وجدتها: في الغاية والوسيلة
بعيداً عن الماكيافيللية التي روجت لمقولة «الغاية تبرر الوسيلة»، تبرز في الزمن الصعب مقولات مثل: «في الحرب بين الملائكة والشياطين يربح الشياطين دوماً لأنهم يستخدمون الأسلحة المسموحة والممنوعة»، الطرق الشرعية وغير الشرعية.
لكن تبرز نقطة الارتباط الهامة بين الهدف والوسائل من خلال اشتراط قيمة الوسائل للطابع الأخلاقي للهدف الذي يستخدم تلك الوسائل لتحقيقه، فترتبط قيمة الوسائل بطابع الهدف (فلا وسائل لا أخلاقية لهدف أخلاقي). فالهدف بالذات يحدد الوسائل ولا يبررها
وكل المحاكمات حول تبرير الوسائل تعني في الواقع منح الوسيلة خاصية لا توجد فيها موضوعياً.
ومن حيث الدلالة الأخلاقية فإن هذا النوع من الإجراء الاحتياطي يعني فقط إخفاء متعمداً ومراوغاً للأفعال الأخلاقية بردها إلى سمو وطيب الهدف.
والنتيجة التي يتجسد فيها الهدف هي جوهر المهمة الموكلة للوسيلة. ويؤدي اختيار الوسائل غير الملائمة للهدف إلى نتيجة غير مرغوبة، وهكذا يجري تشويه طبيعة الهدف.
لذا تتكامل موضوعة «الهدف يحدد الوسائل» بصورة متبادلة مع موضوعة «الوسائل تحدد الهدف».
وبتحليل العلاقة المتبادلة بين الهدف والوسيلة يمكن الوصول إلى الاستنتاج بأنه يمكن اعتبار الوسيلة أخلاقية عندما تكون تلك الوسيلة الضرورية والكافية لتحقيق هدف أخلاقي غير متناقضة مع الهدف الأعلى والأسمى ولا تغير طابعه الأخلاقي، أي أننا ندمج ههنا شرطين للاختيار الأخلاقي وهما الفاعلية والقيمة الأخلاقية، مما يسمح لنا بالقول إن جودة الوسائل بهذا الشكل مرتبطة بسماتها الأخلاقية.
في زمن الحرب نفقد الكثير من القيم، ما يجعلنا نخلط المفاهيم، ونقفز في استنتاجات توصلنا إلى نتائج غير سليمة، إن مراجعة عميقة لعلاقة الغاية بالوسيلة، ومدى أخلاقية هذه الأعمال بالارتباط بأهدافها السامية، كفيلة أن تغير الكثير من المعادلات السائدة وترفع الظلم عن آلاف المظلومين.