هل صحيح أن السيطرة على الانترنت  لم تعد بيد الحكومة الأميركية؟
حسام الماني حسام الماني

هل صحيح أن السيطرة على الانترنت لم تعد بيد الحكومة الأميركية؟

بعد فترة انتقالية دامت عشرين عاماً، لم يعد «دليل الهاتف» للشبكة العالمية تحت السيطرة المباشرة للحكومة الأميركية. يمكن للمستخدمين من أنحاء العالم كافة الآن أن يؤثروا في كيفية تطور الفضاء الرقمي مستقبلاً.

 

الحرية أخيراً

كان يوم الأحد، 1 تشرين الأول، يوماً تاريخياً بالنسبة للإنترنت. حيث قامت الحكومة الأميركية أخيراً بتسليم التحكم بـ «دليل الهاتف» للشبكة العالمية إلى شركة الإنترنت للأسماء والأرقام المحجوزة( أيكان (ICAAN بعد فترة انتقالية دامت لعشرين سنة تقريباً. أيكان هي منظمة لا ربحية مؤلفة من مساهمين من منظمات حكومية، ومن أفراد الشركات الخاصة، ومستخدمي الإنترنت من أنحاء العالم كلها. وقد استلمت الآن السيطرة المباشرة على سلطة الأرقام المحجوزة في الإنترنت (إياناIANA(، وهي الهيئة التي تنظم عمل نظام أسماء نطاقات الانترنت DNS.

كانت أيكان تدير إيانا(هيئة أرقام الإنترنيت المخصصة) قبل عملية التسليم والاستلام هذه، ولكن كان القرار النهائي عائداً إلى وزارة التجارة الأميركية، وذلك عبر الإدارة الأميركية الوطنية للاتصالات والمعلومات (NTIA)، أي أن الحكومة الأميركية كانت قادرة على تغيير أي قرار تتخذه أيكان.

ويعتبر نظام تسمية نطاقات الإنترنت واحدا من أهم مكونات الإنترنت، فهو يربط عناوين مواقع الإنترنت سهلة التذكر، مع خوادم الإنترنت ذات الصلة بها.

وبدون نظام تسمية نطاقات الإنترنت لن تستطيع الوصول إلى المواقع الإلكترونية إلا عن طريق كتابة بروتوكول الإنترنت «IP» الخاص بالموقع، وهو مجموعة من الأرقام.

وظلت الولايات المتحدة تحظى بالكلمة العليا بشأن التحكم في نظام تسمية نطاقات الإنترنت، لكن ليس لفترة طويلة في المستقبل.

وقد جرى الاتفاق في عام 2014 على شروط نقل هذه السلطة، لكن الولايات المتحدة أعلنت الآن فقط عن رضاها بشأن استعداد أيكان للتغيير.

وحصلت أيكان على «مفاتيح المملكة»، كما وصفها أحد الخبراء، في الأول من تشرين الأول 2016. واعتباراً من هذا التاريخ، فقدت الولايات المتحدة سيطرتها، على الرغم من بقاء مقر أيكان في لوس أنجليس.

ولن يلحظ أي من مستخدمي الإنترنت أي تغيير، نظراً لأن أيكان تؤدي تلك المهام منذ سنوات.

لكنها خطوة ينتقدها بشدة العديد من السياسيين الأمريكيين باعتبارها تفتح الباب لأطراف عالمية أخرى حسب زعمهم كالصين وروسيا للتدخل في نظام ظل دائماً خاضعاً لـوصاية الولايات المتحدة.

وتأسست الشركة عام 1998 بهدف تولي مهام تخصيص أسماء مواقع الإنترنت. وحتى هذه المرحلة، كان شخص واحد يؤدي المهمة وهو جون بوستيل. وهو معروف لدى الكثيرين بلقب «إله الإنترنت»، في إشارة إلى سلطته على الإنترنت، فضلا عن عمله البحثي لوضع بعض الأنظمة لدعم الشبكة.

توفي بوستيل بعد فترة وجيزة من تأسيس شركة أيكان، وكان من مهامه إدارة هيئة أرقام الإنترنت المخصصة «أيانا» IANA. وفي وقت لاحق، أُسندت إدارة أيانا إلى أيكان، لكن إدارة الإتصالات والمعلومات الوطنية «نتيا» NTIA، وهي تابعة لوزارة التجارة، ظلت تحظى بالكلمة العليا بشأن ما يمكن للشركة أن تفعله.

والآن لن يعود للحكومة الأمريكية، من خلال إدارة الاتصالات والمعلومات الوطنية، القدرة على التدخل في أمور تتعلق بتسمية نطاقات مواقع الإنترنت.

