افتتاحية قاسيون 620: انهيار بالمكان!

افتتاحية قاسيون 620: انهيار بالمكان!

يعد مشهد انهيار برجي التجارة سبتمبر 2001 مثالاً نموذجياً على ما يسميه الاختصاصيون انهياراً بالمكان، حيث تفخخ قاعدة البناء بنوع خاص من المتفجرات التي تعطي بانفجارها حرارة عالية تقوم بصهر الأساسات مؤدية إلى تهافت طوابق البناء بعضها فوق بعض دون أي تأثير على الأبنية المجاورة.

 

ويمكن القول اليوم إن مجموعة «بريكس» وحلفاءها يعملون على انهيار أمريكي بالمكان.. فمنع واشنطن من الحروب هو تكريس لاختناقها الاقتصادي والسياسي والعسكري، وباستمرار هذا المنع فإن الانهيار بالمكان سيصبح أمراً محتوماً..

وبما أن التوازن الدولي الجديد يفرض على الولايات المتحدة ومعسكرها أحد أمرين لا ثالث لهما، إما تراجع منتظم تحتل فيه «واشنطن» حجماً يماثل إسهامها في الناتج العالمي الذي لم يتجاوز 18% قبل عشر سنوات وهو الآن أقل من ذلك بكثير، أو انهيار صاعق وبالمكان وفقاً لما سبق، فإن الخيار الأول هو الأكثر عقلانية. ولكن خيار التراجع المنتظم هو في الوقت ذاته انهيار بالنسبة لجزء محدد من المنظومة الرأسمالية هو ذلك الجزء المالي والمصرفي البحت غير الإنتاجي وعلى رأسه الصهيونية العالمية، ما يعني أن خيار استمرار الحرب عبر شكلٍ «فاشي جديد» بالنسبة لهذا الجزء سيبقى مشروعاً «يناضل» من أجله..

يتمثل الخيار الفاشي الجديد في وقتنا المعاصر بتنظيم الإخوان المسلمين العالمي وأدوات الاقتحام الملحقة به من قاعدة وماشابهها، باعتبارهما معاً منظومةً مالية واسعة الانتشار وقادرة على تقديم أكثر الأشكال رجعية لحكم الطغم المالية، وقادرة أساساً وبالجوهر على خلق الحروب المستمرة الهادفة في نهاية المطاف إلى ضرب تطور القوى المنتجة على المستوى العالمي والذي لم يعد تحمله بالنسبة للمنظومة الرأسمالية ممكناً.. وعليه يصبح مفسراً الخيار العقلاني في منع الحرب حتى الآن، وفي منع الفاشية التي اضطرت الحكومات الرأسمالية خلال الحرب العالمية الثانية إلى الانقلاب عليها في نهاية المطاف متحالفةً مع ألد أعدائها في حينه الاتحاد السوفييتي..

وإن ذهاب سورية اليوم إلى مؤتمر جنيف 2، وإن كان انتصاراً على قوى الحرب والقوى الفاشية الجديدة فإنه ليس الجولة الأخيرة، فاستمرار دعم المسلحين الأجانب الفاشيين الجدد من جهة واشنطن واستمرار القوى المتشددة في النظام والمعارضة في إعاقة الحل السياسي   سيزيدان من صعوبة وتكاليف المعارك اللاحقة. وما جرى خلال الأسبوع الفائت من صراعٍ دامٍ بين فصائل من المعارضة المسلحة، ومسلحين تكفيريين وخاصةً في الشمال ليس في حدود «الصراع على الغنائم» كما يحاول البعض أن يصور الموضوع، بل    تحاول الإدارة الأمريكية أن تقدم إلى الواجهة هذه القوى التكفيرية غير المستعدة للحوار من أجل استدامة الاشتباك واستمراره واستخدامها كـ«قنبلة موقوتة» وورقة ضغط لاحقاً حتى ما بعد بدء الحل السياسي. 

إن نقل إحداثيات الصراع نحو الشكل السياسي وأخذ هذا الصراع نحو نهاياته الوطنية المطلوبة، يتطلب رأب جميع الانقسامات الثانوية بين السوريين وتعزيز اتحادهم في وجه الفاسدين الكبار داخل جهاز الدولة وفي المجتمع باعتبارهم ممرات عبور العدو الخارجي، وفي وجه العدو الخارجي المتجسد في التنظيمات التكفيرية غير السورية من حيث الجوهر..

 

آخر تعديل على الأحد, 22 أيلول/سبتمبر 2013 01:16