وجدتها: قلق الحرب
في سؤال لأحد الصيادلة الممارسين في مدينة دمشق، عن أكثر الأدوية مبيعاً خلال الحرب، أسر لي بأن الأدوية الأولى هي أدوية الضغط تليها مباشرة، أدوية الاكتئاب والأدوية النفسية.
في وقت الحرب تتزاحم داخل الإنسان مشاعر من الخوف القلق والإحساس بالعجز والخوف من المجهول، يحاول حلها بشتى السبل الترفيهية والدوائية.
يطلق على اكتئاب الحرب الأسى وهو الشعور بالفقد، سواء فقد شخص عزيز أو مواطن أو الوطن نفسه.هناك أيضاً إحساس آخر ينتاب الإنسان وقت الحرب، وهو اكتئاب الهزيمة والإحساس بالدونية وتأنيب الذات، والتقليل من شأن النفس والشعور بالفشل أو العجز. والإحساس الثالث الذي ينتاب الإنسان في أثناء الحرب، هو اكتئاب ما بعد الصدمة، ويصاحب هذا الإحساس مشاعر ممزوجة بالخوف والقلق والذعر والغضب والحزن، هذه هي الأنواع الثلاثة من الاضطرابات التي تصاحب الحروب، فالإنسان في وقت الحرب يشعر بالعجز عن مواجهة الظلم، وتكون صورته مضطربة ويشعر بأنه غير قادر على حماية نفسه أو أسرته، وبالتالي ينتابه إحساس أنه ضعيف ومستهدف للعدوان وللظلم، وبالتالي تستفحل لديه مشاعر الدونية وقلة الحيلة والإحباط.
وفي أوقات الحروب يحتاج الناس لبعضهم البعض كنوع من المساندة النفسية، فالإحساس بالامتزاج مع الناس الذين يتعرضون للموقف نفسه وللمشاعر نفسها كالخوف من المجهول يقلل إلى حد كبير احتمال وقوع الإنسان في كرب ما بعد الصدمة، فوجوده مع آخرين يتحدثون عن آخر أخبار الحرب، حتى متابعة أحداث الحرب ساعة بساعة بصورة جماعية يقلل من إحساس الإنسان بـالأسى، حيث يشعر بأن المشكلة جماعية ولا تقع عليه بمفرده، فيشعر بأن ذلك هو نوع من توزيع الهم على الجميع. وفي وقت الحرب وبصورة نفسية، يمكن أن يلعب الاعلام دوراً إيجابياً في رفع الروح المعنوية وطمأنة الجماهير، وتحسين صورة الذات ورفع الثقة بالنفس.
إن معالجة الآثار النفسية للحرب إن لم تتواكب مع تحسن حقيقي على الأرض، تكون نوعاً من الخداع الذي يولد آثاراً نفسياً مسيئة بشكل أكبر، فالعلاجات الصغيرة التي تقدم، هي كجرعة مهدئ وسط العاصفة.