وجدتها: السرقات العلمية
في غياب الرقيب والحسيب واستشراء الفساد في كل مكان، تصبح كلمة الشرف بلا معنى، ويمكن لمن عمل على مدى سنوات طوال في البحث العلمي ألا يدرج اسمه في النشر العلمي لهذا البحث، ويتصدر قائمة أسماء المشاركين لفيف ممن لا علاقة لهم بالبحث.
إن تفاقم مثل هذه الممارسات لا يدل على حالة فردية فحسب، بل هو نوع من الممارسة الواعية لعدم وجود المحاسبة في ظل استشراء هذه الظاهرة.
تدفع هذه الممارسات الباحثين إلى عدم الثقة في المؤسسات البحثية، وقدرتها على حفظ حقوق الباحثين العلمية والمعنوية.
يساعد في مثل هذه الفوضى عدم وجود بنية قانونية حقيقية تحفظ للعاملين العلميين حقوقهم العلمية.
حيث تشير شروط النشر في مجلة جامعة دمشق على سبيل المثال إلى ضرورة أن «يلتزم الباحث بأخلاقيات النشر العلمي والمحافظة على حقوق الآخرين». لكن ما هو الضامن لمثل هذه الحقوق عند النشر الخارجي؟
فرغم أن الفصل الثامن من قانون حماية حقوق المؤلف تضمن العقوبات حيث نصت المادة40: على أنه يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنين وبغرامة لا تقل عن مئة ألف ليرة سورية أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نسب لنفسه مصنفاً ليس من تأليفه. إلا أن ذلك لا ينطبق على النشر الخارجي.
إذ لا ضامن مؤسساتي لحقوق الباحثين في عملهم، لا بل جرت العادة على هضم الحقوق من حيث إدخال أسماء لا علاقة لها بالعمل العلمي، كنوع من المحسوبيات في الوسط العلمي.؟
حيث أن الحقوق الأخلاقية) أو حقوق التأليف) تعني حق المؤلف في أن يوضع اسمه على العمل، وألا ينسب العمل إلى مؤلف آخر، وألا يتعرض العمل للتشويه أو التغيير.
ورغم أن قانون حماية المؤلف لحظ معظم أنواع المؤلفات، إلا أن التأليف العلمي لم يكن ملحوظاً بشكل واضح، خلافاً لكل أنواع التأليف الفني التي فصلت بشكل دقيق فيه.
كما غفل قانون تنظيم الجامعات، ولائحته التنفيذية كذلك، عن شؤون النشر العلمي التفصيلية وترك هذه الأمور دون ترتيبات قانونية واضحة.
إن الضبط الدقيق لحقوق الباحثين في النشر العلمي، وضرورة التحقق من مساهمات كل باحث بشكل واقعي وحقيقي في العمل العلمي، تغدو أكثر فأكثر ضرورة ملحة مع تزايد الفوضى والمحسوبيات في هذا الزمن الراهن.