رحيل الرفيق آرا خاجادور
رحل المناضل الوطني والعمالي العراقي، الرفيق آرا خاجادور، في العاصمة التشيكية ـ براغ يوم الإثنين الموافق 4/12/2017 بعد مرض أقعده ولم يمهله طويلاً.
كان الفقيد آرا يردد بثقة عالية حتى آخر يوم في حياته بأن النصر لنا نحن عمال العالم، ومنهم عمال العراق والبلاد العربية. وكان يتلمس ويري ويُقدر المظاهر الجديدة في وعي أعداد متزايدة من فقراء العالم وكادحيه ومثقفيه ضد إطلاق يد القوى الإمبريالية اتجاه الشعوب عدواناً ونهباً وتجويعاً وإبتزازاً، خاصة بعد الانتكاسات التي أصابت شعوب الاتحاد السوفياتي ودول المنظومة الاشتراكية في شرق أوروبا.
آرا لم يساوم أحداً على قناعاته. وخاض نضالاً مريراً ضد الحصار الإقتصادي الإجرامي الذي فرض على الشعب العراقي. ذلك الحصار الذي كانت نتائجه مروعة على أبناء الشعب العراقي والفقراء منه بصفة خاصة، وفي أوجه الحياة كافة، على الأفراد والمجتمع. وصف الحصار الإجرامي بأنه من بشع أنواع سلاح الدمار الشامل. ووقف بصلابة وثبات ضد الإحتلال قبل أن يبدأ، وواصل نضاله ضد الاحتلال بعد وقوعه، وحذر من نتائجه الخطيرة على مستقبل البلاد برؤية عمالية صافية وثاقبة ونزية.
آرا من جيل الشيوعيين الفهديين الذين ربطوا بوعي عميق بين الوطنية والنضال الطبقي الذي لا يعرف الهوادة ولا المهادنة ولا أنصاف أو أرباع الحلول الخائبة وغير الخليقة بالنزعة العمالية الثورية المشذبة من كل أنواع الإنحرافات، اليمينية منها واليسارية.
آرا ترك خلفه لكل الكادحين العراقيين والوطنيين نموذجاً سليماً ومشرفاً للإخلاص والمبدئية ومعرفة الخطوط الفاصلة في المنعطفات الحادة. وفي هذه اللحظات الحزينة أجد من واجب تقديم الشكر والامتنان لكل الرفاق والأصدقاء الذين واصلوا الاستفسار عن صحة الفقيد في أيامه الأخيرة، والذين أعربوا عن رغبتهم في زيارته للاطمئنان عليه، وكانت مثل تلك المواقف الشريفة مبعث سرور بالغ له حتى عند اشتداد ضغوط الحالة الصحية.
- ـ انتسب آرا خاجادور في سن مبكرة عام 1941 الى عضوية الحزب الشيوعي العراقي. وانضم الى قيادة الفرع الأرمني للحزب الذي تشكل في عام 1943، ثم تولى قيادته عام 1948. وهو أول الفرع التي تشكلت داخل الحزب. وكان مؤسس الحزب وقائده الرفيق يوسف سلمان يوسف ـ فهد ينظر إلى فروع الحزب كساحات أولية لزرع الروح الوطنية العراقية العامة بين كل فئات الشعب، ولتعميق الوعي الاجتماعي.
- ـ اعتقل في يوم 18 شباط/ فبراير عام 1949، بعد اسبوع واحد من إعدام الرفيق فهد ورفيقيه حازم وصارم. ثم حُكم عليه بالسجن المؤبد قضى منه عشرة أعوام. وأطلق سراحه من سجن مدينة بعقوبة كآخر سجين سياسي بعد ثورة 14/ تموزـ يوليو/ 1958.
- ـ عمل في اللجنة العمالية للحزب واللجنة المركزية بعد ثورة تموز ـ يوليو 1958. وعاد الى العمل بمصفي الدورة في بغداد، وساهم في تشكيل نقابة صناعة النفط، وانتُخب رئيساً لها، ثم تولى سكرتارية أول اتحاد عام لنقابات عمال العراق بعد ثورة 14/ تموز ـ يوليو/ 1958.
- ـ ساهم في إعادة بناء الحزب بعد انقلاب 8/ شباط ـ فبراير/ 1963 الدموي. وواصل عمله في مختلف الهيئات الحزبية: اللجنة المركزية، المكتب السياسي، جهاز صيانة الحزب، العلاقات الأممية، مجلة قضايا السلم والاشتراكية وغيرها.
- ـ الى جانب مهماته الحزبية الأخرى عمل عضواً في المكتب العسكري للحزب بين الأعوام 1979 ـ 1984. وتولى مسؤولية قيادة قوات الأنصار لـلحزب الشيوعي العراقي بين الأعوام 1984 ـ 1988 في كردستان. استمر في عضوية المكتب السياسي حتى اجتماع اللجنة المركزية في برلين عام 1989.
- ـ ضرب أمثلة ملهمة في مختلف أشكال النضال التي مارسها من أبسطها الى أعلاها، وفي التنظيم الحزبي والنقابي وفي السجون والمعتقلات. وأبدع مع بقية رفاقه في حفر الأنفاق للخروج من السجون الى ساحات النضال بين الناس، وبين الكادحين منهم بصفة خاصة.
- ـ شغلت المخططاتُ المعادية، المحلية منها والأجنبية، المُعدة للعراق والمنطقة اهتماماته الرئيسية، فرفض الاحتلال الأميركي 2003، وقاومه بصلابة وبكل ما يستطيع، مؤكداً على أن الاحتلال سيؤدي الى كوارث للعراقيين والمنطقة تتضح تدريجياً، محذراً من فوات الأوان، مؤكداً على أن الاعتماد على الخارج مصدر خطر كبير على آفاق نضال كل الشعوب، وينبغي التعامل مع هذه الحقيقة كركن رئيس في كل خطوة أو تحليل لأي وضع كان.
- ـ واصل دفاعه بكل ما يستطيع عن الطبقة العاملة العراقية ومصالحها، ومصالح العراق الوطنية، ومصالح كل الكادحين العراقيين بكل أعراقهم وأديانهم وطوائفهم، مؤمناً إيماناً مطلقاً بالقدرات الخلاقة للعمال وحلفائهم وكل الكادحين العراقيين، وذلك من خلال إيمانه بقيم الروح الوطنية الحقة والأممية والصداقة بين الشعوب. وقدم جهده في مختلف المجالات مسترشداً بالمبادئ التي آمن بها وبتجربته العملية.