الديب لـ«قاسيون»: ما أعطيَ للمصارف يساوي 6 أضعاف سلسلة الرتب والرواتب!
بعد التظاهرة الحاشدة يوم أمس بالقرب من مصرف لبنان المركزي في بيروت والتي كان قد دعا إليها الحزب الشيوعي اللبناني احتجاجاً على السياسات الضريبية والقرارات الأخيرة التي اتخذها البرلمان اللبناني، عاد المتظاهرون ظهر اليوم للاحتجاج في ساحة رياض الصلح.
وفي حديث لـ«قاسيون»، وصف عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي اللبناني، ومسؤول العلاقات الخارجية الرفيق عمر الديب، بعض المطالبات بـ«رفض الضرائب على العموم» بأنها «مطالب شعبوية تسعى إلى رفعها بعض القوى التي ليس لديها هوية سياسية وطبقية واضحة ومحددة. وبشكل خاص، تطرح القوى التي تسمى بجمعيات ومنظمات أهلية خطاباً يقول إننا نريد سلسلة الرتب والرواتب، وتصحيح الأجور، ولا نريد ضرائب. نحن في الحزب الشيوعي اللبناني نظمنا يوم أمس مظاهرتنا الخاصة، وكانت مظاهرة شارك فيها بحدود 4000 إلى 5000 مشارك، وكان خطابنا فيها واضحاً، فنحن نريد الضرائب، ومطلبنا هو الضرائب، ولكن يصبح السؤال: أي نوع من الضرائب؟ ومن تطال هذه الضرائب؟ نحن رفضنا كل الضرائب غير المباشرة المطروحة اليوم من الحكومة. ورفعنا شعار الضرائب على الرساميل الكبيرة والمتركزة بشكل أساسي في المصارف، وبالودائع الكبيرة الموجودة التي تدفع ضريبة 5% فقط على الفوائد، في الوقت الذي يدفع فيه المواطن العادي 10% على الاستهلاك، والموظف يدفع 15% ضريبة الدخل، بينما الأموال المجمدة في المصارف تدفع 5%، وكان مطلبنا رفعها إلى 30% لأنها أموال غير منتجة وهي عبارة عن ريوع فقط، ولا تؤمن فرص عمل للناس بتجميدها».
وأضاف ديب: «قام مصرف لبنان عندنا بهندسات مالية على طريقة الهندسات المالية التي جرت في الدول الغربية، إذ حوّل 5.5 مليار دولار بقرار إداري كتمويل للمصارف، وهذا منذ شهرين فقط. أما زيادة الأجور التي يجري الحديث عنها الآن فتكلف 800 مليون دولار. هذا يعني أن الدعم الذي قدم للمصارف قادر على تمويل سلسلة الرتب والرواتب ست مرات، وعلى تمويل التغطية الصحية الشاملة للبنانيين جميعهم ثلاث مرات. لذلك، كان خطابنا بأنه يجب فرض ضريبة عالية جداً على هذه المصارف، وبالنسبة لنا ليس من الصحيح أن يجري ذلك بالأصل، لكن بما أنها جرت، بات يجب ملاحقة المصارف وتدفيعها جزء من هذه الهندسات المالية».
وتابع ديب: «رفعنا أيضاً مطلب فرض ضرائب تصاعدية على أرباح الشركات. والنقطة الأخيرة هي الأملاك البحرية، إذ أنه يوجد بضعة متنفذين يسيطرون على الشط اللبناني كله منذ عقود إلى الآن، ولا يقومون بدفع أية رسوم، هذه كلها أملاك مخالفة، ومطلبنا هو إزالة المخالفات، وتدفيع هؤلاء المتنفذين رسوم مخالفة عن الفترة الماضية كلها. وفي حساباتنا، فإن هذه الضرائب لا تغطي تصحيح الأجور فحسب، بل تغطي عجز الموازنة كله، وهذا ما طرحناه في تظاهرتنا يوم أمس، وهو ما نحاول أن نطرحه في تظاهرة اليوم الكبيرة التي يوجد فيها تنوع سياسي واجتماعي كبير جداً».
وحول موقف الحزب من الانتخابات، وإذا ما كان يرى أن قانون الانتخابات النسبي على أساس الدائرة الواحدة هو المدخل الوحيد لتنفيذ الإصلاحات في لبنان، قال ديب: «بالنسبة لنا، فإن المدخل الحقيقي للتغيير هو بناء موازين قوى شعبية ترفع هذه المطالب وهذه الشعارات على المستوى السياسي وعلى المستوى الاقتصادي الاجتماعي، ومنها بشكلٍ أساسي مسألة الرواتب والأجور والضرائب، أي توزيع الثروة في المجتمع، وقانون الانتخابات هو أحد مداخل التغيير الذي يسمح لهذه القوى أن تقوم بخرقٍ ما في تكوين السلطة السياسية الموجودة في لبنان، لكننا نرى أن ذلك يأتي كترجمة لهذه الموازين وهذا الصراع الاجتماعي، وليس هو ما يخلق الموازين، وطبعاً نحن نناضل من أجل القانون النسبي على أساس الدائرة الواحدة، لأن الانتخابات على أساس النظام الأكثري والتقسيمات الإدارية الموجودة لدينا في لبنان هي تكريس لبضعة أحزاب لها امتداد مذهبي وطائفي لتعاود تكريس سيطرتها على هذا النظام، وهي أحزاب جميعها في المضمون الاجتماعي والطبقي لها هي من يفرض علينا هذه الموازنة التي تريد أن تسحب الأموال من الطبقات الدنيا إلى الطبقات العليا. لكن نظرتنا ورؤيتنا للموازنة بأنه يجب أن تكون وظيفتها العكس: أي ضخ الثروة من فوق إلى تحت، بمعنى إعادة توزيع الثروة لمصلحة الشعب اللبناني».