وتصبح أيكان «الجديدة» منظمة تستجيب لكثير من أصحاب الأسهم الذين يريدون أن يكون لهم سلطة على الإنترنت. ومن بين أصحاب الأسهم هؤلاء دول وشركات ومجموعات تقدم استشارات فنية.

الخيار الأفضل

وتعليقا على الخطوة الجديدة، قال الان وودوورد الأستاذ في جامعة سيري في بريطانيا «إنه تغيير كبير».

وأضاف «يمثل ذلك نقطة تحول من كونها شبكة إنترنت تحكمها دولة واحدة إلى نظام متعدد من أصحاب المصالح، وهو حل عالمي مناسب للأصول العالمية».

وقد طالبت العديد من الدول الأمم المتحدة بذلك داعية إلى أن يصبح نظام تسمية نطاقات الإنترنت خاضعاً لاتحاد الاتصالات الدولي التابع للأمم المتحدة.

وطرحت معاهدة لذلك على طاولة النقاش في عام 2012، غير أن الولايات المتحدة، إلى جانب بريطانيا وكندا واستراليا، رفضت متعللة بمخاوف تتمثل في «انتهاك حقوق الإنسان» إذا تعاظمت سلطة دول أخرى وأصبح لها سيطرة على الإنترنت وكذا المؤسسات التكنولوجية.

واستخدمت الولايات المتحدة بدلاً من ذلك سلطتها القائمة على نظام تسمية نطاقات الإنترنت لنقل السلطة إلى أيكان وليس إلى الأمم المتحدة.

ورداً على تلك المخاوف بشأن انتهاك حكومات أجنبية للإنترنت، قالت أيكان: إنها استشارت خبراء، وقالوا: إن احتمال حدوث تدخل من حكومة ما هو أمر «بعيد المنال».

وقال وودوورد «ذلك لا علاقة له بقوانين الإنترنت».

وأضاف «تلك القوانين الوطنية الباقية هي تلك القوانين التي تتعلق بهذه الدول».

وقال «يتعلق ذلك بشكل كبير بقدر السيطرة رسميا لمؤسسات الإنترنت وعناوين المواقع الإلكترونية وأسماء النطاقات، التي بدونها لا تعمل الشبكة».

رفض قاض في ولاية تكساس دعاوى قضائية تقدمت بها 4 ولايات لوقف خطط حكومية للتنازل عن سلطة التحكم في الإنترنت إلى مجموعة «أيكان» (Icann).

وكانت ولايات أريزونا وتكساس وأوكلاهوما ونيفادا قد قالت إن الخطط الحكومية تتطلب موافقة من الكونغرس.

ولكن قاضياً في تكساس رفع الدعاوى مما يعني أن مجموعة «أيكان» تولت بمفردها المسؤولية عن نظام تسمية نطاقات الإنترنت «دي إن اس» اعتباراً من الأول من تشرين الأول.

وقال المتحدث باسم الادعاء العام في تكساس تعليقاً على الحكم «نشعر بخيبة أمل كبيرة ولكننا سنمضي قدماً لنبحث الخيارات المتاحة أمامنا».

ما زالت تعتقد أنها تحكم العالمنأأاازوة نتشتثىتأ

وكان مدعون في الولايات الأربع قد عارضوا عملية نقل سلطة تسمية نطاقات الإنترنت، مؤكدين أنها لا يمكن لها أن تمضي قُدماً دون موافقة رسمية من السياسيين الأمريكيين.

وحذروا من أن عملية انتقال السيطرة لا تضع أساليب حماية كافية للنطاقات التي تخدم الحكومة الأمريكية والجيش مثل «.gov» و«.mil».

وأثارت خطة وقف الإشراف الأمريكي على إدارة نظام تسمية نطاقات الإنترنت اهتمام عضو مجلس الشيوخ الأمريكي تيد كروز وحملة المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب.

وأكد الجانبان أن تسليم هذه الصلاحية سيقوض «حرية التعبير» على الإنترنت، في تخوف من أن يمنح روسيا والصين المزيد من السيطرة على الشبكة.

ورفضت أيكان هذه المزاعم، وقالت إن «دور الحكومة الأمريكية لم يتقلص، ودور الحكومات الأخرى لم يزد». 

خاصة أن موضوع مراقبة الإنترنت بشكله الحالي هو غير مركزي مما يعني أن هذه الهيئات ليس لها دور أساساً بالمراقبة حتى عندما كانت تحت الهيمنة الأميركية في السنين الماضية.

وتتم المراقبة على حُزم مفصلية في بنية الشبكة العلمية موجودة في أماكن محددة وعبر تجهيزات خاصة وهي قضية تقنية وليست لوجستية أو قانونية أو تنظيمية، وهذا هو دور هذه المنظمات تحديداً.