روح العصر .. روح التغيير

روح العصر .. روح التغيير

«يوهمنا النظام الذي نعيش فيه بأننا عجزة ضعفاء في مجتمع شرير متحكم، إنها كذبة كونية كبيرة، نحن في الحقيقة استثنائيون، جميلون، أقوياء، ولا يوجد سبب يمنعنا من فهم حقيقة من نحن حقاً وإلى أين نتجه،

لا يوجد سبب يمنع الفرد العادي من أن يكون مفوضاُ بشكل كامل، فنحن كائنات عظيمة للغاية» – من سلسلة أفلام «روح العصر».

سمع الكثيرون بهذا المصطلح، وتناقلته المنابر الالكترونية بحماسة شديدة منذ أواخر العقد الماضي، مما عرضه بحكم العادة للتشويه في البينة والمضمون وربطته بعض المراكز الثقافية العربية القاصرة فكرياً بالحركة الماسونية العالمية في إطار عواصف «الفوبيا الماسونية»  التي تربط جميع الظواهر الفكرية الغريبة عن مجتمعاتنا فوراً وبحماسة بدوية ودون تمحيص بالفكر الماسوني «المتآمر» فتراجعت من الأذهان حقيقة ارتباط هذه الحركة الاجتماعية بمبادئ اقتصاد الأرض والحفاظ على مواردها والتهيئة لنظام اجتماعي جديد بأفكار علمية الطابع تضع مصلحة الإنسان ورفاهه في المقام الاول.
على كل حال كان النجاح الذي حققته سلسلة أفلام (أو وثائقيات) تزايجاست، للمخرج الأمريكي بيتر جوزيف، الأثر البالغ في تأسيس-سنة 2008- واحدة من أوسع الحركات العالمية نشاطا، وأكثرها بعثاً للأمل إن صح القول، فقد تم استيحاء حركة زايتجايست من خلال الاستجابة الاجتماعية لأفلام «زايتجايست» و «زايتجايست – الملحق».
كلمة تزايجاست ألمانية الأصل و تتكون من كلمتين zeit وهي تعني عصر و geistالتي تعني روح، والمعنى المقصود هو القيم السائدة بين الناس، نظام القيم الأخلاقية، السياسية، الاقتصادية، والأخلاقية القائمة في حقبة تاريخية معينة، ومن أسباب ظهور حركة روح العصر هي الأزمة الخانقة التي عصفت وما زالت تعصف بالاقتصاد العالمي و تطيح بالدول الواحدة تلو الأخرى. لكن ما يميز الحركة عن الحركات الأخرى التي تنشد المساواة هي أنها لا تقف عند جرد المشاكل العالمية وانتقاد أسبابها، بل تحاول البحث وتقديم حلول لكل هذه المشاكل، والاقتصاد القائم على الموارد و«مشروع فينوس» هي بعض هذه الحلول التي تتبناها الحركة. فالحركة تنشد التغيير الفكري الذي يقودنا إلى حضارة متحابة ومتعاونة، بدل الصراعات والحروب المتعاقبة، طريقة التفكير هذه تعتمد بالأساس على المصلحة العامة وخدمة الجميع، وبالتالي وصفت الحركة نفسها بأنها منظمة دعم الاستدامة، وترى بأنها الذراع الناشط  لمشروع فينوس الذي أوجده المصمم الصناعي والمنظم الاجتماعي «جاك فريسكو».
يعرض مشروع فينوس صورة بديله لحضارة عالمية متينة على عكس أي نظام سياسي، اقتصادي، واجتماعي قد سبقه. إنه يصور زمناً في المستقبل القريب يكون خالياً من المال، السياسة والمصالح الشخصية والقومية، وبالرغم من أن هذه الصورة ستظهر كمثالية، إلا أنها تستند في الواقع على سنين من الأبحاث التجريبية. والمشروع يجمع ما بين التعليم، المواصلات، موارد الطاقة النظيفة وحتى نظام مدينه شامل في استثمار واسع الطيف لمنجزات التقدم العلمي والتكنولوجي.
قد يصف البعض هذه الحركة الفكرية بالخيالية ويتهمها بالبعد عن الواقعية في التحليل والتخطيط لكن هذه الحركة تنظر إلى الأمر من زاوية أخرى تحت شعار: «لسنا هنا لنقول لك كيف ستنتهي الأمور في النهاية نحن هنا لنقول لك كيف بإمكانها أن تبدأ»، لذا تستحق هذه الحركة القسط العادل من الدراسة من المؤسسات الاقتصادية - الاجتماعية في منطقتنا وإلى تعريف مناسب يبتعد عن الأحكام المسبقة والتحليل السطحي لما تسعى تلك الموجة الاجتماعية لتحقيقه من أهداف.