الترابط بين الماء والطاقة والمناخ

الترابط بين الماء والطاقة والمناخ

مع تنامي أزمة المياه عالمياً يجتمع خبراء في جولة محادثات «أسبوع الماء في العالم» لإيجاد حلول لإنقاذ مناخ الأرض من خلال استخدام تقنيات الطاقة المتجددة.

تركز المحادثات بشكل أساسي على مشكلة شح المياه، وعلى رأس أجندتهم إيجاد برنامج مناسب لاستخدام الطاقة المتجددة لإنقاذ مصادر المياه والمناخ.

حلول جذرية

الأضرار المباشرة لشح المياه باتت واضحة في كثير من المناطق حول العالم. في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، تدخل أزمة المياه عامها الرابع دون التمكن من إيجاد حلول جذرية للسيطرة على التناقص المستمر لمصادر المياه.

في جنوب أفريقيا والبرازيل، تستمر المعاناة من نقص موارد المياه والكهرباء والغذاء نتيجة انخفاض معدل هطول الأمطار. وفي بورتو ريكو وبعض المناطق الأخرى من العالم باتت سياسة حصص المياه نموذجاً طبيعيا للحياة.

وبالنظر للمستقبل، فإن الحاجة إلى المياه ستزداد عالمياً وبسرعة كبيرة. ويتوقع المحللون أنه بحلول عام 2050 ستزداد متطلبات المياه عالمياً بنسبة 55 بالمئة عما هي عليه حالياً.

ترابط المياه والطاقة

تترابط المياه والطاقة ترابطاً وثيقاً. فتوليد الطاقة ونقلها يتطلبان استخدام الموارد المائية، وبخاصة مصادر الطاقة الكهرومائية والطاقة النووية والحرارية. ومن ناحية أخرى، تستخدم 8 ٪ من الطاقة العالمية في ضخ المياه ومعالجتها ونقلها إلى المستهلكين

ووفقا لدراسة المعهد الدولي لإدارة الموارد المائية IWMI، يحتاج المزارعون إلى زيادة محسوسة في إمدادات مياه الري لتلبية الاحتياجات العالمية من الغذاء في عام 2050 من دون إدخال تحسينات تقانية على طرق الزراعة المروية.

ثمة أسلوب آخر للاقتصاد في مياه الري، يتمثل بالتخزين الجوفي للمياه التي تستخدم عادة لري المحاصيل في الحقول، خارج الموسم الزراعي. ففي معظم أنحاء العالم، تصل هطولات الأمطار وتراكمات الثلوج السنوية ـ وجريان المياه إلى الأنهار ـ إلى ذروتها خارج الموسم الزراعي، وذلك عندما يكون الطلب على مياه الري في حده الأدنى. ومن ثم، فالعمل الأساسي للمديرين هو تحويل المياه من الفصل الذي تتوفر فيه الإمدادات بكثرة إلى الفصل الذي يزداد فيه طلب المزارعين على المياه لري محاصيلهم.

التخزين الجوفي

الحل الأكثر شيوعاً هو تخزين المياه وراء السدود حتى موسم الزراعة؛ بيد أن السطوح المائية تتعرّض للتبخر فتفقد جزءاً مهماً من الإمدادات. ويمكن استخدام التخزين الجوفي للحد من ضياع المياه بالتبخر. ولكي يكون هذا التخزين مجدياً، يتعين على المهندسين أولا إيجاد خزانات جوفية كبيرة يمكن تغذيتها بالإمدادات المائية السطحية بيسر، كما تسمح بإعادة محتوياتها من المياه إلى سطح الأرض عند الحاجة إلى الري.

نظم الري بالتنقيط

يمكن الحد من الطلب على مياه الري أيضاً باستخدام نظم الري بالتنقيط على نطاق واسع، إذ تخفض هذه النظم استهلاك المياه إلى الحد الأدنى بالسماح للمياه بأن تتسلل ببطء، إما من خلال سطح التربة أو بالتوجه مباشرة إلى الجذور. والاستثمار في أنواع جديدة من المحاصيل القادرة على تحمل شح المياه والجفاف والمياه المسوسة brackish والمالحة يمكن أن يساعد أيضا على تقليل الاحتياجات إلى مياه للري.

كفاءة الري

من جهة أخرى، حتى وإن ارتفعت كفاءة الري بنسبة متواضعة بحدود 10 في المئة، فإن ذلك سيوفر كميات من المياه تتجاوز مجمل الكميات التي تفقد منها بالتبخر، والتي يستخدمها باقي المستهلكين كافة. ويمكن تحقيق هذا الهدف بمنع التسربات في البنية التحتية لشبكة التوصيل، ومن خلال بناء وسائل لتخزين المياه المتدنية الفاقد، إضافة إلى نظم أكثر كفاءة لري المحاصيل الزراعية.

مراكز إنتاج الطاقة

أحد أهم مكامن توفير المياه تقبع في مراكز إنتاج الطاقة. وعلى سبيل المثال، في الاتحاد الأوروبي تخصص 44 بالمئة من مصادر المياه لإنتاج الطاقة. لذلك تمثل تقنيات الطاقة المتجددة بديلاً جيداً لتوفير المياه.

تستخدم محطات الطاقة الشمسية من المياه ما يقل بـ200 مرة عما تستخدمه محطات الفحم، بينما مولدات الطاقة من الرياح لا تستخدم الماء مطلقاً. وعند التفكير في بدائل الطاقة لا بد من الأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على سلامة المناخ والبيئة. وذلك يجعل مصادر الطاقة المتجددة بديلاً مثالياً لتوفير المياه والحصول على الطاقة اللازمة دون أضرار جانبية للمناخ.

الطاقة المتجددة

يتوقع الخبراء أن توسيع نطاق استخدام الطاقة المتجددة سيقلل من استخدام المياه بنسبة 37 بالمئة في الولايات المتحدة، وبنسبة 52 بالمئة في المملكة المتحدة، و28 بالمئة في ألمانيا، وبنسب مقاربة في أكثر الدول إنتاجاً للطاقة في العالم. والمشكلة الأساسية أن الحلول المطروحة متداولة منذ سنين دون اعتمادها على نطاق شامل، بحيث تظهر نتائجها على توفير المياه والحفاظ على المناخ والبيئة. وتفاقم المشكلة خلال العقود القليلة القادمة قد يجعل من الحلول الحالية المطروحة عقيمة.