وجدتها: الأولويات البحثية في الزمن الصعب
حسب إحصائيات وزارة الصحة وصل عدد الإصابات في الربع الأول من هذا العام في اللشمانيا الجلدية إلى 16545 حالة غالبيتها في حلب، وفي التهاب الكبد الوبائي إلى 707 حالات غالبيتها في اللاذقية، وفي التدرن (السّل) إلى 538 حالة غالبيتها في دمشق، هذا وتليها أمراض كالإسهال الحاد الذي وصل إلى 43891 حالة غالبيتها في الحسكة، وغيرها من الأمراض كالانفلونزا والحمى التيفية والمالطية، واللشمانيا الحشوية والنكاف والسعال الديكي، والحصبة والتهاب السحايا الجرثومي.
وهي أرقام قلّ نظيرها في تاريخ وزارة الصحة، وتنتج بغالبيتها عن الأوضاع الناجمة عن الحرب، من سوء الخدمات الصحية في المناطق الساخنة، والفقر الشديد الناجم عن البطالة، وتدهور قيمة العملة السورية.
تفرض ظروف الحرب حصاراً اقتصادياً على العديد من أنواع الدواء، إضافة إلى ارتفاع أسعارها، ناهيك عن خروج معامل الأدوية التي تضررت جراء الأحداث.
إن الضرورات الصحية تفرض علينا نوعاً من تغيير السياسات تجاه المتطلبات الصحية، ويصبح الإنتاج المحلي للدواء واللقاحات ضرورة وطنية قصوى، خاصة مع انتشار وبائيات كادت أن تصبح من المنسيات، أو أنها تنشطت بشكل كبير في الوقت الراهن.
وينسكب جزء كبير من هذه المسؤولية على المؤسسات البحثية الوطنية، التي تتعامل بالشأن الطبي والصيدلاني، من ناحية البحث والإنتاج، وتصبح مهمة الإنتاج شأناً كبيراً، ليس جانبياً أو فرعياً في مراحل البحث العلمي وإنما أساسياً وضرورياً.
وخاصة منع انتشار أمراض لا تشكل علاجاتها جزءاً من الأولويات الدوائية للدول الكبرى المصنعة للدواء، (مرض الجرب نموذجاً)، الذي تشكل السجون بؤرة مصدرة له، ويصبح الخارجون من السجن (مع كل ما عانوه) بؤرة انتشارٍ للمرض في البيئة السكانية المحيطة بهم، ويلاحظ الصيادلة في دمشق مثلاً، الازدياد السريع وغير المسبوق في الطلب على دواء الجرب (حيث يكون الصيدلاني هو الطبيب المشخص للحالة عادة، وهو المشرف على الوصفة الدوائية).
وتتنطح العديد من المؤسسات الأجنبية للدفاع عن الشعب السوري وتدهور حالته الصحية، وفي استغلالٍ لوضع سيئ، ولم تستطع مؤسساتنا الوطنية القيام بدورها كاملاً فيه.
إن القيام بدور المدافع عن النفس، بإنكار وجود وبائيات إعلامياً (كحالة التهاب الكبد الوبائي)، لا يعد حلاً حقيقياً، ومواجهة الواقع بأدوات الاستنفار الصحية القصوى، هو الحل الوحيد في هذا الزمن الصعب.