وجدتها: نوع آخر من الرحيل- وداعاً عدوان
لم يعد رحيل الباحثين السوريين عبر المطارات والمعابر الحدودية على أنواعها هو نوع الرحيل الوحيد، فهناك نوع آخر من الرحيل.
عندما رحل الباحث الدكتور عدوان شهاب يوم الإثنين الماضي، برصاصات عبرت به إلى عالم آخر، رحل معه العالم الذي يحمل نماذج في حياته من معاناة الكثيرين الذين بقوا، لأن قلوبهم نظيفة وعقولهم نظيفة وأيديهم نظيفة.
إنها رسالة عنيفة أن لا تحلموا بالبقاء أيها الباحثون السوريون، فمصيركم هو انعدام الكرامة الإنسانية بسبب تدني الدخل أو البقاء بلا مأوى، ويمكنكم الهرب والهجرة إن استطعتم إليها سبيلاً.
وهناك خيار متاح أيضاً أن تطالكم قذيفة أو رصاصة لا تعرف قيمة هذه العقول التي تحملونها، وإن عرفتها فهي تستهدفها.
إن عملية التطفيش للعقول السورية من خلال عملية الإفقار المتعمد، وضعتهم بين فكي كماشة لا ترحم، إما الهجرة أو الفقر المترافق مع احتمالات التصفية في كل لحظة من لحظات ما تبقى من الحياة.
لم يكن القاتل يعرف أن الدكتور عدوان شهاب هو واحد من أهم العلماء الذين قدموا إنجازات هامة على صعيد البحوث الزراعية ومكافحة الآفات الزراعية والقوارض والتنوع الحيوي وحماية الأنواع المهددة بالانقراض.
لا شك أن طائر أبي منجل ذاك الذي قضى في مراقبته سنوات في بحثه الهام، لا يدري اليوم أن رفيقه قد رحل.
ومجلة وقاية النبات التي كان يعمل على تأسيسها وقضى الشهور في تحضيرات عددها الأول لا تدري الآن أنها فقدت راعيها.
وداعاً عدوان، ونتمنى أن تكون الأخير في سلسلة العلماء السوريين الشباب الذين راحوا ضحية هذه الحرب العمياء.