حقيقة وسائل الإعلام وحرب الدعاية والنظام العالمي الجديد
شنّ الغرب في أيام الحرب الباردة عدة حروب غير شرعية ضد كل من يوغسلافيا وأفغانستان والعراق وليبيا، وقد كان ينوي أن يقوم بالأمر ذاته في سورية. وقد تمكن الغرب من تفادي ردات الفعل المضادة وأن يخلي مسؤوليته في هذه الحروب نظراً لهيمنته على الإعلام الذي تتحكم به الشركات، إضافة لاستفادته من التقبّل السلبي الذي تبديه معظم وسائل الإعلام في العالم للتفسيرات التي يقدمونها للأحداث العالمية
ترجمة وإعداد : نور طه
ومن هنا فإن كلاً من الإعلام البديل* والإعلام الأجنبي يكتسب أهمية كبيرة. خصوصاً وأنه بالنسبة للعديد من الناس في الغرب، فإن الحقيقة الوحيدة التي يمكنهم الحصول عليها تأتي بشكل متزايد من المصادر الإعلامية الأجنبية أو المصادر غير المسيطر عليها من الشركات الكبرى.
أجرت «صوت روسيا»* حديثاً مع السيد ريك روزوف* حول الإعلام والنموذج الحالي حيث بدأت الصحافة تفقد الشرف والمبادئ التي كانت تتمتع بها سابقاً.
- روزوف : إننا نشهد اليوم مشادةً عسكرية كبيرة في بحر الصين الشرقي حيث أعلنت الصين مؤخراً عن منطقة جوية فوق ما تسميه بـ «جزر دياو» وما تسميه اليابان بـ «جزر سينكاكو». وفي هذا المجال، فإننا حين نشير إلى هذه الجزر 100% باسم «سينكاكو» وفق التسمية اليابانية، فإننا نقدم خدمة نموذجية للصحافة الأمريكية.
- المذيع : إن ما نشهده هو نوع من إعادة رسم للخريطة السياسية للعالم، الأمر الذي كان من الممكن في ظروف مغايرة ومعاكسة أن يتسبب بوقوع حرب ما. ولكن هذا لا يعني أن «حرب الافكار» القائمة تقل خطورة عن الحروب السياسية والاقتصادية وو.. إلخ. وهنا أريد أن أسألك: هل تعتقد أن حكومة الولايات المتحدة تشن الآن حرباً على الصحافة والصحفيين، وخاصة أولئك الذين يسعون منهم لكشف الفساد والحقائق، أو على اي أحد يعارض سياستها العامة؟
- روزوف : إن هذا صحيح، وهذا يعيد التذكير مجدداً بأيام الحربين الباردة والعالمية الثانية، فقد كان الصحفيون يتعرضون للسجن والتعذيب والقتل في الفترة التي أصبحت فيها ألمانيا النازية القوة المهيمنة الوحيدة على أوروبا الوسطى، وإننا حالياً نشهد وضعاً أسميه بـ «العهر الصحفي» حيث أني لا أستطيع التفكير بوصف آخر له، حيث أصبحت الصحافة الآن عملاً مربحاً أكثر من كونها مهنة.
وهذه ظاهرة غربية واضحة لجهة انتشار «إعلام الشركات» وتكتّل وسائل إعلام «الترفيه الشامل» التي تدير مواقع إخبارية مفترضة، بحيث تصدر الصحف والبرامج الإخبارية التلفزيونية والإذاعية عن الشركات ذاتها التي تنشر الإعلانات التجارية وأشرطة الفيديو والموسيقا والرسوم الكرتونية. وبالتالي، فإننا لم نعد نحظى بأولئك الصحفيين المستعدين للخروج والقتال من أجل قصة ما لأن هذه الأمور لم تعد تجلب لهم المال بعد الآن.
إن ما يهم اليوم بشكل أساسي هو الإطار الذي ننظر منه إلى ما يحدث حولنا، فما هو الإطار الذي ينظر منه الشخص إلى المشهد العالمي؟ وهل هي نظرةً تقوم على الإنصاف والعدل والسلام والتطور والمساواة، أم لا ؟ فإذا كانت هذه النظرة نحو العالم ناشئة على الأسس التي تبتغيها وتروج لها الصحافة الأمريكية والفرنسية والبريطانية والألمانية، فإنها ستكون نظرة محدودة وضيقة ومتحيزة ولا تمثل واقع العالم أوحقيقة أخباره. وهنا أريد التذكير بنقطة مركزية أخرى، فأنا أعتقد أن الناس يتجاهلون حقيقة امتلاك الحكومة الأمريكية لصحافةٍ مطيعة، بما في ذلك وكالتا «أسوشيتد برس» و «رويترز» رغم إدعائهم الاستقلالية. ولا ننسى هنا بالطبع ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية من مراقبةٍ واسعة طالت كل مكالمة هاتفية وكل ضربة مفتاح وكل زيارة يقوم بها أي أحد على هذا الكوكب. إن هذا أمرٌ مخيف بحق، ومن الجدير بالذكر أن الشخص المسؤول عن «وكالة الأمن الوطني» هو الجنرال كيث الكسندر، وهو الشخص ذاته الذي كان مسؤولاً عن «قيادة الفضاء الإلكتروني الأمريكية»، وينبغي لهذا الأمر أن ينبه الناس إلى أن ما نتعامل معه الآن ما هو إلا نمطٌ جديد من العمليات القتالية. وهو تحديداً ما يسميه البنتاغون بالحرب الإلكترونية، أو الميدان الخامس للمعارك بعد ميادين البر والبحر والجو والفضاء.
- المذيع : ويبدو في حالتنا الراهنة أن هذه المعركة لم تعد تستهدف الجيوش والحكومات فحسب، بل إنها باتت تستهدفنا أنا وأنت.
عن موقع «جلوبال ريسيرتش»
هوامش :
ريك روزوف* : مدير موقع «أوقفوا الناتو» ومراسل لموقع «جلوبال ريسيرتش».
الإعلام البديل* : وسائل الإعلام المختلفة من صحف وإذاعة وتلفزيون ومجلات وأفلام وإنترنت.. إلخ، والتي توفّر معلومات بديلة للإعلام في سياق معين، سواء كان هذا الإعلام تجارياً أو مدعوماً من الجماهير أو حتى مملوكاً من الحكومة.
صوت روسيا* : إذاعة حكومية تقوم ببث برامجها إلى مختلف بلدان العالم.