الإصابات أكبر بكثير من الأرقام الرسمية المعلنة. ويُعيد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة ذلك إلى محدودية الاختبارات في أنحاء سورية، فضلاً عن عدم رصد أعداد كبيرة من الحالات غير المصحوبة بأعراض أو مع أعراض خفيفة.

 

وأوضح مدير مستشفى المواساة عصام الأمين، الذي يُشرف على أحد أبرز أقسام العزل والعناية المركزة الخاصة بالفيروس، لوكالة فرانس برس أنّ «الأرقام الرسمية تعكس نتائج فحوصات PCR التي تجري في المشافي أو للمسافرين». وتحدث في الوقت ذاته عن «عشرات الحالات المتوسطة والخفيفة تتلقى العلاج الذاتي في المنازل بعد المتابعة مع طبيب مختص».

 

وخصّص مستشفى المواساة قرابة 50% من أقسام العناية المركزة لمصابي كورونا، إضافة إلى أكثر من 70 سريراً في قسم العزل. وتستقبل المستشفيات، وفق الأمين «الحالات الشديدة فقط». ويقول «لم نصل إلى مرحلة الذروة بعد... فالأعداد تتزايد كل يوم».

 

وبالنسبة للقاحات تشكل المساعدة الروسية للشعب السوري بلقاح سبوتنيك V النسبة العظمى من اللقاحات المستعملة في حملة التطعيم التي بدأتها وزارة الصحة السورية منذ أوائل آذار الماضي فقط، بعد أن تأخرت الحكومة السورية في تسجيل اللقاح الروسي إلى 22 شباط 2021. وفي وقت سابق كان قد صرّح الطبيب السوري الدكتور محمد أكرم الشرع، من مشفى تشرين، لصحيفة الأخبار اللبنانية الشهر الماضي بأنّ «اللقاح المتوفِّر خلال عملية التطعيم الحالية هو باللقاح الروسي بنسبة 85% ... فيما يتوافر اللقاح الصيني بنسب ضئيلة».

 

أما اللقاحات الغربية التي تتقاتل الدول الأوروبية فيما بينها على الحصول عليها، في ظل احتكارات ومشكلات بكميات الإنتاج، فيبدو أنها إذا وصلت إلى سورية، فسوف تصل متأخرة أكثر من المواقيت الموعودة سابقاً. إذ بعدما كان متوقعاً وصول اللقاحات عبر مبادرة كوفاكس خلال شهر نيسان الحالي، قالت مديرة مكتب منظمة الصحة العالمية في دمشق أكجمال ماجتميوفا لوكالة فرانس برس أنّ التسليم «سيتأخّر حتى شهر أيار على الأقل». وجاء في تقرير مشترك بين مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية أن أولى عمليات التلقيح ستحصل في الربع الثاني من العام الحالي «على أبعد تقدير».

 

وكانت الحكومة السورية قد وقّعت في كانون الثاني اتفاقاً للانضمام إلى مبادرة «كوفاكس» عبر منظمة الصحة العالمية. ووفقاً لأسوشيتد فرانس برس، فإنه في مرحلة أولى، ستوفّر المنصّة 912 ألف جرعة من لقاح «أسترازينيكا» البريطاني-السويدي للسكان في مناطق سيطرة الحكومة وفي شمالي شرق البلاد.

 

ويقول طبيب سوري التقت به الوكالة الفرنسية بعد معاينته حالة حرجة «سرعة الانتشار كبيرة، وهناك زيادة في الأعداد بشكل انفجار... هذه الموجة أشدّ لناحية إشغال أسرّة المستشفيات». مؤكداً أنّ «أسرّة العناية المشددة لا تخلو أبداً... وهناك دائماً من يسجّلون أسماءهم في قوائم الانتظار».

 

وأنهكت عشر سنوات من الحرب القطاع الطبي، الذي يعاني أيضاً من نقص في الكوادر. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير نشره قبل يومين، إنّه تبلّغ من الحكومة السورية إصابة 654 عاملاً طبياً منذ بدء تفشي الوباء، توفي 29 منهم على الأقل.

 

معلومات إضافية

المصدر:
: أ ف ب + الأخبار + قاسيون